الإيمان وجوهر السعادة

إسلام سليمان

0 1٬585

 

 

تشعر باليأس والإحباط، وترى كل ما حولك مظلمًا ولا فائدة منه، يغيب عنك أيّ نور يبعث فيك التفاؤل، تتذكر الهموم والمصائب التي تتوالى عليك من كل حدب وصوب، تتأمل حياتك المليئة بمنعطفات حدثت بغير ما كنت ترجو وتأمل، كل هذا وأكثر يجعلك تائهًا حزينًا مُحبَطًا متخبطًا، حتى يصعب أن تُسعدك الحياة أو ترضيك.

شعورٌ مألوف قد نمرُ به جميعًا، يطول أو يقصر، حاولت أن أتأمله في حياتي وفي حياة الأشخاص من حولي أيضًا، ما هو سبب تشَّكل هذا الشعور الذي يقلب حياتنا رأسًا على عقب رغم أننا مسلمين ومؤمنين؟!

وجدت أن عدم فهمنا للإيمان بشكل سليم وتطبيقه وتفعيله في حياتنا هو أول الأسباب، والأصحاب المتشائمون هي ثانيها، والحقيقة أن الاثنين وجهان لعملة واحدة.

أما عن الأول، فنرى كثيرًا من المسلمين أصحاب دين وعلم لا يتركون صلاةً ولا قيامًا ولا تلاوةً للقرآن، لكن في الوقت نفسه كلما سألتهم عن حالهم ترى الحزن واليأس باديًا في وجوههم حتى تحسب أن كل ابتلاءات الدنيا قد اجتمعت فيهم!

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

والمشكلة هنا أن فهمهم للإيمان فيه خلل؛ لأن كل شعيرة من شعائر الإسلام هي وسيلة قد سخرها الله لنا لتربية نفوسنا وتهذيبها، إضافة إلى منهاجنا ومرجعنا في الحياة القرآن الكريم، والذي أخبرنا ربنا تبارك وتعالى فيه: “ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى”..

فمن ذا الذي يتدبر القرآن ويعمل به، ويجعله منهجًا ونورًا يهتدي به في ظلمات الحياة، ثم يعيش محسنًا الظن بالله فاهمًا لطبيعة هذه الدنيا وابتلاءاتها وأننا في دار ابتلاء لا دار جزاء!

اقرأ أيضاً: السعودية تحسم الجدل حول زيارة دمشق للتطبيع مع الأسد

لكن ماذا لو كنا فعلاً نتدبر القرآن ونعمل به، ونحاول أن نتقي الله ونعبده كما يحب ويرضى عنا، ثم أصابنا هذا الشعور وعمّت غمامة من الإحباط والتشاؤم والقنوط على حياتنا؟ أزعم أن السبب هنا هو مصاحبتنا لأشخاص (بكافة أنواع العلاقات) قد قنطوا من رحمة الله ولم يحسنوا الظن فيه، فبدأ الأمر ينتقل إلينا، وفي القرآن يصف الله لنا حال هذه الصحبة غير الصالحة يوم القيامة: ((ويوم يعض الظالم على يديه ويقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً))

فالإنسان عندما يضعف وتفتر همته يكون بحاجة شخص مؤمن يسانده ويشدّ عضده ويحثّه على السعي والعمل والتفاؤل والاستبشار بعطاء الله ورحمته، وليس بحاجة شخص يقول له: “عندك حق والله المصايب ما بتخلص، شو هالحياة وليش نحن عايشين، وما في شي كويس، يلا نكتئب مع بعض ونحط الحزن بالجرن ونندب حظنا البشع 🌚” وغيرها من العبارات التي تقتل في الإنسان أي دافع لأن يزكي نفسه أو أن يسعى مجددًا ويستعين بالله!

ومهما بحثنا وقرأنا وتدبرنا في سير الأعلام والسابقين لن نجد أسوة مثل الحبيب محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، قاسى كل أنواع الابتلاءات من فقد الأهل والأولاد، والفقر والمرض، وطُرد من بلده، وأوذي ماديًا ومعنويًا، لكن رغم كل ذلك، كان دومًا مستبشرًا ومتفائلاً، مما جعل الصحابة لا يترددون في الإيمان به أو بدعوته أو بنصرته.

طبعًا أنا لا أدعو لأن تكون قلوبنا كالحجارة لا نحزن ولا نشعر ولا نتأثر، لا أبدًا، بل ما أقصده هو أن لكل شيء قدر في هذه الحياة، نحزن ونتألم ونبكي، لكن لا نقول إلا ما يرضي الله، وبعدها نكمل حياتنا وسعينا في هذه الحياة، فالحياة لا تتوقف على ابتلاء أو ظروف صعبة مررنا بها.

هموم الحياة كثيرة وابتلاءات الدنيا عديدة ولا تنتهي، ولذلك فليحاول كل منا أن يكون هينًا لينًا سهلاً في حياة الآخرين، نقتدي بسيرة الحبيب ونكون مبشرين لا منفرين، نحسن الظن بالله وتكون قلوبنا عامرة بالإيمان والتفاؤل بحكمة الله وأقداره ولطفه الخفي..❤️

تفاءلوا وأحسنوا الظن بالله دومًا ولا تنكدوا على بعض الله يرضى عليكم 😅، وتقبل الله طاعتنا وطاعتكم.. لا تنسونا من صالح دعائكم في هذه الأيام الفضيلة.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط