منظمة في الشمال السوري تقدم مفهومًا فعالًا ومتميزًا في دعم ذوي الإعاقة

غسان دنو

0 605

غسان دنو

يُعرف ذوي الإعاقة الخاصة في المناطق المحررة بأصحاب الهمم الجبارة الذين يقدمون للشباب الأصحاء نموذجًا يحتذى به في العمل، إذ لا مستحيل مع الإصرار.

وكان للمنظمات الإنسانية العاملة في الشمال المحرر دور رئيس في رعايتهم ودمجهم في المجتمع، ومن تلك المنظمات منظمة (يدًا بيد) التي قدمت خدماتها للمئات منهم في كل من إدلب وعفرين والباب وصولاً إلى جرابلس.

وعن دور المنظمة التقينا الأستاذ (فراس ناصيف) منسق الحماية في (يداً بيد) التي أشرفت على تدريب 500 شخص ضمن برامجها في دمج ذوي الإعاقة موزعين على 40 منظمة.

يقول فراس لصحيفة حبر: “تهتم المنظمة بالأنشطة التي تدعم هذه الفئة من المجتمع انطلاقًا من حقهم بالمساواة، الأمر الذي يساعد في تغيير ثقافة المجتمع ومعتقداته تجاه هذه الفئة المهمشة.”

وأضاف: “نعمل على مناصرة قضايا مهمة تدفع بقدرات الأشخاص من ذوي الإعاقة للظهور، وضمان حقهم في التعلم، حيث تؤكد الدراسات أن 97 % منهم قادرين على التعلم مقابل 3% غير قادرين.”

آلية عمل البرامج الخاصة بالدمج:

تعمل (يداً بيد) في أقسامها المتعددة على تقديم خدماتها لهذه الفئة من المجتمع لتحسين ظروفهم المعيشية وفق حلقات الحماية المترابطة، من خلال مشاريع تهدف لدمجهم وتضمينهم في الأنشطة والمجتمع بشكل عام.

وصممت المشاريع عبر مجموعة من الخبراء والتقنيين المختصين في تقييم الاحتياجات الأساسية بحسب رغبة ذوي الإعاقة، لتساعدهم في التغلب على العقبات الطبيعية لكل شخص منهم.

ويتابع الأستاذ فراس: “بدأنا بجمع البيانات والإحصائيات عن الأشخاص الذين تعرضوا للإصابات، ثم كانت الاستجابة عبر عيادات متنقلة تقدم خدماتها لكل حالة منهم في بيته وتتضمن كل عيادة داعم نفسي ومعالج فيزيائي وممرض، ثم تطورت الخدمة حتى وصلنا لإقامة مراكز ثابتة بكل منطقة.

ومن الخدمات تقديم علاج النطق ومستلزماته من المعينات السمعية، ومركز لتركيب الطراف الصناعية، وأيضًا خدمة دعم الأقران، وخدمة إدارة الحالة، حيث يتم التنسيق مع أصحاب المصلحة في المجتمع المحلي والدعم اللازم لذوي الإعاقة وعائلاتهم، وقد بلغ عدد المستفيدين 1000 حالة.”

اقرأ أيضاً: متجر أبناء الشهداء في سرمين مشروع خيري خدمي

مهنة كريمة ودمج بالمجتمع:

تربط المنظمة مع شركائها ووكالات أخرى في الداخل السوري بحسب كل حالة؛ لضمان عيش كريم لهم، حيث تتكفل (يداً بيد) بخدمات النقل والربط مع الشركاء لتلقي الخدمة المطلوبة

 

من خلال اختيار المهنة وتأمين المعدات اللازمة، وتتابع المنظمة مع كل حالة بشكل منفرد بتقديم التدريبات المهنية المرغوبة لخلق فرصة عمل تحقق استقلال اقتصادي للشخص المستهدف بدخل ثابت يضمن حياة كريمة له ولأسرته.

 

التوظيف الفعَّال:

تستثمر أيضًا (يداً بيد) في توظيف عدد من الحالات المستفيدة ضمن برامج التدريب، ليكونوا زملاء يقدمون خدماتهم من خلال عملهم كميسرين في جلسات التوعية وداعمين للأقران.

ويشير (ناصيف) إلى وجود الكثير من قصص النجاح لأشخاص من ذوي الإعاقة أصبحوا موظفين معهم، بالإضافة إلى توظيف عدد منهم في منظمات أخرى، وتم دفع رواتبهم من (يداً بيد) لتشجيع الشركاء على توظيف هذه الفئة.

ومنهم قصة (ياسر السعيد) أحد المستفيدين من برنامج الدمج من التدريب إلى العمل كميسر جلسات توعية.

وعن قصته يقول (ياسر) إنه تعرض لإصابة عام 2013 أدت إلى بتر الطرف الأيمن وقصور 15 سم في اليسرى، وبعد خضوعه لعدة عمليات جراحية في تركيا عاد واستقر ببلدته الأبزمو.

بعد فترة تلقى زيارة من فريق (هاند) وخضع لعلاج وجلسات توعية، ولاحقًا تقدَّم لأحد الشواغر فيها كميسر جلسات توعية لذوي الإعاقة الخاصة، واستطاع رغم إعاقته أن يكون شخصًا فاعلًا في المجتمع وينشر الوعي بين أقرانه والمجتمع المحيط لتغيير الصورة النمطية ونظرة المجتمع عن ذوي الإعاقة بأنهم مستهلكين فقط وغير قادرين على العطاء والعمل، بل هم أشخاص فاعلون ولديهم القوة لخدمة المجتمع عند تأمين بيئة مناسبة وأدوات وتدريبات، وهذا ما لمسه من خلال تجربته الشخصية.

وينهي (ياسر) بأن الإعاقة ليست نهاية الحياة، وعلى من أصيب أن يكون عنده إيمان بقدراته واستغلاله، وينصح بعدم انتظار أحد ليقدم هذه الفرصة، بل يجب أن يصنع ذاته وإيجاد الفرص المناسبة.

ياسر السعيد

كما تحدث (فراس ناصيف) عن خطة لحماية ذوي الإعاقة وضمان عدم تهميشهم عبر تشكيل شبكات حماية خاصة بهم في عام 2020 في كل مكاتب المنظمة بالمناطق المحررة شمال غرب سوري ضمن 14 مجتمعًا.

وبلغت نسبة الأعضاء من ذوي الإعاقة فيها 70% تقوم بتنظيم اجتماعات شهرية ضمن أجندات تخدم واقع هذه الفئة بهدف وضع خطط شهرية ومستقبلة للشبكات (الحماية) انطلاقًا من مقولة: ” إذا تشابكت شباك العنكبوت ربطت أسدًا”

وتعمل شبكات الحماية من خلال مبادراتها وفعالياتها على رفع الوعي ومناصرة فئتهم، على سبيل المثال تمكنوا من جمع أموال وإجراء عمليات جراحية لبعض الحالات المحتاجة وبناء بيوت لأخرى بلا مأوى، وسهلوا وصول ذوي الإعاقة للخدمات في المجتمعات الحاضنة عبر التنسيق مع الجهات الاجتماعية.

بالإضافة إلى تقديم مقترحات للسلطات المحلية في مجتمعاتهم بصياغة سياسة مجتمعية تدعم إمكانية تضمينهم بكل أنشطة الحياة.

ويختم (ناصيف) برسالة للمجتمع قائلاً: “انظروا إلى قدرات الشخص ذو الإعاقة ولا تنظروا إلى إعاقته، وتعاملوا معهم على أساس الحقوق وليس على أساس الشفقة.”

وبرسالة لذوي الإعاقة يقول: “أنت قادر إذا قررت، فمثلما النجاح قرار أيضًا العجز قرار، دعونا نظهر قدراتنا للمجتمع ونثبت للجميع أننا قادرون، وأننا أصحاب حقوق، ولا ندع أحد يستغلنا ويمارس دور الوصاية علينا.”

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط