هل انتصرت طهران؟

غسان الجمعة

0 438

غسان الجمعة

بحماية روسية تشقُّ إيران غمار المتوسط أمام الأعين الإسرائيلية، لتمدّ النظام السوري بالنفط متحديةً الحظر الأمريكي على نظام الأسد، بل إنها قد تخفي شحنات أسلحتها لميلشياتها في هذه السفن حسب وكالات محلية ودولية، كل ذلك برضا روسيا وتحت مظلتها.

في حين تسعى الولايات المتحدة أكثر من إيران نفسها لإعادة تفعيل الاتفاق النووي في وقت لا تكفّ فيه أوروبا عن خطب الودّ الإيراني، وتأكيد رغبتها بفتح علاقات أوسع معها.

لمتابعة الأخبار السياسية والمنوعة اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

لذلك فإن المصالح الإيرانية تعيش فترة نضوج وانتعاش بعد التزلف الإقليمي والدولي للنظام الإيراني، وهو ما دعا بالبعض إلى القول بانتصار السياسة الخارجية الإيرانية في معركتها لتوسيع نفوذها، وبات محور الممانعة أقوى ممَّا سبق، فهل يمكننا أن نقول: إن أيران انتصرت؟!

اقرأ أيضاً: فراس طلاس يكشف عن اسمين اختارهما الأسد لمنافسته!

البداية من المتغير الأمريكي الذي بدأ مغازلة طهران مع وصول بايدن للبيت الأبيض، حيث تفاوض اليوم واشنطن طهران للعودة للاتفاق النووي السابق الذي نسفه ترامب مدفوعةً بمجموعة من الأسباب التي يمكن إرجاعها لتصفية حسابات حزبية داخل الولايات المتحدة بين الجمهوريين والديمقراطيين في طريقة التعامل مع هذا الملف وتراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة التي تتنافس فيها مع طهران وغيرها عليها.

فالتركيز الأمريكي اليوم هو على الصين التي تهدد نفوذ واشنطن في العالم، لذلك فإن الولايات المتحدة قد تتراجع خطوات عديدة في سبيل معالجة ما هو أهم في سلم أولوياتها، وهو ما يريح طهران بطبيعة الحال، لكنه لا يجعل منها تلك المنتصرة على أطلال الانكفاء الأمريكي.

من جانب آخر استدركت روسيا مسارها مع طهران الذي كانت تعترضه فخاخ التفاهم مع تل أبيب، فهي تراقب بعين الحذر محادثات الاتفاق النووي ومحاولات توريطها بإزاحة ميلشيات إيران خارج الخريطة السورية، في الوقت الذي تقلص فيه واشنطن حليفة إسرائيل خلافاتها مع إيران.

ولعل بوتين يدرك معنى هذا التقارب الذي قد يضعه في موقف الحلف الحتمي مع الصين في حال تسوية واشنطن ملفاتها مع طهران بعيدًا عن الفلك الروسي ليزيد من عزلة موسكو إقليمًا ودوليًا.

لذلك فإن روسيا ليست بصدد تعكير صفو علاقتها مع إيران في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لإبرام الاتفاق معها، وإن كان هذا يغضب نتنياهو ويخل باتفاقه مع بوتين حول الوضع الإيراني في سورية، إلا أن سقوط صاروخ بالقرب من مفاعل ديمونا ومرافقة السفن الروسية لسفن الشحن الإيرانية المتجهة لسورية يؤكد عودة الكرملين إلى سياسة التناغم والتوازن في مدّ جسور العلاقات مع كل من طهران وتل أبيب.

من جهة أخرى كان آخر من أرسل لإيران إشارات إيجابية هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تدير بلاده صراعًا بالوكالة مع طهران في اليمن، وذلك عندما أعرب عن رغبة المملكة السعودية بناء علاقات مع (الجارة) إيران، وهو ما عدّه محور المقاومة الإيراني انسحابًا من المواجهة وانتصارًا مفاجئًا لطهران، إلا أن التوجه السعودي في سياسات المنطقة لم يتغير جوهريًا بقدر ما تسعى المملكة لتصفير مشكلاتها مع محيطها الإقليمي وفق مصالحها مع كل الأطراف.

إن التراجع خطوة للوراء من قبل معظم الأطراف في التعامل مع إيران هو ناتج حسابات إقليمية وخلافات دولية في مناطق نفوذ جديدة، ولا تعكس قوة إيران أو قدرتها على الانتصار.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط