علامة البِر والإثم

0 4٬044

علي سندة  |

لكل شيء علامة وآية يعرف من خلالها، والبِر والإثم مصطلحان كبيران يحيطان بالكثير من الأفعال المصاحبة للإنسان، التي تحتاج ضبطًا لتكون بابًا للوصول إلى النجاة من الدنيا والفوز بالآخرة وحسن الختام، والسؤال الذي يفرض نفسه: ما علامة البِر؟ وما علامة الإثم؟ وبسؤال آخر كيف يعرف المرء أن فعله الذي ارتكبه في ميزان البِر أو في ميزان الإثم؟

يروي الإمام مسلم، عن النَّوَّاسِ بنِ سمعانَ رضي اللَّه عنه قَالَ: سأَلتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عنِ البِرِّ والإِثمِ فقالَ: “البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ، والإِثمُ: مَا حاكَ فِي نَفْسِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلعَ عَلَيْهِ النَّاسُ”.

إن علامة البِر لخَّصها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن الخُلق، وعلامة الإثم لخَّصها بما يدور في خلد المرء ويكره أن يطلع عليه الناس، فالفعل الحسن يحب المرء أن يجاهر به ومألوف لدى الناس ويحبون رؤيته، بعكس الفعل السيء الذي يدور في خاطر المرء ويخشى أن يعرفه الناس كيلا يفتضح أمره، كون الفعل السيء منافٍ للمجتمع وعاداته وغير مرغوب به وهدفه الشر لا الخير.

اقرأ أيضاً: انقطاع الدعم عن مركز زردنا الصحي يهدد 40 ألف نسمة

وبما أن علامة البِر هو حسن الخُلق، فلا أدلَّ عليه من خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وصفه الله في القرآن بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]

والخُلق العظيم الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم هو (القرآن) يفعل ما أمره الله به، وينتهي عمَّا أمره الله بتركه، وحُسن الخُلق أيضًا مصطلح واسع وكبير، لكن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح لنا بعضًا منه، يقول أنس: ” ما مَسِسْتُ دِيباجًا ولَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، وَلَا شَمَمْتُ رائحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِن رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، وَلَقَدْ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عشْرَ سِنينَ، فَما قالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلا قالَ لِشَيْءٍ فَعلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟ وَلَا لشيءٍ لَمْ افعَلْهُ: أَلَا فَعَلْتَ كَذا؟ متفقٌ عليه.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

وعن عبد اللَّهِ بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: “لَمْ يَكُنْ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وكانَ يَقُولُ: “إِنَّ مِن خِيارِكُم أَحْسَنَكُم أَخْلاقًا “متفقٌ عَلَيْهِ.

جزاءُ البِر والإثم يوم القيامة:

لكل عمل جزاء، وعلامة البِر كما تقدم هو حسن خُلق المرء، فإن كانت أفعاله حسنة مع ربه بفعل ما أمره والنهي عمَّا نهاه، ومع نفسه بألا يجعلها آثمة فاحشة ويهذبها ويحاسبها كلما شعر أنه دنا من الخطأ، ومع المحيطين حوله بألَّا يفعل ما يسوءهم، كان ميزان حسن خُلقه يوم القيامة ثقيلًا عن الله، وإن كان آثمًا بأفعاله كان عند الله من المبغوضين يوم القيامة، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو الدرداءِ رضي اللَّه عنه: أَن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: “مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ. وإِنَّ اللَّه يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيِّ” رواه الترمذي والحديث حسن صحيح.

والبذيء: من يتكلم بالفحش وسيئ الكلام ورديئه.

وأخيرًا: حسب المرء أن يعرف علامة البِر بأفعاله الحسنة وأخلاقه التي تتسق مع الدين والذوق العام، ومتى دار في خلده شك من فعل ما وتساءل في نفسه أنه إن أظهره سخط عليه الناس واستاؤوا منه فهو فعل آثم.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط