أثارت مشاركة الفارس السوري أحمد حمشو في بطولة كأس رئيس الدولة للفروسية، التي أقيمت مؤخرًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، موجة استنكار واسعة بين السوريين، بسبب خلفيته المعروفة بولائه الشديد لنظام الأسد السابق، واعتباره أحد أبرز وجوهه الرياضية والإعلامية لسنوات طويلة.
وما زاد من حدة الجدل، أن حمشو شارك تحت العلم السوري الجديد، في خطوة فُسرت على أنها محاولة لتبييض صورته السابقة، وتبنّي خطاب يتماشى ظاهريًا مع التحولات السياسية في سوريا بعد سقوط النظام، دون أن يُظهر أي مراجعة حقيقية لمواقفه السابقة.
دعوات لاستبعاده من الساحة الرياضية الدولية
على إثر ذلك، طالب ناشطون سوريون عبر منصات التواصل الاجتماعي وزير الرياضة والشباب السيد محمد سامح الحامض بالتدخل الفوري، ومخاطبة الاتحاد الدولي للفروسية (FEI) لاتخاذ الإجراءات القانونية من أجل شطب اسم أحمد حمشو من قائمة الرياضيين الممثلين لسوريا على المستوى الدولي.
اقرأ أيضاً: تحولات السوق العقارية في محافظة إدلب بعد التحرير
كما طالبوا بإبعاد أشقاء حمشو، عمرو وآية، عن أي تمثيل رياضي باسم سوريا في المحافل الإقليمية والدولية، مؤكدين أن حضورهم المستمر هو استمرار لحقبة رياضية مُسيّسة خدمت النظام السابق، وساهمت في تهميش الكفاءات الحقيقية داخل البلاد وخارجها.
وأشار النشطاء إلى أن مشاركة الثلاثي لم تكن ترتكز على الإنجاز الرياضي بقدر ما كانت مدفوعة بعلاقاتهم السياسية وارتباطهم الوثيق بدوائر النفوذ السابقة، مؤكدين أن الأداء المتواضع الذي قدموه في المنافسات الدولية لا يعكس طموحات السوريين ولا يليق برياضة وطنية تنشد التجديد.
خلفية مثيرة للجدل
في يوليو 2021، اختير أحمد حمشو من قِبل لجان تابعة لنظام الأسد البائد لحمل علم النظام في افتتاح أولمبياد طوكيو، في خطوة قوبلت حينها بانتقادات واسعة، نظرًا إلى ارتباطه الوثيق بعائلة حمشو، التي فرضت عليها عقوبات أمريكية صارمة بموجب قانون “قيصر” لعام 2020.
ويُعرف والد أحمد، رجل الأعمال محمد حمشو، بأنه من أبرز رجال المال الذين كوّنوا ثرواتهم عبر شراكة مباشرة مع النظام، وفرضت عليه عقوبات منذ عام 2011. وقد مثّل نجله أحمد النسخة الرياضية من تلك العلاقة، متربعًا على واجهة الفروسية السورية لسنوات.
تباين في المعايير: استبعاد لاعبات ومكافأة “الموالين”
في المقابل، اتخذت وزارة الرياضة والشباب السورية مؤخرًا قرارًا باستبعاد لاعبتين ومدرب من منتخب كرة السلة للسيدات، عقب نشر صور لهن دون علم سوريا الجديد، وهو ما أثار تساؤلات حول ازدواجية المعايير في تقييم من يحق له تمثيل سوريا، خاصة في ظل استمرار رموز النظام السابق في واجهة المشهد الرياضي.
تحركات حكومية لإصلاح القطاع الرياضي
وفي إطار إعادة هيكلة القطاع الرياضي، أعلنت وزارة الرياضة والشباب مؤخرًا عن إطلاق منصة لاكتشاف اللاعبين السوريين المغتربين الراغبين في تمثيل المنتخبات الوطنية، في خطوة تهدف إلى ضخ دماء جديدة في الرياضة السورية واستقطاب الكفاءات المؤهلة من الخارج.
وتأتي هذه التحركات بالتوازي مع قرارات إصلاحية اتخذتها الحكومة السورية الجديدة، أبرزها إلغاء منظمة الاتحاد الرياضي العام، واستحداث وزارة الرياضة والشباب لتكون الجهة العليا المنظمة للقطاع الرياضي في البلاد.
وقد أُوكلت قيادة الوزارة إلى السيد محمد سامح الحامض، المنحدر من مدينة كفرتخاريم في ريف إدلب، والذي وعد خلال كلمته أمام الرئيس السوري الجديد بإعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية في عموم المحافظات السورية، وفتح المجال أمام جيل جديد من الرياضيين لتمثيل سوريا بصورة تعكس طموحات أبنائها.
مطالب بإعادة الاعتبار للرياضة الوطنية
وفي ظل هذه التغيرات، يؤكد رياضيون ومراقبون أن المرحلة المقبلة تتطلب تنظيف الساحة الرياضية من رموز الفساد والتشبيح الرياضي الذين ارتبطوا بالسلطة السابقة، وفتح الباب أمام وجوه جديدة تؤمن بالعدالة والتمثيل النزيه.
ويرى كثيرون أن إقصاء الشخصيات الجدلية مثل أحمد حمشو وأشقائه لا يمثل استهدافًا شخصيًا، بل خطوة ضرورية لإعادة ثقة الجمهور برياضته الوطنية، ووضع الأسس الصحيحة لنهضة رياضية حقيقية تمثل سوريا المستقبل.