معادلات جديدة شرق الفرات في ميزان الربح والخسارة

غسان الجمعة

0 878

 

لاتزال التهديدات التركية بتطهير بعض المناطق الحدودية شمال سورية من سيطرة قسد تثير التجاذبات على الساحة السياسية والعسكرية، لاسيما أن محللين كثر أكدوا عدم اعتراض واشنطن على نوايا أنقرة في تنفيذ عمليتها المرتقبة، وذلك عقب لقاء مطوَّل بين بايدن وأردوغان على هامش قمة العشرين كانت روسيا والصين أبرز الغائبين عنها.

في حين إن دلالات عديدة تشير إلى وجود خلاف عميق بين روسيا وتركيا رغم قمة الرئيسين في سوتشي الشهر الماضي، بالإضافة إلى تغييرات الوضع الميداني.

فإزالة قسد أكبر حواجزها حول المربع الأمني في القامشلي هو تنازل أولي بنكهة المصالحة على الطريقة الروسية، وتبعه حشد المئات من عناصر الأسد في (عين عيسى) تحت العلم الروسي إلى جانب قوات قسد، بالإضافة إلى مغازلة الأحزاب الانفصالية للنظام السوري عبر معابرها الاقتصادية من خلال دعمها المستمر بالنفط والمواد الأخرى، وتصريحات لقيادي في (بي ك ك) بمتانة علاقات حزبه بعائلة الأسد سابقًا، وحرصه على استمرار ذلك في عهد بشار الأسد.

إبراهيم قالن: وجودنا في سورية لحفظ أمن حدودنا

كل هذه الأحداث والمواقف تدخل في خضم لعبة الضغط والاقتناص التي تديرها تركيا وروسيا في الملف السوري عمومًا وشرق الفرات خصوصًا مع تبادل الأدوار عند رغبة أحدهما في الوصول إلى هدفه بمساعدة الآخر، إلا أن تغيرًا كبيرًا قد حصل في خيوط العلاقة وميدان الصراع بين القطبين الروسي والأمريكي على نحو غير مألوف.

فالقوات الروسية توسعت في مطار القامشلي وزادت من قطعها الجوية الرابضة فيه بمنطقة تقع تحت سيطرة قوات التحالف الدولي، وسرعان ما منحت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لروسيا والأسد في دعم قسد عسكريًا على خطوط التماس في نبع السلام، ونفَّذت موسكو في اليومين الماضيين مناورات عسكرية في المنطقة نفسها مع قوات النظام في منطقة نفوذ أمريكية.

والجدير بالذكر هنا هو حالة الاحتقان والاستفزاز التي تتعرض لها الأطراف المذكورة من خلال منع دوريات بعضها البعض من عبور طرق وغيره من العراقيل، فكيف تمت تسوية هذه المسائل بهذه السرعة؟ وماهي المصلحة التي حققتها الأطراف من تعاونها في مواجهة تركيا؟

الأمر الأول متعلق بواشنطن، وهو رفضها الصفقات العسكرية بين أنقرة وموسكو، وخصوصًا تلك المتعلقة بصفقة 400 S، كما أن النقطة التي تثيرها تركيا مع الولايات المتحدة حول دعمها لقسد شجَّعت الولايات المتحدة على دفع الكرة للملعب الروسي لتكون المواجهة شبه كاملة بين تركيا وروسيا، وهو ما يحصل اليوم، حيث تغيب واشنطن عن واجهة الشريط الحدودي.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

ومن جهة أخرى باتت واشنطن تتقاسم المظلة التي تحمي قسد مع موسكو، وهو ما يطالب به تيار كبير في قسد خوفًا من الانسحاب الأمريكي المفاجئ وظهور عدم الرغبة الأمريكية في مواجهة تركيا.

أمَّا روسيا ونظام الأسد فهما لن يجدا فرصة ذهبية كالتي تقدمها ظروف اليوم من التوسع في شرق الفرات، والزج بقواتهما كلاعبين أساسين في مواجهة تركيا؛ لتعزيز موقفهما التفاوضي أكثر في إدلب وغيرها، وعلى الطاولة السياسية كذلك.

اجتماع مرتقب بين وفود روسية وتركية هذا الأسبوع كما أعلنت عدة وكالات، هو ما جرت العادة عليه قبل انطلاق أي عملية، حيث تجتمع وفود البلدين لوضع الخرائط الجديدة التي تنتظر التنفيذ، وهي ما تفصلنا عن توافقات جديدة أو دخول في مرحلة أكثر تعقيدًا وعقمًا.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط