وفد صيني يلتقي الرئيس أحمد الشرع في دمشق

47

في أول لقاء علني بين الجانبين منذ سقوط نظام بشار الأسد، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم أمس، سفير الصين لدى دمشق شي هونغ وي والوفد المرافق له، وذلك في قصر الشعب بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. يأتي هذا اللقاء في إطار سلسلة من الزيارات الدولية للاطلاع على رؤية الإدارة السورية الجديدة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بعد مرحلة من التحولات السياسية الكبرى في البلاد.

إعادة إحياء العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والصين

أعلنت الرئاسة السورية عبر حسابها على منصة “إكس” أن اللقاء شهد مباحثات رفيعة المستوى، دون أن تكشف عن تفاصيل محددة حول فحوى المناقشات. إلا أن توقيت الاجتماع يعكس رغبة الطرفين في تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة أن الصين كانت من أبرز الداعمين لنظام الأسد السابق على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

يُعد هذا اللقاء تطورًا مهمًا في العلاقات السورية-الصينية، إذ يمثل أول تواصل دبلوماسي علني بين البلدين بعد التغيرات السياسية في سوريا. ويأتي في إطار مساعي الإدارة الجديدة لإعادة بناء العلاقات الخارجية مع القوى العالمية، واستكشاف آفاق التعاون الاقتصادي والدبلوماسي بما يعكس مواقف أكثر انفتاحًا ومرونة في السياسة الخارجية السورية.

الصين تؤكد استمرار موقفها من مكافحة الإرهاب

بالتزامن مع الزيارة، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون في مؤتمر صحفي أن الصين لا ترى الظروف مهيأة بعد لرفع “هيئة تحرير الشام” وأعضائها من قائمة العقوبات الأممية المفروضة بموجب القرار 1267. وجاء هذا التصريح ردًا على استفسارات حول اقتراحات بعض الدول برفع العقوبات.

اقرأ أيضًا: بيدرسن: تشكيل حكومة سورية شاملة قد يسهم في رفع العقوبات

وشدد قوه جيا كون على أن الصين تحث الإدارة السورية الجديدة على اتخاذ تدابير حازمة لمكافحة الإرهاب، مضيفًا أن بكين تراقب عن كثب تطورات الأوضاع الأمنية في سوريا، وتدعو إلى التصدي بحزم لجميع أشكال القوى الإرهابية والمتطرفة.

دور الصين في دعم نظام الأسد

خلال سنوات الحرب السورية، لعبت الصين دورًا محوريًا في دعم نظام بشار الأسد على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية. فمنذ اندلاع الأزمة السورية، وقفت بكين بحزم إلى جانب النظام السوري، واستخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرارات تدين النظام أو تفرض عليه عقوبات دولية.

كما عارضت الصين أي تدخلات عسكرية خارجية في سوريا، مشددة على احترام السيادة السورية، وداعية إلى حل سياسي للأزمة بعيدًا عن التدخلات الأجنبية. وفي إطار العلاقات الاقتصادية، وقعت الصين وسوريا العديد من الاتفاقيات التي شملت مجالات التجارة والبنية التحتية والطاقة والمواصلات، وساهمت بكين في تزويد دمشق بالسلع الأساسية مثل المواد الغذائية والأدوية.

دعم عسكري غير مباشر وتعاون أمني

ورغم أن الصين لم تشارك عسكريًا بشكل مباشر في الصراع السوري، إلا أنها قدمت دعمًا عسكريًا غير مباشر من خلال إمداد النظام السوري بالأسلحة والمعدات العسكرية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات التدريب والتكنولوجيا العسكرية. ويعد هذا التعاون جزءًا من استراتيجية الصين لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وتأمين مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في سوريا.

دلالات وتداعيات اللقاء على المشهد السياسي السوري

يعد اللقاء بين الرئيس أحمد الشرع والسفير الصيني مؤشرًا واضحًا على رغبة بكين في الحفاظ على نفوذها في سوريا، خاصة بعد التغيرات السياسية الكبيرة في البلاد. ويعكس أيضًا توجه الإدارة السورية الجديدة نحو تنويع الشراكات الدولية، وإعادة ترتيب أولوياتها الدبلوماسية بما يتناسب مع المشهد الإقليمي والدولي.

ويرى مراقبون أن الصين تسعى من خلال هذه الزيارة إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في سوريا، خاصة في مجالات إعادة الإعمار والطاقة والبنية التحتية، إضافة إلى تعزيز دورها السياسي كلاعب دولي مؤثر في قضايا الشرق الأوسط.

ترقب لموقف الإدارة السورية الجديدة

حتى الآن، لم تصدر تصريحات رسمية من الرئاسة السورية حول تفاصيل المحادثات أو الاتفاقيات المحتملة مع الجانب الصيني. إلا أن هذا اللقاء يفتح الباب أمام مزيد من الزيارات الدبلوماسية والمشاورات الدولية، وسط ترقب واسع لمواقف الإدارة السورية الجديدة من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك ملف مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار.

مستقبل العلاقات السورية-الصينية

من المتوقع أن تشهد العلاقات السورية-الصينية تطورًا ملحوظًا في الفترة القادمة، مع احتمالية توقيع اتفاقيات جديدة في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية. ويبدو أن بكين تراهن على استقرار الأوضاع في سوريا لتعزيز دورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، خاصة في ظل التنافس الدولي على النفوذ في الشرق الأوسط.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط