موسم التين حزين هذا العام.. والمزارعون يشتكون

 أميمة محمد

0 1٬384

 أميمة محمد

يمضي الحاج صبحي معظم وقته حزينًا كموسم التين هذا العام، حيث يسترجع ذكريات الأيام والسنين التي أمضاها في خدمة حقول التين والعنب التي هجَّرته عنها صواريخ نظام الأسد التي انهمرت كالمطر على قريته (إحسم) بجبل الزاوية، قبل نزوحه وعائلته إلى مدينة سلقين على الحدود التركية قبل عامين.

“الرمد أهون من العمى” هكذا بدا حديثه الحاج صبحي مُعبرًا عمَّا يجول في ذهنه، ويكمل قائلًا: “رغم خطورة الوضع وقصف النظام المتواصل وعدم مغادرة طائرات الاستطلاع من السماء، إلا أنني مضطر للبقاء في البلدة فترة موسم التين من أجل جمع المحصول كونه مصدر رزقنا الوحيد طيلة العام.”

حشرة التين الشمعية تداهم أشجار التين

وبيَّن أنه نتيجة ضعف رعاية أشجار التين هذا العام انتشر فيها مرض يشبه الحلزون على حدِّ تعبيره، وهو يتلبس حول ثمرة التين وعلى الأغصان والأوراق أيضًا.

ولم يقتصر هذا المرض المعروف علميًا باسم (حشرة التين الشمعية) في كرم الحاج صبحي فحسب، إنما اشتكى منه عدة مزارعون آخرون في جبل الزاوية بريف إدلب.

وعند عرض المشكلة على المهندس الزراعي الدكتور (خالد الطويل) أشار إلى أن هذا المرض يُدعى حشرة التين الشمعية، وهي تُصيب بالإضافة إلى شجرة التين بعض الأشجار المثمرة، وتتكون نتيجة الرطوبة العالية؛ لأن هذه الحشرة يناسبها الجو الرطب حتى تنمو وتتكاثر، على حدِّ تعبيره.

وأضاف المهندس الزراعي بأن انتشار هذا المرض يؤثر على نوعية ثمار التين وكميتها، كما لا يمكن أكله وهو أخضر، بالإضافة إلى أنه يقلل من جودة التين بعد وصوله لمرحلة الجفاف، مبينًا أن الحشرة تعمل على امتصاص العصارة النباتية من الأوراق والثمار والأغصان، وتفرز الندوة العسلية التي ينمو عليها فطر أسود يكوِّن طبقة سميكة تغطي الأوراق وتعطل عملية التركيب الضوئي، مما يضعف الشجرة، كما تؤدي إصابة الثمار إلى تشوهها وجعلها غير قابلة للتسويق.

وينصح المهندس الزراعي بقص الأغصان المصابة من الشجرة وحرقها، أو المكافحة الميكانيكية بحف الأشجار باليد، أما في حال كانت الإصابة بالحشرة في مراحل متطورة ومتقدمة فيجب المكافحة الكيميائية باستخدام المبيدات الزراعية كالسوبر أسيد أو الملاثيون، حيث تبدأ عمليات المكافحة في هذه المرحلة بعد فقس البيض وخروج حوريات الطور الأول في أواخر أيار وأوائل حزيران.

لمتابعة الأخبار السياسية والمنوعة اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

سبب تراجع موسم التين لهذا العام 

يقول (أبو سلطان) تاجر تين من مدينة كفرنبل، خسارة التين لهذا العام كبيرة، وذلك نتيجة نزوح الأهالي من أماكن زراعته بعد سيطرة النظام عليها في ريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب، كذلك فإن الأراضي القريبة من خطوط التماس مع الجيش لا يمكن لأحد استثمارها أو رعايتها، لافتًا إلى أن موسم التين كان يشكل مصدر رزق وفير للأهالي، بالإضافة إلى كونه يوفر عملًا لآلاف اليد العاملة التي لا تجد فرصة عمل حاليًا خلال النزوح.

وأضاف بقوله: “كنا في السابق نقوم بشراء التين من الأهالي ونفرزه على مراحل بعد تجفيفه جيدًا، وتسعيره حسب جودة النوعية، وتعليبه في مصانع خاصة في بلدتي حاس وكفرنبل ليتم تصديره إلى تركيا، حيث يتم الطلب عليه بكثرة من الدول المجاورة، أما اليوم فالتسويق بات ضعيفًا.”

ويمتد موسم التين من بداية شهر تموز وحتى نهاية شهر آب بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى كونه الفاكهة المفضلة لدى غالبية الناس، فهو يستعمل لمعالجة الكثير من الأمراض التنفسية والربو والسعال وأمراض الكبد.

وتتعدد أنواع التين ومنها الأبيض والأسود والأحمر والخضراوي والسطاحي، ومنها ما نُسِب لمسميات البلدات التي اشتهرت زراعته فيها مثل الكرسعاوي نسبة لقرية كرسعة والحيشاوي لقرية حيش، وغيرها الكثير من المسميات المحلية.

وبحسب إحصائية قديمة لمديرية الزراعة في إدلب فإن عدد أشجار التين في المحافظة يقدر بما يقارب (85000) شجرة، وتتوزع على مساحة تبلغ (4) آلاف هكتار، ويصل إنتاجها إلى ما يقارب (25000) طن سنويًا، أما في الوقت الحالي فالمساحة المزروعة بأشجار التين لا تتجاوز 1,850 هكتارًا وعدد أشجارها 37,986 شجرة بحسب إحصائية لحكومة الإنقاذ، وهي لا تكاد تفي حاجة السوق المحلية.

الجدير ذكره أن للتين استخدامات متعددة، حيث تستخدم في صناعة المربيات، كما يقدم طازجًا للضيوف، ويباع في الأسواق أخضر ويابسًا.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط