غاية بايدن من تمديد حالة الطوارئ الأمريكية تجاه سورية

علي سندة

0 685

علي سندة

أخبر بايدن الكونغرس الأمريكي يوم الخميس الماضي 6 أيار الحالي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية الأمريكية الخاصة بسورية لمدة عام كامل، في خطوة تعدُّ الأولى له حيال الملف السوري منذ استلامه السلطة، فهل نشهد قرارات فعَّالة على نظام الأسد وداعميه تنهي مأساة السوريين، أم أن حالة التمديد شكلية لا قيمة لها لتمديدها سابقًا من قِبل أسلافه دون جدوى تُذكر؟!

إن تمديد حالة الطوارئ الأمريكية تجاه سورية ليست الأولى من نوعها، إذ تعود إلى ما قبل الثورة السورية حيث العام 2004 لتدخل نظام الأسد بلبنان وقتها، وهي لا تخرج عن فرض عقوبات على الأفراد وتجميد ممتلكات ومصالح لحكومة نظام الأسد، فضلًا عن منع الأمريكيين من الاستثمار بسورية، وعقوبات قانون قيصر الأخيرة تدخل ضمنها، وكان سابقًا كل رئيس أمريكي يمدد حالة الطوارئ يبرر سبب التمديد، وقد برر بايدن بتمديده الأخير أن النظام السوري يشكل خطورة على الأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية، ويهدد الاقتصاد الأمريكي، بل ويقوض الجهود الأمريكية والدولية لإعادة إعمار العراق ويقتل السوريين.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

إن قرار بايدن السابق يُقرَأ من غايتين، الغاية الأولى: يُستشف منه بداية تحركه بالملف السوري، وربما يُتبعه بتحريك ملف عقوبات قانون قيصر بإصدار لوائح عقوبات جديدة تزيد من تضييق الخناق على نظام الأسد، ضمن نهج أمريكا لإجباره على تنفيذ القرار 2254، وهو رسالة للدول التي تسعى لتعويم نظام الأسد دوليًا أن موقف أمريكا تجاه الأسد لم يتغير مع وصول بايدن للسلطة، وهو تأكيد أمريكي أن الانتخابات الرئاسية السورية التي يعتزم نظام الأسد إجراءها هذا الشهر غير شرعية.

وقد تزامن قرار بايدن بتمديد حالة الطوارئ مع تقرير لمفوضة نزع السلاح التابع للأمم المتحدة باكتشاف مادة كيميائية حربية غير مُعلن عنها في موقع سوري ينتج فيه الأسد أسلحة كيميائية، وربما هي خطوة لمعاقبته وإنهاء حالة الصبر الأمريكي المتعمَّدة التي ربما ستنفجر فجأة عندما ترى أمريكا مصلحتها الحقيقية بإنهاء الأسد.

الغاية الأخرى: يستشف منها أن تمديد حالة الطوارئ الأمريكية تجاه سورية لا تخرج عن التمديدات السابقة زمن ترامب ومن قبله أوباما مع اختلاف أسباب التمديد والعقوبات، ذلك أنها إلى الآن لم تردع نظام الأسد عن إسقاط برميل متفجر فوق رؤوس السوريين رغم ادعاء بايدن أن نظام الأسد يشكل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي، وأيضًا لأن العقوبات المصاحبة لم تجفف مصادر الدعم وتضيق الخناق على نظام الأسد وتجبره على تنفيذ القرار 2254، بل إن بواخر النفط الإيرانية تصله بحماية روسية، ومايزال نظام الأسد متكيفًا مع كل العقوبات منذ عام 2004، وبالتالي قرار التمديد لعب أمريكي للاستمرار بدعم (قسد) واستثمار النفط السوري عن طريقها فضلًا عن إزعاج تركيا الدائم، ومواجهة روسيا وإيران بسورية.

اقرأ أيضاً: السعودية تحسم الجدل حول زيارة دمشق للتطبيع مع الأسد

والخلاصة أن الرغبة الدولية ستبقى مستمرة بالإبقاء على نظام الأسد كون الدول المتصارعة ما تزال تعتاش على بقائه، ولم تتوصل بعد إلى حل بينها يُحافظ على مصالحها ويُفضي إلى إنهاء الأسد، بدليل بقاء الخريطة السورية على حالها بين المتصارعين، ومسرحية الانتخابات الرئاسية التي ستجري ضمن هذا الشهر لإبقاء الأسد على كرسي السلطة سبعة أعوام أخرى، لكن تبقى الأيام كفيلة بإماطة اللثام عن نوايا بايدن وجديته بالتعامل مع الملف السوري، فأُولى تحركاته كانت بتمديد حالة الطوارئ الأمريكية التي أتت ضمن شكل روتيني لانتهاء المدة، لكنها ربما تتطور إلى أفعال حقيقية حال وجود شيء ملموس يفضي إلى إنهاء شرعية الأسد حقيقةً وليس كلامًا.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط