… لا أبالغُ إذا قلتُ: إنّ “محمـد أحمـد الراشـد” باسمـه الكبيـر هـو مفكِّـرٌ بحجم الأمّـة، هضمَ المدارسَ السابقـةَ وَ استوعبَ التجـاربَ التي مرّت بهـا الأمّـةُ، و الأفكـارَ التي تناقلتْهـا في حِقْباتِهـا التاريخيّة المتعاقبة ليكـونَ مخـزونـاً مُكتَنـزاً من التـراثِ و الفقـهِ و الأدبِ وَ الفِكـرِ و التربيـةِ و التاريـخ و الوعي و الحكـمـة وصولاً للسياسـة بأنواعهـا الشرعيّة و العامّـة وَ السياسات الدوليّة، جمعَ إليـه -أي المخزون- شخصيـةً ربّانيْةً متّزنـةً، وَ همّـةً وقّادةً مخلِصـةً، وَ روحاً ساميةً جاذبة، وَ تفاعـلاً حركيّاً مؤثِّراً مع مشروع الأمّة الحضـاريّ، فكان مُنظّـرَه و موجِّهَـه؛ بل راسمـاً معالَـمَه نحـو الإحياءِ و التغييـر بـأدواتِ العلـمِ وَ الأخـلاقِ وَ الفِكـرِ وَ النُّضـجِ الاستراتيجي وَ عـزةِ الانتمـاء للأمّـة -القضيـة- المثمـرةِ في كوادرِ التغييـر تربيـةً و ثبـاتاً و جرأةً و حكمـةً و فَهمـاً مـع طولِ نَفَـس.. و هذا مـا يتجلّى لكَ مع كتبِـه و مؤلفاتِـه و مقالاتِـه و محاضراتِه التي تمثّـلُ بمُجملِهـا الحَرَكيَّةَ العلميّـةَ القائمةَ على النظرةِ الفقهيةِ الشاملة المتزنـة، وَ الأدبِ المُلهِـمِ المحفِّز، وَ حكمـةِ الطـرح المنطقيّ، وَ سلامةِ القراءة و التحليل للسياسات العالميّة، و براعةِ التواصلِ مع الأوساط الاجتماعيّة و الفكـريّـة و الثقافيـة و الأكاديمية و السياسيّة في سبيل صحوةٍ حضاريّةٍ حَرَكيّةٍ لا صحـوة تقليديـة قاصرة.
▪مـلامـحُ من شخصيـة الراشـد
علَمُنـا الراشـدُ باسمه الصريح (عبد المنعـم صالح العلي العزّي [1938 – 2024مـ]) كان ذا شخصيـةٍ عزيزةٍ حيّيـةٍ عفيفـةٍ جريئـةٍ ثابتـةٍ على مبادئهـا؛ سائرةٍ في فلك قضيـتِهـا الأولى؛ قضيـةٍ البناءِ الحضـاريّ للأمّـة بأبعادِه الاستراتيجية المرحليّة بعـدَ الأخـذِ بالأسبابِ، فمَن المنطقيّ أنْ تكـونَ هذه الشخصيـةُ الفذّةُ المجدِّدةُ “شخصيّـةَ التحـدي” -كما وصفَه كلُّ مَن التقاه و قرأ لـه-؛ و تَنقلَ هذه الرسالةَ إلى شبابِ الأمّة و نُخَبِهـا؛ فتؤثِّرَ -رسالةُ التحدي- في جيلٍ كاملٍ من الشباب على امتدادِ الأربعيـن عامـاً السابقة؛ فظهرَ فيهم العلماءُ و المفكّرون و السياسيون الحَرَكيون… كيف لا؟! و هو الذي ثبَتَ على مبادئه مُنتـظِراً عاملاً مُضحيّـاً زاهـداً فقيـراً غريباً مهاجراً عن وطنـه و بلاد العرب دونمـا تبديـل؛ مع انصهـارٍ في همومِ الأمّة يكتبُ و يوجِّهُ و يُصوِّبُ و هو على فراش المـوت الذي وافاه في أحد مشافي ماليزيـا يوم الثلاثاء [27 آب/أغسطس 2024مـ] و قد ناهـزَ عمـرُه السادسـةَ و الثمانين [86] عاماً.
لقد بُنيت شخصيةُ “الراشـد” بمزيـجٍ متجانسٍ متكامل من الربّانيّة العلميّة وَ الأكاديميّة المنهجية! فنهلَ و أفادَ من ملازمة العلمـاءِ الربّانيين و مفكري عصـرِه و أعلامِه من جانب، كما سلك منهجَ التعليم الأكاديميّ من جانب مكمّلٍ آخرَ؛ حيثُ توجَّه لكلية الحقوق و تخرّجَ فيها عام [1962مـ] يوم كانت كلية الحقوق تدرِّسُ العلومَ الشرعية مع الموادِ القانونيّة، فدرسَ فيهـا أصولَ الفقـه و علم المواريث و مسائلَ الطلاق و المعامـلات الماليّة و أبواباً في الفقه المقارَن.. لذلك زكـتْ شخصيتُه، و قويتْ حُجّتُه، و اتّزنت رؤيتُه، و انتظمَ فكرُه.
إذاً لقد درسَ الراشدُ العلومَ، و فهـمَ حركةَ التاريخ، و تفرّسَ في طبيعةِ المجتمعات و آلياتِ التواصـلِ معهـا و النفوذِ إلى وجدانِ الشباب و قلوبِهـم و عقولِهـم، و تخيّـرِ الخطـابِ المناسب لصناعة الجيـل رساليّاً… لقد امتلك كل ذلك لهدف عميـقٍ بعيـدِ المرامي ألا و هو التحـوُّلُ ارتقاءً نحو الحَرَكيّة الحضاريّة و نهضةِ الأمّة؛ فلم يكن هدفُه الحصولَ على شهاداتٍ كرتونيـةٍ لا قيمةَ لها في واقعِ التأثير من قبيل درجة دكتور و بروفيسور.. بل كانَت الأمّةُ همَّه؛ فدار في أرجاء علومهـا، و كتبَ لهـا مؤلفاتِه و مقالاتِه، و ألقى محاضراتِه ما وسعَه الجُهدُ و الوقتُ و الفكرُ، فجاءت شاملةً متنوعةً في قضايا الفقه و الدعوة و التربيـة و الاجتماع و التغيير و السياسة و حركةِ التاريخ و سِيَرِ الأعـلام المؤثّرين. فكان مَعْـلَمـاً حضـاريّـاً للأمّـة فاقَ بانتمائه الصادقِ لهـا الألقابَ و بهارجَ الظهورِ في عالم الفكـر و الثقافة و العلوم -كمـا نرى اليوم- محدّداً معياراً دقيقـاً لصدق الانتماء المؤدي لقوة التأثيـر بقولـه -رحمه الله- «مَن لا يستطيعُ تصحيحَ أخطاءِ نفسِـه فلا يصحّ له أنْ يكونَ قَيِّمـاً على أخطاءِ الآخريـن».
▪ المشروعُ الحضاري كمـا يراه الراشـد
إذاً لقد هضمَ المفكّـرُ “الراشـد” المدارسَ السابقةَ برؤاهـا و أفكارِ أصحابهـا -على تنوعِ مشاربهـا و امتدادِ عصورها- فاستوعبَ مدارسَ الأئمة الأعـلام كـ (ابن خلدون وَ عبد القادر الجيلانيّ وَ الإمام الغـزاليّ وَ ابن تيمية و ابن قيِّم الجوزيّة …و غيرهـا) وصولاً لمدارسِ الأعلامِ المعاصـرين أمثال العلماء (طاهر الجزائري فالشاميّ وَ محمد محمود الصوّاف العراقي وَ محمد الطاهر بن عاشور التونسيّ و وليـد الأعظميّ الشاعر العراقيّ) .. هضم كل ذلك و استوعبَه و أنتـجَ مشروعَه الفِكـريَّ الحركيَّ المرتكـزَ على أصولٍ متينةٍ من العلوم و الأخلاق و التربيـة و الفِكـر و الآداب وَ السياسة وَ مهارات الخطاب وَ الدعوة ليصـلِ لبناء و بلورة الشخصية السياسية الحضارية الحَرَكيّـة؛ التي تجهـد و تكافح لصناعة مشروع النهوض الحضاري للأمّـة، و قد أوردَ المؤرّخ “د. علي الصلابيّ” ما يدعمُ مـا ذهبنـا إليـه: «كانت مواقفُ وأفكارُ شيخنا الراشد دائمًا تعمِّقُ التفكيرَ، وتعزِّزُ الفهمَ، وتصقلُ النفسَ، وتهذِّبُ الخُلُق، وتُقبِلُ على الحياةِ على أساس التحدي، وأن نكونَ من صُناعِ الحياة، وليس مجرد مُتلقين لها» .
و بعبارة أدقّ: انطلق مشروعه -كما قدّمتُ في التمهيد- من منطلـقِ امتلاكِ الأدوات مع التغذيـة الروحيّة وَ العقليّة الفكرية وصولاً لإنتاجِ كوادرِ التغيير و طليعتِـه بشخصياتٍ سياسيّةٍ ديناميكيّةٍ حَرَكيّـة؛ لا مجرد طلاب علم و مشايخَ تقليديين، أو مفكّرين منظِّرين، أو عسكريين مترهليـن أو نُخَباً جامدةً محنّطـة.
كما تنبّـهَ “الراشـد” إلى ضرورة البنـاء الفكـريّ لصناعـة التغيير و النهضـة الحضاريّة للأمـة؛ لذلك انطلقت رؤيتُه النهضويّةُ -بعدَ امتلاك الأدواتِ- إلى بلورةِ الفِكـرِ و توسيعِ آفاقِه و إنضاجِه لصناعة النهضةِ المرجوّة؛ فلا نهضـةَ من غيـرِ فِكر -وفقَ منظور الراشـد- و الذي أدركَه بشخصيتِه الحكيمة المتزنة وَ رؤيتِه الاستراتيجية؛ فضـلاً عن اقتباسِه من تجارب روّاد النهضةِ السابقين أمثال (العلامة طاهر الجزائريّ [1852- 1920مـ]) رائدِ التجديد الدينيّ في بلاد الشّـام في العصر الحديث الذي عنيَ عنايةً متقدّمةً بالفكـرِ، فعقـدَ له الحلقات الفكـريّة في سبيلِ الارتقاءِ الحضاريّ، و التي ضمّت أعلامـاً من رجالاتِ ذلك العصـرِ أمثال (المؤرخ عبد الرزاق البيطار و الشيخ جمال الدين القاسمي و رئيس المجمع اللغوي محمد كرد علي و الأديب الصحفي محبّ الدين الخطيب..)؛ حيثُ أدركَ العلامة الجزائريّ أهميةَ الفكـر في إحياءِ النهضة الحضاريّة المأمولـة؛ فضـلاً عن دورِه التأصيليّ في تعزيز الانتمـاءِ للأمـة و قضـايـاهـا و التفاعل الإيجابـيّ معهـا، لذلك لم يقفْ العلامةُ الجزائري في حَرَكيّتِه المجتمعيّـةِ الدعويّـة وَ الفكـريّةِ و العلميّـة عندَ حدود طلابِ العلـم الشرعيّ؛ بل توجّـهَ إلى كافة شرائحِ المجتمـع على تنوعِ مجالاتِـهم و تخصُّصاتهم من علماء وَ أعيـان و تجّـار و مفكّـرين و معلِّمين و صحفيين.
وَ قد خـرَّجَ أعلامـاً شهدت لهم الساحتـان الشاميّةُ و المصريّة حتى تصـدّروا لاحقـاً -و عن جدارة و تمكُّـن- واجهـةَ المجتمـع و مؤسساتِه العلمية و الفكريّة و الاجتماعيـة و التوعويّة و منصات العلم و الثقافـة في تلك الحقبة. مـع التأكيدِ على مَلمَـحٍ دقيق وهـو أنّ نشرَ الفكـرِ بينَ مختلفِ طبقاتِ المجتمـعِ لن يُؤتيَ ثمارَه و لن يكونَ له أدنى تأثيـرٍ على مسـتوى نهضـةِ الأمّـةِ و إحيـاءِ حضارتِـهـا إلا بشـرطٍ لا غنى عنه و هـو الحَـرَكيّـة، لذلك نرى الرجالَ و الأعلامَ الذين كان لهم دورٌ فاعلٌ مُنتِجٌ على مستوى مجتمعاتِهم و على مستوى الأمّـة بعمومهـا لم يكونوا متقوقعين على أنفسهـم في مكاتبهم و زواياهم في حيّزِهم الضيق؛ بل كانوا علمـاء حَرَكيين أقاموا بفكـرهم القويـمِ، وَ حَرَكيَّتِهـم الصادقة، و إخلاصِهـم لأمتهـم و دينهـم مرجعيّـةً لا زلنا نننهـلُ منهـا و نتمثّـلُ مواقفَ صانعيهـا، و الذي يتصـدرُها بجدارةٍ في واقعنـا الراهن المفكـرُ الراشـد؛ و من هذا المنطلق كان اطمئناني لوصفه في عنوان المقال «مَعْلَمُ الحَرَكيّة الحضاريّة».
… هذا هو الجانبُ الأهـمُّ في صناعة أي تغيير؛ جانبُ الفكـرِ و مدارسِـه و تاريـخِ أفكارِه؛ و للأسف الشديد قد تمّ إغفالُـه بشكل مريبٍ في حركات الربيع العربيّ، فكانَ أثرُ تغييبه سلبيّـاً ممّـا أفقدَ الرؤيةَ، و عمَّقَ الشعبويّةَ المتفلِّتة، و نحرَ آلياتِ الإدارة والتنظيـم، و أقصى رجالَ الفكر و الهمِّ الرِّساليّ.
• إذاً لقـد ميّزَ “الراشـدُ” محدّدات الشخصيـة الحركيّـة -بعد امتلاك الأدوات- بمحدّدَين أساسيين جاهدَ لترسيخهمـا همـا الرؤية الفكـريْةُ وَ البعـد السياسيّ؛ و لكي يوصلَ رسالتَه و ينشر مشروعَه استعان ببراعتـه الأدبيـة، و هو المتذوّقُ لمدارسِ الأدبِ العربيّ، الخبيـرُ بخصائصهـا و أساليبهـا و بلاغتهـا بدءاً من العصور الأولى حتى مدارس أدباء العصـر الحديث، فصاغَ مؤلفـاتِه بنفَسٍ أدبيّ راقٍ يهـذِّبُ النفسَ، و يجـذبُ القارئ و السامعَ -على السواء-، و ينعشُ الروحَ مناوِّراً و مقلِّبـاً الفكـرةَ وصولاً للفهـمِ و الإقناعِ و القَبول. لعلمه أنّ الأفكارَ المجرَّدة قد تبدو ثقيلةً على النفسِ و العقلِ؛ لكن إذا تمَّ نسجُهـا و توشيحُها بوشاح الأدب الجميـل الهـادف سيكون ذلك باعثـاً لجذبِ القارئِ و استيعاب الأفكارِ و تذوُّقِ معانيهـا؛ سيما إذا كان الأدبُ مُخضّباً بقيمِ الأصـالةِ و التربية حيث يقولُ الراشـد «النفوسُ تحتاجُ إلى غذاءٍ تربويٍّ مستمـر كي تنمـو و تزدهـر».
• و قبل مغادرتي لهذا المحـور أجدُ من المفيـد تقديـمُ رؤيتي حول مفهوم “التكامليّةِ” بين عالِمنـا “الراشـد” من زاوية، و بينَ عالِمٍ آخرَ هـو المفكّـر وَ المؤرّخ (اللواء الركن محمود شِيت خطاب [1919 – 1998 مـ]) من زاويـة مقابلـةٍ في وطنهمـا المشترك العـراق، مُجليّـاً صورة التكامُل بينهمـا في مساحة لوحتهمـا الجغرافيـة المشتركـة، فكلاهمـا نشأَ في بيئةٍ علميّـةٍ إيمانيّـة جمعتْ ملازمةَ العلماء الربّانيين إلى الأكاديميّة التخصُّصيّة، و انطلقَـا في مشروعِـهمـا النهضويِّ نحو التغيير برؤية استراتيجية فكـريّـة بعيـدة تهدفُ لصناعـة البنية التحتيـةِ لجيل التغييـر، فالراشـدُ استوعبَ جوانبَ الدعـوة و المجتمـع و السياسة وصولاً لظهورِ الكوادر القائدة اجتماعيّاً و دعويّاً و سياسياً، و أكمـلَ المفكّر “اللواء خطّـاب” دورَه على النهجِ ذاتـه معزّزاً فضيلةَ الانتماءِ للأمّـة و إحياءِ حضارتِهـا مستوعبـاً تقعيـدَ البنيةِ التحتيـة لظهورِ القيادات العسكـريّة، فهـو الخبيـرُ الذي خاض الحروب و عاينَ قضيةِ الأقصى و المقدّسات -كالراشد- و سبرَ أغوارَ العقلية الصهيونية و قاد المعارك ضد الكيان الغاصب، فأسهبَ في رسمِ آليات صناعة القوّة بمفهومهـا الواسـع؛ المعنويّ الإيمانيّ وَ العسكريّ الماديّ وَ التدريبيّ المهاراتيّ وَ الأمنيّ الاستخباراتيّ وَ التخطيط الاستراتيجي من خلال مؤلفاتِه التي بلغتْ مئـةً و ستّةً و عشرين [126] مؤلَّفاً… و كأنّ علَمَنـا “الراشـد” و زميلَه “اللواء خطاب” قد حدَّدا شخصيةَ جيل التغيير الذي لابد سيفرز قياداتٍ سياسيةٍ مجتمعيّـة و قيـادات عسـكريـة استخباراتيـة برؤىً استراتيجية.
▪توصيةُ الختـام
نعـم… رحلَ عن عالَمنـا المَعْـلَـمُ المفكّـرُ “الراشـد” لكنّه -كحالِ نخبـةِ الأعـلامِ- حاضرٌ و قد طابت سيرتُـه، و أبى الله إلّا أنْ يرفعَ ذكـرَه -و إنْ خانَه واقعُ عصرِه-، لأنّ أصحابَ المشاريع الكبيرة علميّاً و حضاريّاً لا تموتُ أفكارُهم بموتهـم؛ بل تحيـا و توثَّقُ مواقفُهـم و جهودُهم في سِفرِ إنجازاتِ الأعـلامِ؛ ليكونَ موتُ الجسد فاتحـةَ انتشارٍ لذكـرِهم و مؤلفاتِهـم؛ فهيهاتَ هيهات ألّا تُثمـرَ جهودُ المخلصين من العلماء ولو بعد حيـن؛ فَللإخـلاصِ و الصبـرِ و الغربـةِ و الثبـاتِ على المبدأ عبيـرٌ زاكٍ لابد سيفوحُ و ينعشُ و يرتقي.. و من هذا المقـام أحثُّ شبابَنـا الناهضَ أنْ يقرأ مؤلفاتِ “راشـدِنـا” التي بلغت الثلاثةَ و الثلاثيـن [33] كتاباً و التي تُرجمت لعدة لغات گ (الإنكليزية و الفرنسية و الفارسية و التركية و الميلاوية و الروسية و الصينية..)، فضلاً عن المقالات و المحاضرات في الصحف و المجلات و الدوريات. و قد أحسنَ المفكّـرُ الأستاذ “كمال الخطيب |نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين -حفظه الله-” إذ خاطبَ الشبابَ موجِّهـاً لهـم لقراءةِ مؤلفاتِ و مقالاتِ أستاذِه الراشـد؛ و هو المتأثّرُ بأفكاره و مشروعـه:
«أيُّهـا الشباب: مَن أرادَ قوّةَ الانطلاقِ فعليه بـ المُنطلق، و مَن أرادَ تجنُّبَ مُعيقاتِ المسير فعليه بـ العوائق، و مَن أرادَ تهذيبَ النفسِ فعليه بـ الرقائق، و مَن أرادَ الثباتَ و الشموخَ فعليه بـ المسار، و مَن أراد الفَهم و الانتماءَ الدعويّ السليمَ فعليه بـِ كلِّ ما كتب فقيدُنا الـراشـد»، و أضمّ صوتي لصوت الخطيب متابعـاً: مَنْ أرادَ أنْ يتشرّبَ أفكار مدرسة التغيير بعقلية السياسيّ المفكّـر وَ الداعيـةِ المربّي وَ القائد المخطّط فعليـه بـ “تنظير التغيير وَ الظاهرة القياديّة وَ رؤى تخطيطيّة وَ صناعة الحياة وَ عبيـر الوعي وَ رسائل العيـن..” لأنّه سيجد أصالةَ السياسة أداةً من أدوات مشروع النهوضِ الحضـاريّ.