تعدُّ المياه الجوفية المورد الأساس للشمال المحرر، فمنذ انطلاق الثورة وانقطاع المياه صار الناس يحفرون لاستخراج المياه الجوفية، إلا أنّ الاستخدام الجائر لهذه المياه جعلها تتناقص بشكلٍ كبير، وفاق الأمر غياب القوانين التي تمنع الحفر الجائر، وكثرة الجفاف، والتلوث الكبير، وتحويل عدة جداول وأنهار إلى مياه صرف صحي، فضلًا عن رمي القمامة، وارتفاع درجات الحرارة والتبخر.
أسباب النقص الحاد في المياه الجوفية بالشمال السوري:
يقول الباحث الجغرافي (حسن حلاق) في مقابلة صحفية مع حبر: “الأسباب كثيرة، منها حفر الناس لاستخراج المياه بشكل عشوائي دون وجود ضابط، ما جعل المياه الجوفية تنقص بشكل كبير، خصوصًا أنّ مياهنا الجوفية غير متجددة، لأسباب جيولوجية متعلقة بمرور الوطن العربي بعصر الجفاف، دون التطرق إلى المبالغة في حفر الآبار التي تجعل الأرض أكثر عرضة للزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية، وغياب المياه العذبة السطحية، والضغط السكاني الكبير الذي أثر أيضًا على المياه الجوفية، ويمكننا التعميم على كل بلدات ريف إدلب الشمالي”.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
(محمد يونس) صاحب بئر ماء، يقيم في مخيمات مشهد روحين في ريف إدلب الشمالي، يقول: “يلجأ المواطن للمياه لغياب مياه الينابيع التي غابت منذ سنوات، ولم يكن لنا إلا الحفر لاستخراج المياه الجوفية، علمًا أننا نعلم خطورة نضوبها، لكن لا يوجد أي مورد آخر، فلا يوجد أنهار ولا مصادر مياه عذبة إلا هذه الطريقة، والضغط السكاني، وانحسار البقعة الجغرافية سبب في ذلك، ولا ننسى الزراعة الكثيفة التي تحتاج الكثير من المياه، ما جعل الأهالي يتجهون لحفر المزيد من آبار المياه”.
المياه السطحية بين الوفرة والانحسار:
المياه السطحية توجد حيث الأنهار والينابيع والجداول، أو تجمع مياه الأمطار وغيرها، إلا أن المياه السطحية في مرحلة تذبذبٍ، بين الوفرة والزوال، وحول ذلك أوضح لنا المواطن (عمر محمد ديب) نازح من معرة النعمان، الأسباب التي عملت على تدهور المياه السطحية، في مدينة عفرين، كونه يقيم فيها، حيث قال: “إن المحرر يمتاز بوجود العديد من المسطحات المائية، التي تخترقه وهي مصادر للمياه العذبة، فعلى سبيل المثال نهر عفرين، الذي يعد موردًا أساسيًا للزراعة والشرب في أماكن المنبع، إلا أن مياه النهر لم تصلح الآن حتى للزراعة، وذلك لتحويل الصرف الصحي عليه، فضلاً النفايات والقمامة التي تحيط بمصادر منبعه، وعدم وجود البدائل لرمي القمامة والصرف الصحي إلا في النهر، ما حرم العديد من المزارعين الاستفادة من مياهه العذبة في الشرب والزراعة”.
صحيفة بريطانية : قسد تتخوف من الانسحاب الأمريكي شرق سورية
ما الحلول للحفاظ على المياه الجوفية والسطحية بالشمال السوري؟
بالعودة إلى الباحث الجغرافي (حسن حلاق) للحديث عن أبرز الحلول قال: “تكمن الحلول أولاً بالحدّ من حفر آبار جديدة، لتفادي العديد من المشاكل، ووضع حملات توعية للحدّ من استنزاف المياه من قبل المنظمات الخدمية والمعنيين من خلال الإعلانات البروشورات الورقية، ثانيًا الاستعانة بمياه الأمطار، وتجميعها في الشتاء على الرغم من قلتها، واستثمارها في الري ضمن دورات زراعية منظمة، مع مراعاة حالات المناخ للمحافظة قدر الإمكان على المياه، أما الحلول حول المياه السطحية، فمن خلال تحويل جريان الصرف الصحي إلى أماكن أخرى، عبر تمديدات جديدة، نحو حفر كبيرة، بعيدًا عن مياه الأنهار، ومنع رمي القمامة وغيرها في المياه العذبة، ووضع خطة لاستثمار المياه بشكل منتظم، بدون الضغط على مياه النهر وخاصةً في فصول الجفاف”.
ويمتاز الشمال المحرر بمناخٍ معتدل، مما يساعد على وجود المياه، لكن يجب وضع خطة تنظيمية من أجل المحافظة عليها، بعيدًا عن الاستنزاف في ظل الضغط السكاني.