يعاني سكان مخيمات الشمال السوري المحرر من صعوبة العيش في الخيام التي تتجدد معاناتهم معها كل عام، خاصة بفصل الشتاء حيث تغرق بهم تلك الخيام جرَّاء السيول التي تتشكل بفعل المنخفضات الجوية، ثم يتذوق الأهالي بعدها لهيب الحرّ صيفًا، في مشهد مايزال يتكرر منذ عدة أعوام، وسط نداءات استغاثة يطلقها الأهالي للمنظمات الإنسانية لإخراجهم من معاناتهم الدائمة.
مشروع إيواء قرية شريان الحياة
منظمة (بنيان) إحدى المنظمات العاملة في الداخل السوري، استجابت لنداء النازحين وأطلقت مشروع “قرية شريان الحياة” بهدف تأمين شقق سكنية لأهالي المخيمات في منطقة (الباب).
صحيفة (حبر) التقت المهندس القائم على المشروع (هيصر عاقل)؛ الذي حدثنا بدايةً عن المنطقة المستهدفة بالمشروع بقوله: “المشروع أُطلق استجابة لنداء أهالي المخيمات في منطقة الباب، لتأمين شقق سكنية دائمة لهم، والمشروع يقع في أرضٍ فارغة بالقرب من مخيَّم للمهجرين، في منطقة (سوسيان) التابعة للباب شمال حلب بمساحة تبلغ 15 ألف متر”.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام بالضغط هنا
(شريان الحياة) نموذج لقرية مصغَّرة
يضم مشروع قرية (شريان الحياة) في أرضه كما شرحها المهندس (عاقل) بقوله: “المشروع هو نموذج مصغَّر عن قرية سكنية تضم في شوارعها شققًا سكنية، وجامعًا، ومدرسةً، وكل ما يجعلها نموذجًا كاملًا لقرية دون نقصان شيء، وكل المرافق والوحدات السكنية تقع داخل بوابة رئيسة.”
مواصفات المرافق الموجودة في قرية شريان الحياة
يشرح المهندس (عاقل) عن الشقق السكنية بأن ” المشروع يتكون من 98 شقة سكنية تتراوح مساحة الواحدة منها 32 متر مربع، وتضم غرفتين ومطبخ بوفيه وحمام، W.C، وأُضيف لكل كتلة سكنية صرف صحي كامل ومخدَّم، وكلها تؤدي إلى جورة تجميعية للصرف الصحي كبيرة ذات أبعاد من 6 إلى 16 مترًا بعمق خمسة أمتار، وبالنسبة إلى الشقق شارفنا على الانتهاء منها وبقي الأبواب.
وبالإضافة إلى الشقق السكنية هنالك مدرسة لتعليم الأطفال بقرية شريان الحياة، وهي عبارة عن طابقين بمساحة 290 × 290، وفي كل طابق ستة صفوف وغرفتي إدارة، ليصبح مجموع الغرف في الطابقين 16 غرفة، بالإضافة إلى الحمامات، وحديقة وسور يحيط بها.
وتضم قرية شريان الحياة جامعًا مكونًا من طابقين، مساحة الطابق الأرضي 210 أمتار، أما مساحة الطابق العلوي 100 متر، وقد شارفنا على الانتهاء منه”.
وللقرية بئر للمياه الحلوة حُفِر على عمق 10 أمتار ليكون خزان مياه صالحة للشرب بسعة 40 متر مكعب، يتم تعبئته بالضخ وشبكة خاصة لتمديد المياه إلى الخزانات الخاصة بكل شقة سكنية وبالمدرسة والجامع”.
اقرأ أيضاً: آستانة 15.. هل تلبي تطلعات الشعب السوري أم تخدم الأسد
وعن المشروع أيضاً يقول الأستاذ صهيب إدريس ممثل منظمة شريان الحياة الماليزية في سورية: “إن فكرة المشروع في البداية كانت بناء مدرسة فقط، لا سيما أن أحد أبرز اهتمامات المنظمة الماليزية هي في مجال التعليم، ولكن مع الشعور بالحاجة الكبيرة لتأمين المأوى بسبب ما تعانيه المخيمات من آثار الشتاء (الأمطار والثلوج والفيضانات وغرق الخيام) تمّ تعديل المشروع ليصبح قرية سكنية.
تم التأسيس لقرية ستضم مئة شقة سكنىة ومسجد ومدرسة، والمدرسة ستكون معدّة لتغطية حاجة القرية والمنطقة المحيطة بها، فهي تستوعب 1200 تلميذ.
وهدف المشروع أن يكون أيقونة للشعب الماليزي والعلاقة الأخوية التي تجمعه بالسوريين لتستفيد منه المنظمة بالتعريف بالقضية السورية بشكل أكبر في ماليزيا، لذلك تم بناؤه بطريقة تشبه طريقة البناء الماليزية وخاصة بالنسبة للمسجد، وهناك إرادة لدى المنظمة من أجل أن يتوسع المشروع ويصبح أكبر، لذلك تم إنشاء المسجد ليتسع ل 1500 شخص، والمدرسة ل 1200 تلميذ، وهو أكبر من الاحتياج الحالي.
تطمح شريان الحياة بعد أن انتهت من هذا المشروع كما أخبرنا الأستاذ صهيب بتوسعته ليصبح 500 شقة سكنية، ويهدف ليكون متكامل من ناحية الخدمات الصحية والتعليمية والتجارية والاستثمارية في مراحل لاحقة ضمن الخطة التي وضعتها منظمة شريان الحياة الماليزية.
المشروع قارب على الانتهاء، ولم يتبقَ منه سوى القليل لتسليم الشقق لأصحابها في شهر آذار المقبل، بحسب ما أكده لنا المهندس المشرف، وأخبرنا بأن “توزيع الشقق سيكون حسب الحاجة وشروط الاستحقاق، وذلك ضمن شروط محددة مثل (العمر، الأرملة، عدد الأولاد، ذوي الاحتياجات الخاصة)، ويكون التسجيل بتعاون ما بين المجلس المحلي، والمنظمة للتأكد من استبيان كل فرد”.
وتسعى منظمة (بنيان) لاستهداف عدد أكبر من قاطني المخيمات بمشروع مشابه وفي مناطق مختلفة.