لا نستطيع أن نتقبل الطغيان، ولن نفعل

سماح حرح

0 2٬045

مقال ورسم | سماح حرح – السويد

تشير توصيات الصحة العقلية إلى أنه إذا كان هناك شيء لا يمكنك تغييره، فتقبله.  لكن هل يمكنك أن تخبرني كيف أقبل الأشياء الظالمة في الحياة، الأشياء الواضحة في ظلمها وطغيانها، كيف من الممكن أن نقبل أن هناك رئيس مجرم كالأسد قد عذّب وقتل أكثر من مليون شخص، والآن يريد العالم بكل بساطة أن يغفر له على ذلك، بل ويعطيه الشرعية.

احتفل الاسد بفوزه في “انتخابات مزيفة” بنسبة 95٪، بعد أن أُجبر الناس على التزام الصمت وقهرهم عندما شاهدوا ما حدث لمن تجرأ على قول لا في وجهه.  الآن تستمر الحياة رغم كل شيء وهذا الشيء لا يمكنني تغييره!! ومن أجل صحتي العقلية يجب أن أتقبله وأنسى كل أصدقائي والناس الابرياء الذين فقدوا حياتهم، كل أحلامي التي فقدتها وعشرة سنوات من حياتي كيف أنساها! كل الخوف الذي عشت فيه كيف أنساه! كيف أنسى كل ذلك، وهو لم يتوقف بعد فوزه عن اعتقال كل من كان ضده، وعن تشريد الناس وتعذيبهم، يريد أن ينظف البلد من كل من لديه فكرة ضده.

اقرأ أيضاً: النظام يسلم منصباً مهماً لأمير سابق في جبهة النصرة

 قل لي كيف أنسى الخوف على نفسي وعلى من أحب.  كيف أتعامل مع ذلك وقد قررت بعض الدول أن سوريا آمنة معه، والآن حان وقت العودة إليه.

فقط أخبرني كيف أتوقف عن التفكير في الأمر وتقبله ببساطة لأن الحياة ليست عادلة، وعلينا أن نتأقلم معها من أجل سلامتنا العقلية، باعتبار أننا لا نستطيع تغييرها.

أخبرني كيف سأقبل العنصريين الذين يعتقدون أن ألمي لا قيمة له وأنني جئت لأخذ الهواء الذي أتنفسه منهم وأنهم يستحقونه أكثر مني.

أشعر بهذا الشعور مثل وينستون سميث في نهاية رواية جورج أورويل عام 1984.  عندما بكى لأنهم أخذوا منه كل شيء، سُلب منه حتى إحساسه بعدم قبول الأخ الأكبر.  لقد أخذوا أصدقاءه الذين ماتوا في السجون، وسلبوا منه أحلامه عن الحرية وسعيه للأمان وحرية التفكير، سلبوا من الناس القدرة على اختيار حياتهم التي يريدونها.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

في النهاية بكى لأنه شعر بالسعادة بانتصار الأخ الأكبر في حربه المزيفة.  لقد أخذوا منه كل ما يجعله يشعر بأنه إنسان.

نحن هنا نؤمن أن الأمر مختلف، ونؤمن بالجنون بالقدر الكافي لجعل الصحة العقلية هي في الانتفاض في وجه من يظلمك، في ألا تسامحهم ولا تغفر لهم، لأن استعادة الحقوق هو ما يعطي للحياة معناها، (ولكم في القصاص حياة) إن الجنون الذي يظهر للانتقام من المجرمين والقتلة هو أعلى مظاهر العقلانية الممكنة، أمّا أن تبتسم وتتقبل من يقتل طفلك وأخاك، عندها ستكون جننت بحق، وفقدت عقلك بحق، ولن تعود لك صحتك العقلية إلا عندما ينصفك العالم، وتأخذ كل حقوقك أو تموت وأن تطالب بها، ولتذهب التوصيات إلى جحيم يليق بها.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط