نساء في مخيمات شمال إدلب يعملنَ بمهنة البلوك الشاقة

عبد الكريم الثلجي

0 2٬041

 

أجبرت سنوات الحرب المناطق التي خرجت ضد النظام السوري على النزوح نتيجة العمليات العسكرية، مما أدى إلى فقدان الكثير من معيلي الأسر التي نزحت، فاضطرت النساء إلى العمل بمهن شاقة خاصة بالرجال؛ لتأمين المعيشة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

(كريمة الشيخ) أم يوسف، في حديث لها مع صحيفة حبر تقول: “أنا أعيش في خيمة واحدة مع ستة من أولادي نستخدمها للمنامة والطبخ بعد أن تم تهجيرنا من قريتي كفر نبودة شمال حماة، فقد خرجنا لا نملك شيء، وزوجي معتقل منذ عدة سنوات لدى قوات النظام ولا نعرف ما مصيره”.

 

العمل بصناعة البلوك لكسب لقمة العيش:

تتابع أم يوسف حديثها: “بعد أن نزحنا إلى مخيمات شمال إدلب زاد الوضع صعوبة علينا بسبب تكاليف المعيشة الغالية وقلة المساعدات الإنسانية، فلجأت أنا وأختي حبوس (مطلقة)، وأخي بسام إلى إقامة مشروع مكبس بلوك تبرع به أحد الخيرين، وهي مهنة زوجي المعتقل، وذلك من أجل كسب لقمة العيش، فبدأنا بإمكانياتنا المتواضعة بالعمل، نعمل منذ الخامسة صباحًا حتى العاشرة صباحًا، وأحيانًا نستمر حتى وقت الظهيرة.

العمل متعب، وهو للرجال وليس لنا، لكننا تعودنا عليه رغم المتاعب وانتقادات المجتمع المحيط في بداية مشروعنا، كما أنني أعاني من آلام الدسك ومن غضروف في الرقبة، وأولادي يساعدونني في العمل”.

أسعار البلوك والأجور:

وتضيف أم يوسف حول أسعار البلوك بقولها: “يصل سعر البلوكة الواحدة إلى (١،٢٥) ليرة تركية، ونعمل حسب الطلب، فأحيانًا هناك طلبيات تصل إلى (١٠٠٠) بلوكة في اليوم، وهذا يحتاج لجهد وتعب ووقت أكثر، وأحيانًا تمر أيام طويلة وليس هناك حركة للبيع، وهذا يشكل لنا هاجس خوف من عدم تأمين مصروفنا اليومي، حيث تتراوح الأجور اليومية بين 5 و10 ليرات تركية وهو مبلغ زهيد لعائلة كبيرة”.

تسعى (أم يوسف) لحل بديل في فتح بسطة أو محل لبيع الألبسة، فهي مهنة أسهل وتحقق أرباحًا أكثر، لكنها تحتاج إلى رأس مال، ليس لديها بديل سوى أن تعمل في صب البلوك في ظل تكاليف المعيشة الباهضة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار.

ويؤكد ذلك السيد بسام الشيخ شقيق أم يوسف قائلاً: “خرجنا من بلادنا في رحلة نزوح بدون أي شيء من أرزاقنا التي تركناها، بعدها تبرع لنا أحد الخيرين بثمن مكبس بلوك، وبالنسبة إلى شقيقتي كريمة وحبوس لا تعملان في هذا العمل مع أحد غيري، فأنا أقوم بعملية الدق على المكبس وأخواتي يقمنَ بجبل الإسمنت وتقديمه لي ليتم كبسه، أما في فترة العصر تقوم شقيقتاي بتحميل البلوك من أجل بيعه للزبائن”.

(رقية ردفيل) إحدى النساء العاملات في مجال تمكين المرأة ومديرة مركز زمردة النسائي التطوعي تقول : “عمالة نساء المخيمات ليست شيئًا اختياريًا، فهي مأساة إضافية سببتها قسوة الحياة وارتفاع سعر صرف  الدولار وصعوبة المعيشة على النساء ، ولهذا الأمر إيجابية في عدم الحاجة للسؤال وطرق الأبواب وتأمين مصاريف العائلة من خلال العمل الذاتي، لكن هذه  العمالة سوف تكون على حساب وقتها الذي من المفترض أن تمنحه  لأطفالها الذين فقدوا معيلهم الأساسي وهو الأب، وهو بالطبع سيكون على حساب حياتها الشخصية وصحتها كون العمل خاص بالرجال وشاق” .

وفي وقت سابق قالت الشبكة السورية في تقرير لها: “إن النظام قتل 21933 أنثى وما لا يقل عن 9668 أنثى قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منذ مارس / آذار 2011” كما أكد التقرير أن النزاع المسلح في سورية فرضَ على السوريات تغييرًا ثقيلاً، فقد تسبَّبت في انتقال عبء إضافي إلى المرأة، حيث ارتفعت نسبة الأُسر التي تُعيلها السيدات.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط