وصل اليوم السبت وفد رفيع المستوى من جامعة الدول العربية برئاسة حسام زكي، الأمين العام المساعد ورئيس مكتب الأمين العام، إلى العاصمة السورية دمشق، في أول زيارة رسمية من الجامعة إلى سوريا منذ سقوط نظام الأسد وتسلم الإدارة الجديدة مقاليد الحكم. تمثل هذه الخطوة تطوراً لافتاً في العلاقات بين سوريا والجامعة العربية، بعد أكثر من عقد من القطيعة نتيجة الأزمة السياسية والحرب المستمرة في سوريا منذ عام 2011.
استئناف العلاقات بعد سنوات من التجميد
تأتي هذه الزيارة كجزء من جهود الجامعة العربية لإعادة فتح قنوات الاتصال مع الإدارة الجديدة في دمشق، عقب سنوات من تعليق عضوية سوريا في الجامعة على خلفية أحداث الثورة السورية وما تلاها من صراعات دموية. وأكدت مصادر مطلعة في الجامعة أن الهدف الأساسي للزيارة هو استكشاف الوضع الداخلي في سوريا، ومناقشة مسارات العمل المشترك مع الإدارة الجديدة.
دعوة من الإدارة السورية الجديدة
وفقاً لمصادر مطلعة، طلبت الجامعة العربية من الإدارة السورية تحديد موعد للزيارة، حيث أبدت الأخيرة استعدادها لاستقبال الوفد. وأوضحت الجامعة في بيان سابق أن الهدف من هذه الخطوة هو الاطلاع على تطورات الأوضاع في البلاد والعمل على تفادي أي محاولات لإثارة الفتنة في سوريا، مشددة على حرصها على تحقيق الاستقرار ودعم الانتقال السياسي السلمي في البلاد.
اقرأ أيضاً: الداخلية السورية تُحبط تهريب أسلحة وصواريخ إلى لبنان
لقاءات مع أطياف سورية مختلفة
كشفت مصادر دبلوماسية أن زيارة الوفد العربي إلى دمشق لن تقتصر على لقاء المسؤولين في الإدارة السورية الجديدة، بل ستشمل أيضاً لقاءات مع ممثلي مختلف مكونات المجتمع السوري، بهدف تقديم تصور شامل حول الوضع الداخلي في سوريا. وتهدف هذه اللقاءات إلى فتح قنوات اتصال مباشرة بين الجامعة والإدارة السورية الجديدة، والاستماع إلى رؤيتها وتصوراتها بشأن العلاقات المستقبلية مع الدول العربية.
زيارات عربية متزامنة إلى دمشق
شهدت العاصمة السورية خلال الشهر الماضي زيارات لوفود عربية رفيعة المستوى، منها زيارة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. كما زار دمشق الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، ووزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا. هذه الزيارات تأتي في إطار محاولات عربية لإعادة رسم العلاقات مع سوريا في ظل الإدارة الجديدة.
مواقف عربية متفاوتة
رغم هذه الانفتاحات، تواصل بعض الدول العربية اتخاذ مواقف حذرة تجاه الإدارة السورية الجديدة. وأشار مراقبون إلى أن الموقف المصري على وجه الخصوص مرهون بخطوات دمشق المستقبلية. وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هو الأول من نوعه مع نظيره السوري أسعد الشيباني، أكد فيه حرص مصر على دعم استقرار سوريا، وشدد على أهمية شمولية عملية الانتقال السياسي.
أهداف الزيارة ورسائل الجامعة
أوضحت مصادر في الجامعة العربية أن الهدف الأساسي من زيارة الوفد العربي إلى دمشق هو تعزيز التنسيق مع الإدارة السورية الجديدة، والعمل على وضع تصور متكامل للتعاون المستقبلي بين سوريا والجامعة. كما تهدف الزيارة إلى التأكيد على استعداد الجامعة لدعم أي خطوات تعزز الاستقرار في سوريا وتعيدها إلى دورها الطبيعي في المحيط العربي.
وأكد المصدر أن الزيارة تحمل رسالة مفادها أن “سوريا شريك أساسي في النظام العربي”، وأن الجامعة مستعدة للعمل مع الإدارة الجديدة لتحقيق الأهداف المشتركة التي تصب في مصلحة الشعب السوري والدول العربية الأخرى.