موت حسن نصر الله وفرحة شعب طالت معاناته

عبد الملك قرة محمد

1٬522

بمقتل حسن نصر الله، ينتهي فصل مظلم من تاريخ مليء بالدماء والدمار. هذا القائد الذي وقف إلى جانب بشار الأسد، لم يكن فقط داعمًا لواحدة من أكثر الأنظمة القمعية وحشية في التاريخ الحديث، بل كان أيضًا شريكًا في قتل شعب بأسره، في قلبه حلم الحرية.

حسن نصر الله لم يكن مجرد قائد ميليشيا، بل رمزًا للطائفية والكراهية. حمل على عاتقه مساندة الأسد في قمع الثورة السورية، وإخماد صوت الشعب الذي طالب بحقوقه.

في كل مدينة، في كل قرية سورية، هنالك جروح لم تلتئم، وقلوب لم تجد سبيلاً للنسيان.

صور المذابح والمجازر التي ارتكبها نظام الأسد بدعم ميليشيات حزب الله لا تزال محفورة في ذاكرة الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، والأطفال الذين حُرموا من طفولتهم، والشيوخ الذين رأوا أحفادهم يُذبحون أمام أعينهم.

كيف ننسى حصار حمص؟ كيف ننسى أصوات الاستغاثة التي خرجت من البيوت المحاصرة؟ وكيف ننسى الجثث التي تراكمت في الشوارع؟ هذه الجرائم التي شارك فيها نصر الله بميليشياته الطائفية كانت تُنفذ باسم المقاومة، بينما هي في حقيقتها مقاومة لأحلام الشعوب وحقوقها.

في القصير، تلك المدينة التي ذُبحت على يد ميليشياته، ارتفعت أعمدة الدخان واختلطت أصوات الانفجارات بصراخ المدنيين. كان كل حجر يسقط يحمل معه قصة بيتٍ، وحلمًا بسيطًا لعائلة كانت تأمل في غد أفضل، لكن نصر الله قطع عليهم حتى الأمل.

في شوارع حلب التي امتلأت برائحة الموت، كان صوت القذائف لا ينقطع، والمنازل تسقط واحداً تلو الآخر ، فيما كان نصر الله يقود قواته إلى قلب هذه المدينة ليقتل أهلها باسم المقاومة. كيف ننسى تلك العيون البريئة التي كانت تحدق من خلف الأنقاض بحثًا عن مخرج من جحيم الحصار؟ وكيف ننسى الأمهات اللواتي تجرعن مرارة الفقد، وهن يجمعن بقايا أجساد أطفالهن بين الركام؟

عناصر حزب الله في معارك حلب وريفها

 

في الغوطة الشرقية، تلك البقعة التي شهدت واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ سوريا، كان نصر الله شريكًا في الحصار والتجويع. هناك، حيث مات الأطفال من الجوع، وحيث صارت الأمهات يقدمن فتات الطعام لأبنائهن، بينما تنظر أعينهن بحزن إلى السماء، تنتظر معجزة تنقذهم من براثن الحصار الذي شارك فيه نصر الله وحزبه. كانت الغوطة شاهدة على وحشية لا توصف، فقد ذبلت فيها الأزهار، وماتت الحياة في قلوب الناس، ولم يكن لهم إلا الصبر وسؤال: متى ينتهي هذا الكابوس؟

عناصر حزب الله في معارك الغوطة الشرقية

كم من أب رأى أبناءه يُقتلون أمام عينيه، وكم من أم دفنت فلذات كبدها بيديها وهي تبكي وتصرخ على الظلم الذي نزل بهم. كم من شباب حُرِموا من حياتهم، ورجال قُتلوا بدم بارد، فقط لأنهم وقفوا ضد القمع والظلم.

اليوم، حين نسمع خبر نفوقه، نشعر بمزيج غريب من الفرح والحزن. فرح لأن الطغاة، مهما بلغت قوتهم، لا يدومون، ومهما استبدوا، فإن ساعة النهاية تأتي. وحزن لأن الأرواح التي زهقت بسببه لن تعود، والبيوت التي تهدمت لن تُبنى من جديد بسهولة.

فرحة السوريين ليست شفاءً للجروح التي تركها خلفه، لكنها لحظة انتظار طويل أن ينال الطغاة نصيبهم من العدالة. هذه الفرحة ليست فقط بانتهاء حياة رجل ساهم في تدمير حياة الملايين، بل هي أيضاً إيمان بأن الحق لا بد أن ينتصر في نهاية المطاف، وأنه مهما طال الظلم، فإن العدالة قادمة، ولو بعد حين.

في كل شارع دُمر، في كل روح أُزهقت، هناك اليوم صوت صغير يقول: انتهى زمن الجلاد، ورحلت معه كوابيس الألم والدمار.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط