في مواجهة الخطر الصامت: فرق الخوذ البيضاء تزيل الموت المزروع في الأرض

عبد الله عز الدين

1٬309

رغم تراجع وتيرة القتال في المناطق السورية، لا يزال المدنيون يعيشون في ظل تهديد دائم ناجم عن مخلفات الحرب التي خلفتها سنوات طويلة من الصراع. هذه المخلفات لا تفرّق بين مقاتل ومدني، ولا بين طفل ومزارع، بل تحصد الأرواح وتعيق سبل العيش والاستقرار.

في حديث خاص لـ”حبر” بمناسبة اليوم الدولي للتوعية من مخلفات الحرب أوضح محمد سامي المحمد، منسق برنامج إزالة مخلفات الحرب في منظمة الخوذ البيضاء، أبرز جوانب هذا التهديد المستمر، والدور الذي تقوم به فرق الإزالة، بالإضافة إلى أهمية التوعية المجتمعية والإجراءات الوقائية التي يمكن أن يتبعها المواطنون للنجاة من هذا الخطر.

مخلفات قاتلة في كل زاوية
يقول المحمد إن أنواع مخلفات الحرب التي لا تزال تهدد حياة المدنيين في سوريا تشمل:

الألغام الأرضية المضادة للأفراد والمركبات،

الذخائر العنقودية التي لم تنفجر بعد،

العبوات الناسفة اليدوية الصنع (IEDs)،

القذائف غير المنفجرة مثل قذائف المدفعية والهاون،

إضافة إلى الذخائر المتروكة في المقرات العسكرية المهجورة أو مناطق الاشتباكات السابقة.

وأوضح أن هذه المخلفات منتشرة في المناطق الزراعية والطرقات والمباني السكنية المدمرة، وهو ما يشكل خطراً يومياً على السكان، لا سيما الأطفال والمزارعين والعائدين إلى قراهم بعد النزوح.

فرق الإزالة: الخط الأمامي لإنقاذ الأرواح
أشار المحمد إلى أن فرق إزالة الألغام التابعة للخوذ البيضاء تلعب دوراً حيوياً في إنقاذ الأرواح يومياً، حيث تقوم بـ:

تحديد وتطهير المناطق الملوثة بمخلفات الحرب،

تأمين المدارس والمنازل والمزارع والطرقات،

الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ عند العثور على أجسام مشبوهة،

جمع وتحليل البيانات لتوجيه جهود التطهير بشكل أكثر فعالية.

وأكد أن هذه الجهود لا تقتصر على إزالة الخطر الآني فحسب، بل تسهم في تهيئة بيئة آمنة تسهل العودة إلى الحياة الطبيعية وتعزز الاستقرار وإعادة الإعمار.

التوعية المجتمعية: حماية تبدأ من المعرفة
وشدّد المحمد على أن التوعية المجتمعية تُعد عاملاً أساسياً في الحد من عدد ضحايا مخلفات الحرب، حيث ترفع الوعي حول أشكال الذخائر ومخاطرها، وتُعلّم السكان التصرف السليم عند مواجهتها.

وأضاف: “الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر، لذا نركّز على توعيتهم بشكل خاص، إذ قد ينجذبون لشكل الذخائر ويعتبرونها لعبة دون إدراك العواقب.”

اقرأ أيضاً: وول ستريت جورنال: إسرائيل تتوغّل خارج المنطقة العازلة وتحتل…

التوعية المجتمعية تعزز أيضاً من حسّ المسؤولية الجماعية، بحيث يصبح كل فرد قادراً على حماية نفسه وأسرته، بل والمساهمة في نقل هذه المعارف لغيره، مما يخلق مجتمعاً أكثر أماناً.

إجراءات وقائية… قد تنقذ حياة
ينصح منسق البرنامج باتباع جملة من الإجراءات المهمة لتجنّب الوقوع ضحية لمخلفات الحرب، وهي:

عدم لمس أو الاقتراب من أي جسم غريب أو مشبوه،

استخدام الطرق المعروفة والآمنة، وتجنّب الحقول أو الأبنية المهجورة،

الإبلاغ الفوري عن أي جسم مشبوه لفرق الاستجابة أو الجهات المحلية،

توعية الأطفال وتحذيرهم من اللعب في الأماكن المفتوحة أو غير المعروفة،

المشاركة في جلسات التوعية المجتمعية، والمساهمة في نشر المعلومات.

وفي ظل استمرار وجود آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة في أنحاء مختلفة من سوريا، تبقى الجهود الجماعية والتعاون بين فرق الإزالة والمجتمعات المحلية السبيل الأمثل لمواجهة هذا التهديد الصامت. وما لم يُستكمل العمل على إزالة هذه المخاطر وتعزيز الوعي بها، سيظل الموت كامنًا في التراب، بانتظار ضحية جديدة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط