وزير الخارجية السوري يعيد رسم خريطة العلاقات الدولية في مؤتمر ميونخ للأمن

1٬339

شهد مؤتمر ميونخ للأمن 2025 حضورًا سوريًا رسميًا بارزًا، حيث شارك وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في فعاليات هذا الحدث الدولي الهام، في خطوة تهدف إلى إعادة انخراط سوريا في المشهد السياسي العالمي، بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها البلاد في الأشهر الماضية.

لقاءات دولية لتعزيز التعاون وإعادة الإعمار

في إطار سعيه لتعزيز الاستقرار وإعادة بناء العلاقات الخارجية لسوريا، عقد الوزير الشيباني سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية رفيعة المستوى، كان أبرزها لقاؤه مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان. ركزت المناقشات على آفاق التعاون في المرحلة الانتقالية، ودعم الاستقرار الأمني والسياسي، إضافة إلى ملف مكافحة الإرهاب وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، في ظل انفتاح تركي على دعم العملية السياسية السورية الجديدة.

كما التقى الشيباني بـ وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، حيث تناولت المحادثات ضرورة تمثيل جميع المكونات السورية في الحوار الوطني، مع تأكيد بيربوك على التزام ألمانيا بدعم استقرار سوريا وتعزيز التعددية السياسية فيها.

وفي لقاء آخر، اجتمع مع نظيره البريطاني، ديفيد لامي، لمناقشة دعم الانتقال السياسي وإعادة الإعمار، فيما شدد وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، خلال لقائه بالشيباني على أهمية المساعدات الإنسانية وضرورة تخفيف العقوبات لتعزيز النشاط الاقتصادي في سوريا.

حوار استراتيجي مع الكونغرس الأمريكي

في خطوة تعكس تحولًا في العلاقات السورية-الأميركية، التقى الشيباني مع السيناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتورة جين شاهين، والسيناتور مايكل ماكول. تناولت المباحثات مستقبل العلاقات الثنائية، وأهمية الحوار لضمان انتقال سياسي ناجح، مما يعكس توجهًا أميركيًا للتعامل بواقعية مع المتغيرات في سوريا.

ملفات إقليمية ودولية على طاولة النقاش

شملت اللقاءات أيضًا اجتماعًا مع رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، حيث ركز الطرفان على مستقبل التعاون بين الإدارة السورية الجديدة والإقليم، خاصة في دعم استقرار المناطق الشمالية، وضمان حقوق المكونات الكردية ضمن إطار الدولة السورية.

اقرأ أيضاً: بارزاني والشيباني يبحثان تطورات سوريا والعراق على هامش مؤتمر…

كما أجرى الشيباني مباحثات مع ممثل إمارة ليشتنشتاين لدى الأمم المتحدة، فينافيسير، حول دعم العملية السياسية في سوريا وفق الأطر القانونية الدولية. وفي لقاء آخر مع فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تمت مناقشة ملف المعتقلين والمفقودين، وسبل تعزيز العدالة الانتقالية في البلاد.

رسائل واضحة حول العقوبات وإعادة الإعمار

في إحدى جلسات الحوار بالمؤتمر، ألقى الشيباني كلمة حاسمة أكد فيها أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تعيق جهود إعادة الإعمار، داعيًا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في هذه الإجراءات لدعم استقرار البلاد. وأوضح أن الإدارة السورية الجديدة ورثت اقتصادًا هشًا وبنية تحتية مدمرة، ما يتطلب دعمًا دوليًا لإعادة بناء البلاد.

وأكد الشيباني أن سوريا تسعى لبناء علاقات دولية قائمة على المصالح المشتركة، بعيدًا عن سياسات العزلة السابقة، مشددًا على ضرورة التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، ومؤكدًا أن سوريا لن تكون ساحة للصراعات الدولية، بل طرفًا فاعلًا في تحقيق الأمن الإقليمي.

آفاق جديدة للدبلوماسية السورية

عكست مشاركة سوريا في مؤتمر ميونخ للأمن رغبة واضحة في الانفتاح على المجتمع الدولي، واستعادة دورها في الساحة السياسية العالمية. وأظهرت اللقاءات الدبلوماسية التي عقدها الشيباني اهتمامًا متزايدًا من الدول الكبرى بالشأن السوري، وإدراكًا لأهمية دعم استقرار البلاد في هذه المرحلة الحرجة.

رغم التحديات المستمرة، إلا أن مؤتمر ميونخ للأمن 2025 شكّل فرصة ذهبية للحكومة السورية الانتقالية لتعزيز علاقاتها الدولية، والتأكيد على التزامها بإعادة الإعمار، وتحقيق العدالة الانتقالية. من المتوقع أن تؤدي هذه التحركات الدبلوماسية إلى فتح آفاق جديدة لمستقبل سوريا في الفترة القادمة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط