في مقابلة على البودكاست السياسي البريطاني “The Rest is Politics”، تحدث الرئيس السوري أحمد الشرع عن رحلته من صفوف المقاومة إلى كرسي الرئاسة، كاشفًا عن رؤيته السياسية والاقتصادية وخطته لإعادة بناء سوريا بعد سنوات من الصراع.
زيارة السعودية.. البعد الشخصي والسياسي
أكد الرئيس الشرع أن زيارته إلى الرياض جاءت بدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشيرًا إلى أن المملكة كانت وطنه الأول حيث وُلد وترعرع، وكان دائمًا يتطلع للعودة إليها على المستوى الشخصي. أما سياسيًا، فقد اختار أن تكون أول زيارة له كرئيس إلى دولة عربية ذات ثقل إقليمي، مما جعل السعودية الوجهة المثلى.
من المقاومة إلى الرئاسة.. مسيرة محفوفة بالتحديات
تحدث الشرع عن نشأته بين السعودية ودمشق والعراق، وتأثير الانتفاضة الفلسطينية في بداية الألفية على وعيه السياسي. وأوضح أن عائلته تنحدر من الجولان السوري المحتل، وأن والده كان لاجئًا سياسيًا في العراق، حيث أسهم في النقاشات السياسية عبر الصحف السعودية والسورية، مما زرع بداخله حسًا سياسيًا مبكرًا.
السجن في العراق.. المحطة الفارقة
انتقل الشرع إلى العراق في سن مبكرة بدافع التعلم والمشاركة في مقاومة الاحتلال الأميركي، مؤكدًا أنه لم يكن طرفًا في النزاعات الطائفية التي اجتاحت البلاد. إلا أن هذه التجربة أدت إلى اعتقاله، حيث قضى خمس سنوات في السجون العراقية. هناك، التقى بشخصيات سياسية بارزة، وساهمت هذه الفترة في صقل أفكاره وإعادة تشكيل رؤيته لمستقبل سوريا.
الصراع مع داعش والقاعدة.. معركة من نوع آخر
بعد خروجه من السجن، عاد الشرع إلى سوريا، حيث قاد مجموعة صغيرة من المقاتلين ضد النظام، سرعان ما نمت لتضم آلاف العناصر. وأوضح أنه رفض استنساخ تجربة العراق في سوريا، مما دفعه إلى الصدام مع تنظيم القاعدة وداعش، حيث خسر أكثر من 1200 مقاتل في المعارك ضدهم.
اقرأ أيضاً: شام FM، السلطة والإعلام، ذراع النظام الناعمة
إعادة بناء الدولة.. الأولويات والمبادرات
أكد الرئيس السوري أن حكومته تركز الآن على تثبيت مؤسسات الدولة ومنع انهيارها، مشيرًا إلى أن مؤتمرًا للحوار الوطني سيتم الإعلان عنه قريبًا، يعقبه تشكيل لجنة دستورية لصياغة دستور جديد. كما شدد على أن إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية على رأس الأولويات، داعيًا إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
رؤية اقتصادية جديدة.. هل تتكرر تجربة سنغافورة؟
أوضح الشرع أنه يسعى إلى بناء نموذج اقتصادي يلائم خصوصية سوريا، مستلهمًا من تجارب دول مثل سنغافورة والبرازيل ورواندا، لكنه شدد على ضرورة عدم نسخ التجارب دون مراعاة السياق السوري.
إعادة هيكلة الجيش.. نحو جيش وطني جديد
كشف الرئيس السوري عن خطط لإعادة بناء الجيش، قائلًا إنه جلب معه مؤسسة عسكرية منظمة لتحل محل الجيش السابق، الذي وصفه بأنه مجرد ميليشيات تابعة لإيران وروسيا. وأكد أن التجنيد سيكون طوعيًا بالكامل، مشيرًا إلى أن آلاف المتطوعين ينضمون يوميًا إلى الجيش الجديد.
موقفه من العقوبات الأميركية وترامب
انتقد الشرع العقوبات الأميركية على سوريا، معتبرًا أنها لم تعد مبررة بعد سقوط النظام السابق، مطالبًا المجتمع الدولي بمراجعة سياساته تجاه دمشق. كما عبّر عن قلقه إزاء تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن التاريخ أثبت فشل محاولات التهجير القسري.
من الثورة إلى الحكم.. انتقال صعب لكن ضروري
في ختام حديثه، أكد الشرع أن عقلية الثورة وحدها لا تكفي لإدارة دولة، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب تركيزًا على إعادة الإعمار والاستقرار السياسي. وأضاف:
“لم أسعَ للرئاسة، لكنها مسؤولية فُرضت عليّ، والهدف الآن هو بناء سوريا جديدة قوية ومستقرة.”