محاولة اغتيال الصحفي أسامة الخلف في جرمانا تُثير موجة استياء واسعة

علي علولو

30

تعرض الصحفي السوري أسامة الخلف مساء 10 يناير 2025 لاعتداء عنيف ومحاولة قتل أثناء عمله على إعداد تقرير صحفي في منطقة جرمانا بريف دمشق، التي تسيطر عليها أمنياً مجموعات مسلحة تتبع تنظيمياً لفصائل عسكرية في السويداء.

بدأت الحادثة عندما توجه الخلف إلى المنطقة لتوثيق مبادرات سكان الحي لحماية أنفسهم. ولكن الأمور أخذت منعطفاً مأساوياً عندما أرشد إلى طريق مغلق أثناء استفساره عن موقع اللجنة الإدارية المسؤولة عن الحي. وعند محاولته العودة، واجه محاولة اعتداء خطيرة من قِبل شاب مسلح اقترب من سيارته وحاول فتح الباب تحت تهديد مسدس، مطالباً إياه بالترجل.

حاول الخلف حماية نفسه بإغلاق الأبواب ورفع النوافذ، إلا أن المعتدي قام بتعطيل عجلات السيارة باستخدام أداة حادة. وسط تصاعد الخطر، اضطر الخلف إلى استخدام سلاح كان قد تركه أحد أصدقائه في السيارة، فأطلق رصاصتين في الهواء كنداء استغاثة.

اقرأ أيضاً: انخفاض الأسعار وزيادة الرواتب.. بداية عهد جديد لتحسين معيشة…

بدلاً من تقديم المساعدة، تجمع عشرات من سكان الحي وانهالوا عليه بالضرب، مبررين تصرفهم باستخدامه للسلاح. لاحقاً، اقتادوه مع المعتدي إلى مخفر جرمانا، حيث تعرض لمزيد من الانتهاكات. وأوضح الخلف أنه خلال نقله إلى المخفر، حاول المعتدي خنقه بالأصفاد داخل السيارة، مصحوباً بإهانات وتهديدات ذات طابع مناطقي يحض على الكراهية.

في المخفر، لم تُعالج القضية بالجدية المطلوبة؛ إذ بررت الشرطة سلوك المعتدي بأنه كان “تحت تأثير الكحول”، وأطلقت سراحه دون اتخاذ أي إجراءات قانونية. في المقابل، نُقل الخلف إلى المستشفى لتلقي العلاج من إصابات شديدة شملت رضوضاً في يده وأجزاء أخرى من جسده.

غضب شعبي ودعوات لمحاسبة المعتدين
أثارت الحادثة موجة استياء واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث دعا ناشطون إلى محاسبة المتورطين وسحب السلاح من المجموعات المسلحة. وأشار بعض المعلقين إلى أن الحادثة تعكس استمرار نفوذ فلول النظام السابق في بعض المناطق، بينما التزمت الصفحات الرسمية للطائفة الدرزية بالصمت، مما أثار العديد من التساؤلات.

تحركات حكومية لفرض سيادة القانون
في تطور لاحق، أبدت الحكومة السورية الجديدة اهتماماً بالحادثة، حيث تواصلت الجهات المعنية مع الصحفي أسامة الخلف ووعدت بفتح تحقيق شامل ومحاسبة المتورطين. ويأتي هذا التحرك ضمن جهود الحكومة لفرض سيادة القانون وحماية الصحفيين في ظل بيئة عمل لا تزال محفوفة بالمخاطر.

مخاطر العمل الصحفي في سوريا
تُعد هذه الحادثة واحدة من سلسلة انتهاكات تواجه الصحفيين في سوريا. ففي 25 ديسمبر 2024، تعرض الإعلامي ليث عبيدو لمحاولة اغتيال أثناء عمله في دمشق. رغم التغيرات السياسية وسقوط نظام الأسد، لا تزال سوريا تصنف كواحدة من أخطر الدول للعمل الصحفي، وفقاً لتقرير 2024 الذي صنفها في المرتبة الأخيرة عالمياً من حيث حرية الإعلام، وفي ظل انتشار السلاح وغياب المحاسبة القانونية، تتصاعد الدعوات لضمان بيئة آمنة للعاملين في المجال الإعلامي. وتعهدت الحكومة الجديدة باتخاذ خطوات حازمة لمعالجة هذه التحديات، بدءاً بتفكيك المظاهر المسلحة وتعزيز سيادة القانون.
إن حماية الصحفيين في سوريا ليست مجرد قضية فردية، بل تحدٍ وطني يتطلب إرادة سياسية وجهوداً جادة لضمان حرية الإعلام كركيزة أساسية لإعادة بناء الدولة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط