… رحلَ “محمـد فارس” نعـم “محمد فارس” فقط هكذا مجرّداً عن أيّ لقـب!! فاسمُه يرتقي لأسمى اعتباراتِ الجَلال؛ فَفِيه سموُ الوطنِ وَ رِفعةُ القِيم وَ أنوارُ العلم و كفاءةُ العلماء.
فَقد سما “محمد فارس” بشخصِه على كافة ألقابِ الدنيا التي نالَها – بعد توفيق الله- بجهـده و عملـه و صبرِه فَمِن لواءٍ إلى طيّار إلى رائدِ فضاء إلى باحثٍ علميّ في علوم الطيران و الفضاء… يكفيك فقط أنْ تقولَ “محمد فارس” لتظهرَ لكَ الخارطةُ السوريّةُ إبّانَ رونقِها الأصيلِ قبلَ أنْ تشوّهَها عصابةُ الانحطاطِ الأخلاقيّ بأحقادِها و إجرامِها و خِسّةِ طِباعِها.. لقد بقيَ متجذَّراً بأصالتِه و بيئتِـه التربويّة التي نهلَ منهـا فبقيَ صافياً أنيقاً بروحِه و عشقِه لوطنه و أهلِه؛ مُحبَّـاً الخيرَ له ساعياً في قنواتِ تطويرِه و إثباتِ حضورِه كوطنٍ يمتلكُ حضارةً و أخلاقـاً و أعلامـاً من النوابغ و العلماء.
▪ محمد فارس؛ انتماءٌ و قِيَم
• عندما تتابعُ و تستمعُ لـ “محمد فارس” في حواراتِه و لقاءاتِه و حتى مسامراته العفويّة -و أزعمُ أنّ جميعَ حواراتِه و أحاديثِه حتى العلميّة منها كانتْ عفويّةً قريبةً للقلب من غير تكلُّف- ستتوقفُ بالضرورة عند أمرَينِ ستراهمـا واضحَين وضوحَ النقاءِ في شخصيتِه -رحمه الله- و همـا:
➖ الأول: إيمانٌ بالله -سبحانه- و تسليمٌ فِطريٌّ راقٍ لقضائِه و تصريفاتِ أقدارِه؛ نعم تسليم لله في كل أحواله تسليمَ المسلمِ المؤمنِ المعتزّ بإيمانه -كما كان يكرر دائماً أنا مسلم مؤمن- تجلّى في مواقفَ عدّة أبرزها عندما تمّ اختيارُه من قِبَلِ السوڤيت، و قد خضعَ لجملةٍ تراكميةٍ من التدريباتِ القاسيةِ و البرامجِ العلميّة المتطوّرةِ المعقّدةِ عبر المنظَّمة المتخصّصة والمكلّفةِ رسمياً بتنظيم الرحلة إلى الفضاء (منظمة الإنتركوسموس Intercosmos) ليكونَ أحدَ الروّاد الذين سينطلقون إلى الفضاء، و بعد أنْ نجحَ في كافةِ الاختباراتِ الصحيّةِ و النفسيّةِ و العلميّة، اعتُمدَ رائداً للفضاء بتصنيفٍ أساسيّ -بخلاف زميله الآخر الذي صُنِّفَ احتياطاً-، تمّ نقلُه بعدَها لمتابعة التدريباتِ الشاقّةِ -حسب تعبيرِه- إلى مدينة النجوم الخاصّة بروَّاد الفضاء في موسكو و في المراحل الأخيرة من التدريبات المُمهِدة للرحلة مارسَ “حافظ أسد” ضغوطاً على الروس لاستبدالِ “محمد فارس” بزميله الاحتياطي فجاء أحدُ الجنرالات الروس و قال لـ ” فارس”: مَن برأيك سيخرجُ للفضاء أنتَ أم منير -الاحتياط- لأن الجنرالات السوريين يضغطون علينا باتجاهه؟ ليردَّ عليه “فارس” بثقةِ الرجلِ المؤمنِ الذي فهمَ حقيقةَ الإيمان فقال له:
(( أنا أقومُ بواجبي الكامل؛ أحضِّرُ و أتدربُ رياضياً و أتعبُ و أعملُ و آخذُ كافةَ الترتيبات.. و أنا رجلٌ مسلمٌ مؤمنٌ و إذا ربي كاتب لي أنْ أشربَ الماءَ في الفضاء سأشربه رغماً عنكم و عن جنرالات جميل حبيب -أحد ضباط أسد-…)) و يتابع -رحمه الله- معلِّقاً: ((هل أستطيعُ أن أقاومَ أو أرفضَ إذا صدرَ قرارٌ من حافظ أسد بمنعي من المشاركة في الرحلة إلى الفضاء..؟! طبعـاً لا و قد أخذتُ بالأسباب مع كافة الترتيبات و تركتُهـا لله -أي سلمتُ الأمرَ لله-))
في هذا الموقف يقدّمُ لنا “محمد فارس” تطبيقاً عمليّاً لمفهوم الإيمانِ الحركيّ عندَ المسلمِ العالِمِ الذي فَقِهَ دينَه و مرادَ الله -سبحانه- فالإنسانُ يبذلُ غايةَ وُسعه آخذاً بالأسباب ثمّ يتوكلُ على الله -سبحانه-؛ إذاً لقد أخذَ “فارس” بكافة أسبابِ الإعدادِ و التجهيز و التدريب و التعليم و كأنها كلُّ شيء، ثمَّ توكّلَ على الله و كأنَّ الأسبابَ لا شيء. بهذا المفهوم تستطيعُ أنْ تبنيَ حضارةً و تُحييَ أُمَمـاً.
• موقفٌ آخرُ يتجلّى فيه عمقُ إيمانه و اعتزازِه بدِينه، و لو أغضبَ ذلك “حافظ أسد”!! ذلك عندما كلّمه “حافظ” في اللقاء الأخير بينهما قائلاً: «عند إقلاعِ المركبةٍ الفضائيّةِ قلتَ “يا الله”؛ و إنّ الروسَ قد انزعجوا من ذلك» ، ليردّ عليه “فارس” رداً أزعجَ “حافظ” و أسكته: «لا…الروسُ لم ينزعجوا» و يعلِّق -رحمه الله- على ذلك بقوله: «طبيعي أقول يـا الله فأنا إنسان مسلم مؤمن.. و أنا متيقن أنّ الروسَ لم ينزعجوا». و لعلّ هذا يكونُ ردّاً على بعضِ أصحابِ العمائمِ المُسوَّدةِ الذين جعلوا من المجرمِ الحاقد “حافظ” مؤمناً ومن أبنائه المجرمين أولياء فمكّنوا لعصابة أسد ومجرميه بنفاقِهم!!
➖ الثاني: الانتماءُ لأصولِه و سوريّته و حَلبيّته و قِيمه الأصيلة؛ انتماءٌ للوطن -بكل ما فيه- انتماءَ اعتزازٍ و حبٍّ و عملٍ و رغبةٍ في أنْ يعودَ لسوريةَ الشام عزُّهـا و حضارتُهـا؛ حضارةُ العلمِ و التميُّز مقرونةً بالأصالةِ و الأخلاقِ، و لا غرابةَ في ذلك فهو ابنُ حلب الأصالة و قد نشأَ فيها و ترعرعَ في كنفِ حاضنةٍ تربويّة معتّقةٍ بالأدبِ و القِيم و الحُبِّ للبلد و أهله، فهو يعتبرُ نفسَه جزءاً أصيلاً من هذا البلد بتواضع فِطريٍّ لذلك عندما خاطبَ “حافظ أسد” من الفضاء خاطبَه بعزةِ السوريّ إذا يرى نفسَه يمثلُ سوريةَ بأكملها حضارةً و تاريخاً و شعباً فلا يمكنُ عقلاً تقزيمُ بلدٍ بِحصرِه في شخص إنسانٍ واحد!! و يُوضحُ رؤيتَه في ذلك قائلاً: « الرحلةُ الفضائيةُ هي رحلـةُ وطن و ليسَت رحلةُ شخص» بل وصلَ اعتزازُ ذلك الرائدِ الشابِّ الوطنيّ أنْ يرفضَ إملاءات الديكتاتور “حافظ أسد” بأنْ يلتزمَ بنصِّ الخطاب له من الفضاء فتركَ ورقةَ الخطاب و لم يأخذْها، و خاطبه من الفضاء هكذا ارتجالاً من وحي علمه و حكمته و تجذره بأرضه.
• لقد ارتبطَ “محمد فارس” بحاضنته الشعبية التي صافاها الودادَ و تفاعلَ معها في مُصابها و كفاحها فهو لا يرى نفسَه إلا جزءاً أصيلاً من هذا الشعب المصابرِ، لذلك عندما خرجَ سراً من دمشقَ إلى حلب و منها إلى الشمال المحرّر معلناً انشقاقَه عن عصابة الإجرام الأسدية خاطبَ أسرتَه مُثبِّتاً لهم و مذكِّراً لهم بأصولهم السوريّةِ و حاضنتهم الشعبية الاجتماعيّة فقال كلماتِه التي مَزجت الأمرَينِ معاً -الإيمانَ بالله و الانتماءَ للوطن-:
«الحمدُ لله؛ هذا قدرُنـا..، لقد دمّـرَ بشار أسد تاريخَ سوريةَ بشكل كامل.. وَقفت علينا! و نحن جزءٌ من هذا الشعب و إنْ شاء الله منصورين بإذن الله»
▪نظامُ أسد و وأدُ العلماء السُّنَّة
• لقد استهلتِ الإعلاميةُ اللبنانية الراحلـة (جيزال خوري [1961 – 2023 مـ]) افتتاحيةَ لقائها مع اللواء “محمد فارس” في برنامجِها (المشهَد) عام [2014مـ] الذي كان يُبثُّ آنذاكَ عبر محطة الـ BBC الفضائيّة العربيّة بقولهـا:
((لولا خبرُ انشقاقِه في [4 آب 2012 مـ] لَمَا تذكَّرَ أحدٌ “محمّد فارس” الذي خاطبَ حافظ أسد يوماً ما من الفضـاء!!!)) نعم لقد صدقتْ و أصابتِ الإعلاميّةُ المثقّفةُ بافتتاحيتِها الذكيّة الجريئة؛ فالشرفاءُ من العلماء و الوجهاء و المفكّرين مصيرُهم الإهمالُ و الإقصاءُ، و دحرهم عن خارطة التأثيرِ الوطنيّ الراقي علماً و تطويراً هذا في أحسن الأحوالِ؛ وَ الغالبُ الوأدُ و القتلُ و التغييبُ في عمقِ ظلماتِ السجونِ المُنتِنةِ وصولاً لإفنائهم و سحقِ عقولِهم؛ و ما مقاصلُ و محارِقُ سجون تدمر و صيدنايا و فروع فلسطين و دير اشميّل و البالونة و غيرها الكثير إلّا شواهـدُ حسيّةٌ على تغوّلِ هذا العصابة النُّصيريّةِ الحاقدة ممثلةً برأسيَها الدمويَّين (حافظ أسد و أخيه رفعت) ثـم (بشار و أخيه ماهر).. فرائدُنا العالِـم “محمّد فارس” حَارَبَه “حافظ أسد” بالإقصاء و الإهمال حتى منعَه من المشاركة في مؤتمراتِ الفضاءِ العالميّةِ و هو رائدُ الفضاء العالميُّ و الباحثُ العلميُّ المتخصّصُ في علومِ الطيران و الفضاء؛ حتى أنّ الروسَ تفاجؤوا كيفَ استطاعَ “محمد فارس” أن يجريَ ثلاثَ عشْرةَ تَجرِبةً علميّةً خلال رحلته للفضاء و التي بدأت بتاريخ [22 تموز 1987مـ] و استمرت لثمانيةِ أيامٍ إلا ساعة واحدةً فاستحقَ بجدارةٍ التكريمَ و الحفاوةَ، فنالَ وسامَ السوڤيت لتميّزه و جهوده العلميّة. و لم يكتفِ “حافظ أسد و خليفُته بشار” بذلك بل منعوه حتى من أي مشاركة علميّةٍ و بحثيّة تطويريّة فاعلة في وطنه سورية، فأجلسوه في بيتِه لأكثرَ من تسعِ سنوات دون أي عملٍ و ضُيّعت تبعيتُه الوظيفيّةُ فلا يعرفُ لأي جهةٍ أو مؤسسةٍ حكوميّةٍ يتبع!! ووصلَ هذا الحظرُ الأسدي إلى منعه من السفر و مغادرة سورية منعاً باتّاً منذ عام [2010 مـ] فلم يُعطَ جواز سفر!!
• لقد سحقتْ عصابةُ أسد الأب والابن الحضورَ العلميّ و البحثيّ والتمثيل الرسميّ العالميّ للرائد “محمد فارس” و طمستْ شخصيتَه العلميّةَ الراقية المتَّقدةِ إيماناً و عزاً و حبّاً للوطن و أهلِه لأنّ “محمد فارس” «سوريٌّ سُنّيٌّ من حلب…» و هذا ما صرّحَ به اللواء “فارس” بنفسه صادحاً بهذه الحقيقة التي يتغافلُ عنها قصداً أغلبُ العلماءِ وَ المفكّرين و المثقّفين والإعلاميين السوريين من السُّنّة أنفسِهم، كما أوضحَ ذلك الإعلامي المفكّر الأستاذ “أحمد كامل” في خطابِه الجريء على جدار صفحته على الفيس بوك فقال:
((أخطرُ ما يجري في سوريةَ هو جريمةُ الإبادةِ الجماعيّةِ التي يرتكبُها نظامٌ طائفيٌّ “نُصيريّ” بحقِّ مُكوّن واحدٍ من السوريين همُ السُّنّةُ العرب.
الصحفيُّ الذي لا يقولُ هذه الحقيقةَ الأساسيةَ مراراً وتكراراً مع تسميةِ الجاني باسمِه “علويّ أو نُصيريّ”، وتسميةِ الضحايا باسمهم “سُنَّةٌ عرب وتركمان” ليس صحفيَّاً حُرّاً؛ وإنّما هو منحازٌ أو خائفٌ أو مُقيَّد ..
الصحفيون السوريون لا يقولون هذه الحقيقةَ، و يتسترون على أخطرِ ما يجري في سوريةَ إمّا خوفاً من ربِّ عملِهم أو ممولِهم، أو خوفاً من إرهابِ النظامِ، أو خوفاً من الإرهابِ الفكريّ الذي يُمارسُه مثقفو وفنانو ومنظِّرو المعارضة والثورة.
السُّنّة العربُ السوريّون يتعرَّضون للإبادة، ويتعرَّضون لِمَا هو أقسى من الإبادة ألَا و هو منعُهم من أنْ يقولوا نحنُ نتعرَّضُ للإبـادة، وخضوعُ مثقفيهم وصحفييهم لهذا المنع!!» أ.هـ• فنظامُ “حافظ أسد” قامَ في أصله على الحقدِ الأسودِ المتجذرِ بالإجرام و الوحشية على السُّنّة العرب في سورية الحضارة؛ فـ “حافظ أسد” الحاقدُ على الإسلام الذي يمثِّله السُّنّةُ في سورية لم يستطعْ حتى أنْ يمررَ الموقف الإيمانيّ الفِطريّ للرائد “فارس” عندما تلفظَ منادياً «يـا الله» مع مباشرةِ إقلاعِ المركبة الفضائيّة، فذكَّرَه الحاقدُ بها مع أول فرصةٍ مع أنّ الظرف لم يكن مناسباً، حيث كانوا في مجلس استقبالِ رائدٍ الفضاء الأمير سلطان بن سلمان، و مع عودةِ “محمد فارس” تحوّلَ غضبُ “حافظ” باتجاه الشقِّ العمليّ -كما أوضحتُ من خطواتٍ أعلاه- وصلت لمنعِ “فارس” من المشاركة في استقبال الوفود العلميّة من روّاد الفضاء الذين يزورُون دمشقَ في خرقٍ واضحٍ لـ بروتوكولات الزيارة و الاستقبال العالميّة، فضلاً عن تشويه سيرتِه -رحمه الله- و اختلاقِ الحكايات الفارغة كفراغٍ هذا النظام المافياوي من أيّ قِيم و فكر، حتى أنّ “حافظ أسد” قد ساءَه التفاعلُ الشعبيّ و بهجةُ الناسِ باستقبال رائد الفضاء الذي صدحَ باسمِ سورية من الفضاء و نقلَها للعالميّة بأبحاثه العلمية، فأصدرَ أوامرَه بإنهاء كافة الاحتفالاتِ الشعبيّة و إلغاء تداولِ الإعلام الرسميّ لهذا الحدث إلغاءً تامّاً في اليوم الرابع لعودة “فارس”، و يعلِّقُ “محمد فارس” على ذلك بدقة واقعيةٍ فيقول: « حافظ أسد لا يستطيعُ أنْ يرى في سورية غيرَ اسمِه! اسمُه فقط هو الذي يجبُ أنْ يظهرَ، فهو ذو شخصيّة نرجيسيّة!!»، نعم كان “حافظ” ثمّ خليفته “بشار” مهووسين بذاتِهما فلا يسمحان لاسمِ أحدٍ أنْ يظهرَ كتطبيقٍ عمليّ لشعارهما الطائفيّ الذي اختزل سوريةَ الشام بحضارتها و أُمَوِيَّتِها و تاريخِها و مواقفها اختزلها بشعارٍ وضيعٍ حاقد “سوريةَ الأسد” فسورية و ما فيها بشراً و حجراً و أرضاً و ثرواتٍ هي مزرعةٌ لـ أسد و مجرميه..
نعم لقد فصّلَ “حافظ” نظامه المافياوي على اسمه فقط لذلك لا يُسمحُ لأي اسمٍ بالتداول غيرَ اسمِه في ربوع مزرعته حتى و لو كان هذا الشخصُ من الأموات، فقد منعَ دخولَ جثةِ (أكرم الحوراني 1911 – 1996مـ) للدفن في سورية -نعم للدفن فقط- مع أنّ “الحورانيّ” يعتبرُ معلِّمُه و من المدرسةِ ذاتها التي دمّرتْ حضارةَ سوريةَ و أجرمتْ بحقِّ نُخَبِها و رجالها، و هو من أبرز المساهمين الذين أوصلَ “حافظ أسد” و طائفتَه المقيتةَ إلى الحكم؛ لقد منعَه من مجرد الدفنِ رغم توسُّط كبرى الدول و الحكومات الغربيّة و مع ذلك رفضَ “حافظ أسد” دفنَه رفضاً قاطعاً فدُفنَ في عمّانَ الأردن بعد أنْ سمحَ الملك حسين بدفنه في عمان آنذاك [شباط 1996مـ]؛ و في تسريب خاص باحَ فيه “حافظ أسد” لمقرّبين منه عندما استغربوا موقفَه، و كيف رفضَ كافة الوساطات الغربيّة العالميّة بدفنِ الحوراني في سورية؛ و قبلَها رفضَ عودتَه في أُخرياتِ حياتِه ليموتَ في سورية فقال “حافظ”:
((إذا سمحتُ بعودة و دفنِ أكرم الحوراني في سورية لن يكونَ هناك أيَّ ذكر لاسم حافظ أسد لأنّ الحوراني شخصيّةٌ عالميّةٌ و ستشاركُ كافةُ السفارات و قيادات الدول الغربيّة بجنازته؛ فلو سمحتُ بدفنِه لأُلغيَ اسمُ حافظ أسد في سورية و سيصبح كل الذِّكرِ لـ أكرم الحوراني و ستمتد سيارات و مراسم الدول المشاركة بدفنه من عمّانَ إلى دمشق؛ فكيف إذا عاد و أقامَ عندها ستتحول الأنظار كلها نحو أكرم الحورانيّ»!!!
• لقد أدرك اللواء “فارس” هذه الدمويّة الحاقدة التي غذّاها “حافظ أسد” لطائفتِه تجاه الأغلبيّة السُّنّةِ في سورية و عزَّزهـا “بشار” فقاءها مجرموه قتلاً و إجراماً، فما كان منَ “محمد الفارس” إلّا أنْ يحسمَ قرارَه بالخروجِ سرّاً من سورية لمنطقةٍ أكثرَ أمناً ليست تحت سلطة نظام أسد لأنّه اختارَ التغييرَ وَ الحريةَ وَالكرامةَ وَالمبدأ على البقاء في حظيرةِ التصفيقِ و الانبطاح و الذُّل؛ و هنا أجدني مثمِّناً لوعي “الفارس” و جرأته إذْ أدركَ أنّ النظامَ لن يتركَه لأنه من أهل السُّنّة و هو في الأصل من المغضوبِ عليهم لانتمائه القِيميّ و الوطنيّ فسارعَ لمغادرةِ “سورية الأسد” باتجاه الشمال المحرّر مع عائلته حيثُ يصفُ -رحمه اللهُ- إجرام هذا النظام مصرّحاً: «هذا النظام ما عندو حدود للقتل!! ففضلتُ أنْ أخرجَ من حلبَ أنا و أبنائي لأنّ الحريّةَ و الكرامةَ أغلى شيءٍ بالوجود. و لو أخبرتُ أحداً بخروجي كنا رحنا بستين داهية… و ربُّ العالمين هو المُنجي»
لقد فهمَ “فارس” هذه العقليةَ الإجراميّةَ لنظام أسد لذلك كان خروجُه من سورية بخُطّةٍ أمنيّة واعيَة شرحَها بنفسه مفصّلةً في الفيلم الوثائقيّ الذي أعدَّتُه عنه قناة الجزيرة بدءاً من مغادرته دمشقَ و وصوله إلى حلبَ إلى أنْ وصلَ لبلدة “كفر حمرة” بريف حلب أولى نقاط الجيش الحر من الشمال المحرّر…
• هذه الصورةُ السوداء التي قرأنا تفاصيلَها مع “الفارس” من استهدافِ العلماء السُّنّة بدأت منذ عهد المجرم المؤسّس “حافظ أسد” حيثُ وأدَ كثيراً من علماءِ سوريةَ و أعلامِها الذين يشهدُ لهم العالَم بالتميُّز و سأقتصرُ على أنموذج واحد -كيلا أطيلَ- ذلك لأنّي عاينتُه بنفسي مدّة من الزمن بعد خروجه من سجن تدمر و الذي هو بحقٍّ أنموذجٌ فريدٌ، ألَا و هو العالِم الجيولوجيّ البرفيسور (حسن محمد زكريا زينو 1938 – 2009مـ) الذي يحملُ عدّةَ شهاداتِ دكتوراه – و عددها أربعة غالباً نعم لا تستغربوا- من أرقى الجامعات العالميّة، و يتقنُ قراءةً و كتابةً و محادثةً ستَّ لغاتٍ -إضافة لبراعته في لغته الأمّ العربيّة- و هي (الإنكليزية و الفرنسية و الألمانية و الإسبانية و اليوغسلافية و التركية)؛ فهو العالِمُ الجيولوجيّ الأول في الشرق الأوسط -و لا أبالغُ إذا قلتُ بل على مستوى العالَم في زمانه-؛ و قد نسفَ نظريةَ داروين الشهيرة حولَ التطور و الارتقاء و النشوء و ذلك في كتابه الأشهر (التطوُّر و الإنسان) حيثُ أحدثتْ أبحاثُه العلميّةُ التي تركَها في ألمانيا في علم المستحاثات جدلاً كبيراً في الأوساط الأكاديمية الأوربيّة ناقضاً بذلك النظرية الداروانية، و قد كان أستاذاً محاضراً على مدرجات جامعات ألمانيا و تشيكواسلوفاكيا -قبلَ انفصال التشيك وَ اسلوفاكيا-، و مستشاراً في كبرى الشركات الألمانية.. قرّرَ البرفيسور ” حسن زينو” العودة إلى وطنه سورية تاركاً مغرياتِ الدُّنيا الكبيرةَ في ألمانيا و أوربة ليخدمَ وطنَه و أبناءَ وطنِه صابّاً علومَه و خبراتِه فيها لينهضَ بسورية علميّاً و اقتصادياً عبر اكتشاف ثرواتٍ طبيعية في الأرض السورية؛ و بعد عودته ظلّ يحاضرُ في جامعات القاهرة و بيروت و عمّان و دمشق تلك المحاضرات التي يحضرها الأساتذة الجامعيون المتخصصون و ينتظرونها بشغَف، و قد عُيّنَ مستشاراً لوزير النفط و الثروة المعدنية السوري -الذي لا يملك طبعاً مؤهلاً علمياً في التخصص غير بعثيتِه و انبطاحه-، و كان مسؤولاً عن الأبحاث التخصّصية باكتشاف الثروات الطبيعية، و يرافقه في أبحاثه مجموعةُ خبراءَ يوغسلاف قبل أن يطلبُ من “حافظ أسد” طردَهم لانعدامِ كفاءتهم العلميّة و المهنية الأخلاقيّة، و استبدلهم بخبراء ألمان من تلامذتِه الذين درّسَهم في ألمانيا؛ و قد خرجَ لاستقبالهم مع وفد وزارة النفط فلمّا رآه طلابُه الألمان قالوا للحكومة السورية: ما حاجتُكم لنا و عندكم أستاذنا البرفيسور “حسن زينو”!! فتدخّل الأخير ليحسمَ الأمر بثقة العالِم «أنا طلبتُكم لأنّني بحاجة لفريق عمل يساعدني في أبحاثي؛ طبعاً لا حاجةَ لي إلى خبرتكم!!».
قامَ البرفيسور بإجراء دراساتٍ جيولوجية اقتصادية لسوريةَ مكتشفاً مزيداً من حقول الغاز و الفوسفات غيرَ أنّ الاكتشافَ الأهم هو اكتشافه مع فريقه الألماني لـ (أناييت كمبرليت kimberlites) التي غالباً ما يُصاحبُ وجودُها وجودَ الألماس و ذلك في جبال الساحل السوري و بكميات تفوقُ النفط و الغاز و ربما تعادلُ إنتاجَ النفطِ السعوديّ لعقدَين من الزمن؛ نعم هذه هي الحقيقة!! و التي كانت السببَ الرئيسَ لاعتقاله من قِبَل “حافظ أسد” لمنعَ نشرِ الاكتشاف سيما و قد علم “حافظ” أنّ البروفيسور قد تكلم حولَ اكتشافه الجديد لأحد المقرّبين.
لقد قام “أسد الأب” باعتقاله و زجه في عمقِ سجن تدمر [1986مـ]و أعملَ في جسده و عقلِه التعذيبَ و الإجرامَ و الأحقادَ، و لم يخرج من سجنه إلا بعد عشْرِ سنوات [شباط 1996مـ]و قد أثخنَتْ جسدَه الأمراضُ، و فَقَدَ إحدى عينَيه خلال إحدى عمليات التعذيب بضربه بسيخ معدنيّ، و بعد خروجه أمضى عدّةَ سنواتٍ قبلَ وفاتِه -رحمه الله- بينَ منزله في دمشقَ و جامعِ حيّه و المستشفيات حيثُ يجري العمليات الجراحية لعلاجِ ما خلّفته عملياتُ التعذيب المُمنهجة بالأحقاد الطائفية. و أذكرُه أمامي وَقوراً حيَّياً تعلوه السكينةُ مُطيلاً الصمتَ إلّا من لسانٍ لا يفترُ ذاكراً لله أو مُجيباً في ميدان من ميادين العلمِ إذا ما سُئلَ، و اسألْه ما شئتَ من علومِ الشريعة وَ العربيةِ و القرآن الذي يحملُه في صدرِه؛ و في علومِ الجيولوجيا و المعادن و ثروات الأرض و النظريات العلمية المعقّدة….
لقد اغتيلَ -رحمه اللهُ- اغتيالاً نفسيّاً مؤلِماً قبلَ الاغتيال بالتعذيب الجسدي بل حُجبَ علمُه و تأثيرُه الأكاديميّ فوق العالي، و تابعَه المجرمُ “حافظ أسد” بنفسِه حتى ساعةَ وفاته فقد كانَ مجرمو أجهزة مخابراتِه متواجدين في المستشفى قبل تشييعه و خلال جنازتِه و بعد الدفن و في مجالس العزاء في منطقة المزة بدمشق و ذلك بهدف إرهابِ الناس لتقليل نسبةِ المشاركين في جنازته و عزائه..
لقد كان البرفيسور “حسن زينو” أعجوبةَ زمانه حيثُ يستطيعُ تحديدَ مكان حفر آبار المياه بمجرد لمسِه و معاينته للتربة فقط من غير تحليل و ما خابت خبرتُه مرةً واحدةً!!
• لقد كان -رحمه الله- شاهداً و رمزاً على شريحةٍ واسعةٍ من علماءِ سوريّة السُّنّة الذين اغتالتهم ماكينةُ الإجرامِ النصيريّةِ منذ سرقَ “حافظ أسد” الحكمَ إلى يومنا هذا و الأعدادُ أكبرُ من إحصائها في مقال و مؤلفات لذلكَ أدعو كلَّ سوريّ للبحثِ و المتابعة للقراءة عن البروفيسور و علماءِ سوريّة السُّنَّة ممن قُتّلوا أو هُجِّروا أو غُيبوا في تدمر و صيدنايا و… أو ممّن كانوا نواةَ تقدُّمٍ علميّ و أكاديميّ في دولِ الهجرة و الاغتراب في الخليج و أوروبة و الأمريكيتين و أستراليا..
▪الثـورة كما يراها “محمد فارس” المفكِّـر:
• لقد خبرَ “فارس” نظام أسد و عاينَه عن قربٍ و احتكاك مباشرٍ سيما و هو في الأصل يتبعُ لمنظومةِ القُوى الجويّةِ العسكريّةِ فبدايتُه كانت طياراً مقاتلاً و هو حسب منظورِ “فارس” : «الطيارُ المقاتلُ رمزُ القوّةِ في الدفاعِ عن الوطنِ و ليس رمز القوةِ في قتل الوطن!! لذلك أنـا اخترتُ أنْ أكونَ طيّاراً مقاتلاً؛ لأنّ حمايةَ الوطنِ تعني بذلَ حياتِكَ و جهدِكَ من أجلِ هذا الشيء المقدّس» إذاً لقد اختارَ أنْ يكونَ طيّاراً مقاتلاً بمفهومه الوطنيّ السامي لهدفٍ واحدٍ و هو حماية الوطن لا كما جعلَه نظام أسد لقتلِ الوطن و أهلِ الوطن و سحقِ نوابغِه و علمائِه و وجهائه، و يتابعُ اللواء “فارس” في موضع آخرَ مفهوم الثوريّة التي انطلقت من مبادئ و أخلاق و قِيم و فكر قويم «حافظتُ على أخلاقي و أخلاق آبائي و أجدادي و شعبي، هذا الكلام لا يُسعد الديكتاتور لذلك كان يجبُ أنْ أُزاحَ عن واجهة الأحداث» نعم الأخلاق و القيم و الأصالة لا تُسعِدُ الديكتاتور الذي لا يفقهُ سِوى الحقدِ و الجهلِ و الرذيلة حتى حوّلَ الإعلامَ الرسميَّ و الدراما السوريّةَ لحانات من الانحطاط الأخلاقي و مواخيرَ من القذارة ليقولَ للعالِم هذه هي سورية -للأسف-.
• و يصلُ بنا اللواء “محمد فارس” إلى إعلانِ رؤيتِه الواضحةِ بكل شجاعة و جرأة حولَ الهدف الرئيس من تسليم الغرب -و في مقدمتهم فِرنسا- الحُكمَ لـ “حافظ أسد” في سورية فيصدحُ بعقلِ المفكّرِ المتحرّقِ غَيرةً على أهلِ وطنه:
« سُلِّمَ حافظ أسد السلطةَ في سوريةَ ليسَ فقط من أجلِ إعطاءِ الجولان و تسليمه لإسرائيل، و ليس فقط من أجلِ أنْ يسرقَ ثرواتِ الشّعبِ السوريّ؛ و إنّما سُلِّمَ ليسرقَ قيمَ و مبادئَ الشعبِ السوريّ؛ ليسرقَ ثقافةَ الشعبِ السوريّ؛ ليُجَهِّـلَ الشبابَ السوريّ؛ و لِيُضعفَ التعليم» نعم هذه هي الحقيقةُ؛ جاءَ الغربُ بمنظومةِ أسد و دعموها بحاضنةٍ نُصيريةٍ غبيةٍ حاقدةٍ لوأدِ حضارة سورية و طمسِ معالمِ أنوارِ علومِها و أعلامِها و أصالتِها و مواقفِهـا، و ذلك عبرَ ترويج الرذيلةِ و العبثِ بالذائقة القِيميّة و الجماليّةِ و المعرفيّة للأجيال لذلك و تأسيساً على كل ما سبق يقرر “فارس”: «قُمنا بثورة لأنْ سورية لازم تقوم فيها ثورة!!».
• الثورة إذاً من منظور “محمد فارس” -المفكّر السوريّ الناضج- هي التي تنطلقُ من مبادئَ ثابتةٍ لا مساومةَ فيها، و قِيمٍ أخلاقيّةٍ راقيةٍ لا تنازلَ عنها لترسمَ مشروعاً حضاريّاً علماً و أخلاقاً يُعيدُ لسوريةَ الأُمويّة حضورَها و رِيادتها و بُعدها الحضاريّ الأرقى يومَ وصلت أوربة فأعلتْ للأندلسِ ذكراً، و ما الثورةُ إلا وسيلةٌ لتحقيق تلك الغاية و الهدف، و تحتاج في سبيل ذلك إلى بناء قوةٍ عسكريةٍ تدافعُ عنها و تُمضي مشروعها لذلك يؤكدُ “فارس” على ضرورة تلازم القوة مع العلم و الأخلاق للحفاظ على المشروع الحضاريّ الوليد بل هو مستعدٌّ لحملِ السلاحِ في ذلك و الذودِ عن سوريةَ المشروعِ الحضاريّ المُرتقَب.. فالثورة ليست رقصاً و تمايُلاً و هتافاتٍ و شعارات و راياتٍ و مظاهرَ جوفاءَ و قشوراً…؛ و إنّما هي وسيلةٌ لغايةٍ استراتيجية واعية و هي بناءُ سوريةَ الحضارة -بكل ما للكلمة من أبعاد-.
▪وصيتُـه الدائمة المتجدّدة
لمفكّرنا “الفارس” وصيةٌ دائمةٌ يستحضرُها مع كلِّ مناسبةٍ في لقاءاتِه و مجالسِه و هي التزامُ العلمِ نهجـاً ثابتاً و نشرُ التعليـمِ و تطويرُ أدواتِه و برامجِه، و نشرِ الفكر الواعي في المجتمع لاسيما فئة الشباب المتحفِّزِ نحوَ العمل و البناء، فيخاطبُ المعنيين بأنْ يصبوا جميعَ اهتمامِهم و جهودِهم باتجاه التعليـمِ؛ تعليمِ الأجيال وبنائِهم قِيمياً و تعزيزِ انتمائهم لسوريةَ بلدهم، و تسليحِهم بالمبدأ، و احترامِ علماءِ الوطن و شرفائه و إنزالهم منازلَهم و الاستفادةِ من علومِهم و خبراتِهم و صدقِ حبهم و هو الذي لطالما كان ماضيَ العزيمةِ في خدمة وطنه فتمنى بنبرةِ المتحسِّر: «كنتُ أتمنّى أنا و الطيّارون القدامى أنْ تستفيدَ سوريةُ من خبرتِنا ببناءِ قُوىً جويّةٍ حقيقيةٍ بكل معنى الكلمة لصدِّ أعداءِ سورية و ليس لقتلِ أبناءِ سورية، و حتى بعد هذا العمر أريد أن أُحلّقَ من جديد في بلدي إنْ شاء الله»
و هنا أجدني متألِّماً كيفَ لم يُستثمرِ المفكّرُ الحرّ و الرائد الفارس كما يجب باستثناء زيارات محدودةٍ ضيقةٍ لمناطق الشمال، إلى متى سنبقى نحاربُ أهلَ العلم و التخصّصِ و أصحابَ الكفاءة ممّن تتجاوزُ طموحاتُهم دائرةَ الإطار الشخصيّ لتستوعبَ الوطنَ بأكمله؛ و من المفارقات العجيبة أنّ تركيا ذاتَها التي كرّمت الرائد الفارس هي ذاتُها التي أهملتْه فلم يخطرْ على بالِ مسؤوليها استثمارُ خبراتِ “محمد الفارس” العلميّة و حسّه الوطنيّ في مؤسسات الداخل العسكرية و الأكاديمية و المدنيّة التي تديرها شخصياتٌ ذاتُ كفاءة محدودةٍ أو شخصياتٌ لا تمتلكُ الحدّ الأدنى من الثقافة و العلم؛ و مؤهلُهم الوحيدُ هو الانبطاحُ البرغماتيّ و آخرُ همهم التفكيرُ الوطني بعقلية السوريّ الأصيلِ المعتزِّ بانتمائه كما تذوقناه عند “الفارس” بلهجته الصادقة و عفويتِه المؤثِّرة.
و اسمحوا لي أنْ أبوحَ قائلاً: إنّ بعض الإعلامِ التركي عند نعيه لِـ “محمد فارس” لم يكن موفَّقاً إذ نعتَه باللاجئ السوريّ -الملتجِئ- ففي هذا الوصفِ إساءةٌ للفارس لدلالاته غير الإيجابية حسب المفهوم الاجتماعيّ التركيّ مع أنَّ الفارسَ يحملُ الجنسيةَ التركيّة و من أوائلِ الذين مُنِحُوها؛ فكيفَ يوصفُ بـ اللاجئ و هو من الكوادر السوريّةِ الثوريّةِ المهمةِ التي انشقت عن نظام أسد و هو في الآن ذاته تركيُّ لحمله للجنسية التركية؛ فأقلُ ما يُوصف به أنْ يُقال: اللواء السوريّ أو رائد الفضاء المنشق عن النظام السوريْ..أليسَ كذلك؟!!
• رحم اللهُ الرجلَ الأصيلَ “محمد فارس” الذي خرجَ من حلب؛ حلبَ الأصالةِ و الأعلامِ لا حلبَ المحاشي و الكبب.. حلبُ هي الرائد المفكّر “محمد فارس” وَ القانوني الفذُّ “د. مصطفى الزرقا” وَ السياسيّ المعتّق المستشار “د. معروف الدواليبي” وَ عميد أطباء العيون “الدكتور عبد الهادي صفّو” وَ رائد التربية “د. عبد الله ناصح علوان” وَ ناشرُ العلم و الفكر الورّاقُ “الحاج يحيى استانبولي”… -رحمهم الله و نفعَ سوريةَ بإنجازاتهم و أعاد في الأجيالِ سِيرتَهم-.