على طاولة بوتن بايدن

علاء العلي

0 2٬203

علاء العلي

خرجت دوائر الإعلام الأمريكيّة الرسميّة بخبر مفاده أنّ لقاءً سيجمع بايدن مع بوتين، في 16 يونيو القادم في جينيف، سيكون اللقاء الأول الذي سيجمع بايدن بمن وصفه يومًا ما بالقاتل!

ملفّات كثيرة جدًا قد تم إعدادها في أجندات اللقاء المرتقب، ستشكّل بداية رسم سياسات متجدّدة وفقًا للمعطيات الحديثة في ميدان الجغرافيا وموازين القوى والتموضعات العسكريّة الجديدة.

سوريّة ملف مهم جدًا يشكّل حلقة رئيسة في هذا اللقاء، فالوضع القائم يشكّل تهديدًا خطيرًا بشكله الحالي، حالة اللااستقرار ودوّامة العنف الكامنة القابلة للانفجار في أيّ لحظة قادرة على إشعال الشّرق الأوسط من جديد، فوضى عرابها الأساسيّ السّياسة الرّوسيّة الدّاعمة للّاشرعية السّياسيّة في هذا البلد، فالدّعم العسكريّ والسّياسيّ اللّامحدود الذي تقدّمه موسكو لنظام الأسد غير الشرعي دوليًّا يشكّل عاملاً مؤثّرًا على تدعيم الفوضى والابتعاد عن صيغة الحل المقترحة أمميًّا في جينيف.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

بوتن الّلاهث لتدعيم وتعزيز موقفه التّفاوضي مع بايدن يسرّع من التّحشيد العسكريّ بمنظومات قطع جوية حاملة لرؤوس نوويّة في حميميم، بوّابة حرب باردة يدشّنها من هذه القاعدة، وتهديدات مباشرة للنّاتو باتت تنذر بالدّخول في فوضى توزّع القوى التي تم إقراره إثر نهاية الحرب العالميّة الثّانية.

 

أوراق ضغط جديدة مزعجة للسّلم الدّولي في يد بوتن ، وبشّار الأسد الذي تم تدويره روسيًّا بطريقة غير متوافقة مع مقومات هكذا استحقاق بات نقطة تفاوض في جعبة بوتن، إمكانيّة التّفاوض عليه انطلقت مع مؤشّرات للتّخلي عنه صدرت من موسكو قبيل الاجتماع، في مرونة روسيّة مصطنعة وموجّهة نحو الجانب الأمريكيّ، لكسب الودّ والمضيّ بالملفات الأشدّ تعقيدًا، شرق الفرات بثرواته النفطيّة والمسيطر عليه من قوّات التّحالف الدّولي بقيادة أمريكا، حرمت روسيا من هذه الكعكة، السّعي لدور روسيّ أكبر في سورية بجانب إضعاف النّفوذ الإيراني والحفاظ على مصالحها الموقّعة مع دمشق أهداف غاية في الأهمّية تسعى لها موسكو في بداية التّفاوض .

المرونة الرّوسيّة التي رافقتها تصريحات تُنغِّم للغرب في عدم جدوى الانتخابات السّوريّة، وإمكانية حدوث انتخابات مبكّرة وفق دستور جديد تعطي انطباعات حتميّة عن قناعة روسيّة بفقدان الدّستور الحاليّ لأهليّته ووفاته سريريًّا نحو الوصول لدستور جديد يحقق هذا الانتقال الذي يتماشى مع الرّغبة الأمريكيّة والغربيّة، ويُقرُّ أيضًا بفشل جولات تعويم النّظام السّوري في الدّول العربيّة و الغربيّة.

إن التّهديد بفيتو روسيّ جديد على آليّة عبور المساعدات الإنسانية الأمميّة من معابر سوريّة من شأنه التذكير بأنها نقطة ضغط إضافية لدى موسكو، ستستخدم في الجولة المقبلة، ولا يمكن لأمريكا تفادي هذه العوائق إلّا بالتّفاهم على ملفات المنطقة برمّتها.

اقرأ أيضاً: روسيا تستعد للابتزاز والمساومة وليس لمعركة

وأوكرانيا وأزمة القرم والحشود المتزامنة بين دول النّاتو التي تُجري مناورات درع النّاتو الشرقي مقابل حشود برية روسيّة على حدود اوكرانيا الشّرقية أيضًا، ملفّ ساخن يتصدّر اللقاء، أضف لذلك التدخّلات التي مارستها موسكو بنتائج الانتخابات الأمريكيّة وتقويضها للأمن القومي الأمريكيّ سيكون على رأس اولويات بايدن، يضاف إلى ذلك ملفات التّسليح العسكريّ الذي تلعبه موسكو في تدعيم بعض دول النّاتو ممَّا يشكّل زعزعة عسكريّة تهدّد أوروبا.

لا يبدو أن هذا اللقاء سيعالج جميع القضايا العالقة، لكنه سيفتح بكل تأكيد باب التّفاوض الشاقّ على إنهاء ملفات الشّرق الأوسط، وبطبيعة الحال فالقضية السورية جزء رئيس في التفاوض، ونجم روسيا فيها ساطع، ولا ترغب بكل تأكيد أن يَأفُل حتى لو ضّحت برأس حاكم دمشق غير الشرعي بعد طول مناكفتها مع الغرب.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط