ماذا وراء التصعيد الروسي؟!

0 2٬013

علاء العلي

ملفات أمنية وعسكرية واقتصادية هذه الأيام تدفع روسيا وأمريكا المختلفتين على قضايا وملفات عديدة منها أوكرانيا والقرم وليبيا، وخاصة سورية لتباين في وجهات النظر من حيث مشروعية الوجود فوق الأراضي السورية وعقدة الانفراجة السياسية، كل ذلك شكل سيل اتهامات كبيرة متبادلة، تظهر فيهما الدولتان بحلبة صراع على النفوذ والثروات النفطية، تحت حجج مكافحة الإرهاب حينًا، و دعم حكومة شرعية حينًا آخر، وربما الأهم تمرير صفقات مع نظام الأسد، ليصبح للروس موطئ قدم على سواحل المتوسط ، تنذر بتهديدات مباشرة لدول الناتو بأسرها.

 

تسعى روسيا من خلال اللقاء القريب الذي سيجمع زعيمها بالرئيس الأمريكي جو بايدن في جنيف لفرض نظريات الحل لمشكلات القضية السورية، من حيث شرعية نظام حليفها (نظام الأسد)، ورغبتها بتمرير المساعدات الأممية للنازحين عبر نظام الأسد ليشرف على توزيعها خاصة أن مدة إدخالها عبر معبر باب الهوى الوحيد شارفت على الانتهاء، وصولًا إلى مصير آبار النفط شرق الفرات، وتمكين قوات سورية الديمقراطية (قسد) من الاستفادة من جزء من هذه الأموال وفرض فدرلة سياسية عرقية تسعى لها أمريكا وتحاربها موسكو كما تدعي!

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

تلجأ روسيا كما جرت العادة قبل أي لقاء سياسي، إلى تصعيد ميداني عسكري، يشكل ضاغطًا على دول الإتحاد الأوروبي، لإجباره على تقبل صيغة الحل الروسي المرفوض بالمطلق من هذه الدول، حيث أجرت غارات عنيفة تعرضت لها أرياف إدلب من مقاتلات روسية ومدفعية ليزرية حديثة، تسببت في مجازر نتج عنها بدء موجة هجرة مزعجة لتركيا ومن ورائها دول حلف الناتو.

الضغط العسكري الروسي يشكل في أحد أبعاده رسالة موجَّهة لتركيا التي يتأهب زعيمها اردوغان للقاء بايدن في 14 الشهر الجاري وسط تناغم أمريكي تركي ، يعطي مؤشرات إيجابية قد تفتح مقاربات مؤثرة وحقيقية بما يتعلق بقضايا ذات صلة، كصفقة S400 الروسية معها، وإمكانية علاج كل ما يعيق عمل منظومة صواريخ الناتو ومقاتلاته الحربية، وإبقاء تدفق المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى دون تدخل نظام دمشق، وكذلك مصير شمال غرب سورية وإمكانية فرض وقف شامل لإطلاق النار كون روسيا ماتزال تخل ببنوده بعد اتفاق 5آذار الفائت، بل وترغب  بأن تسيِّر دورياتها على طريقي M4 و M5 والبدء بانفراجة اقتصادية.

اقرأ أيضاً: روسيا وأمريكا.. حلول المصالح

التسخين العسكري الروسي ما هو إلا تحسين شروط تفاوض عملياتي بما يخص الميدان السوري، فروسيا تعتقد أن البلطجة الدولية وحدها من تروض الآخرين، وقصف المدنيين السوريين هو السبيل الأجدر للضغط، لكنه في حقيقته تعبير عن حالة الفشل المدوي الذي تلقته روسيا من الدول العربية بعد اعتراضها على تدوير حليفها.

إن أي صيغة توافق تركي أمريكي، إن تحققت، ستضعف الموقف الروسي بشكل فاعل ومباشر، وستبدد آماله في آبار النفط التي ترى فيها روسيا تعويضًا عن خسائرها، وستلغي بالمحصلة مجهود محور أستانة في نسخته ال16 الذي ما زالت تلوح به روسيا، لتنطلق هذه الدول بصفقة جديدة يظهر فيه الأمريكي أكثر حزمًا من ذي قبل.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط