الأحزاب والحراك السياسي (2)

أحمد وديع العبسي

0 1٬743

 

تحدثنا في المقال السابق عن الأحزاب السياسية ودورها في السياق السوري، وفي هذا المقال سنحاول تسليط الضوء على ما يمكن أن تفعله هذه الأحزاب لتكون أكثر فاعلية وتأثيرًا في المجتمع السوري والقضية السورية.

في البداية أعتقد أن الحزب ليس الشكل الأمثل للفعل السياسي أو التأثير المجتمعي لصناعة الحاضنة السياسية اليوم، ربما يكون مهمًا كشكل مستقبلي، لكن الأجسام الهيكلية المُنظّمة في بيئة شديدة الفوضى، وكثيرة التغيّر، وتطرأ عليها الانقسامات بين فترة وأخرى، سيجعل من هذه الهيكلية أداة معطَّلة، تثقلها الواجبات التنظيمية، وتجعلها بطيئة الحركة ضمن البيئة المتغيرة، أو أنها ستكون منفصلة عن بيئتها وسياقها الاجتماعي إذا حافظت على شكل نخبوي هيكلي صارم، أمّا إذا استطاعت أن تكون مرنة ولا تأبه للهيكلية التنظيمية، فستكون مسيئة لشكلها التنظيمي وبيئتها السياسية الرصينة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

غير ذلك فإنها كما ذكرنا سابقًا لن تستطيع ضم أعضاء كُثر في هذه الفترة التي لا يشعر فيها الشعب السوري بأهمية انتظامه ضمن أجسام سياسية، ولديه ما يشغله عن هذا الأمر من هموم الحياة والمعيشة، والكثير يرى أن ممارسة السياسة لا تحتاج حزبًا سياسيًا، فهي متاحة عبر منصات التواصل أو عبر المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني بطرق أسهل من طريق الحزب السياسي، لذلك نرى أن معظم الأحزاب السياسية لا تضم سوى النخبة المؤسِّسة، وبعض الأشخاص الذين انضموا بعد فترات قصيرة ضمن مهام تنفيذية أو الاستجابة لمعارف اجتماعية.

وبعيدًا عن الشكل هناك مجالان للتأثير يجب أن يركز عليهما المشتغلون بالسياسية إذا أرادوا دورًا فاعلاً.

المجال الأول: هو مؤسسات المعارضة الرسمية وأجسامها؛ لأنها الممثل الوحيد للمعارضة أمام المجتمع الدولي، ولن تغيّر الدول هذه المؤسسات في الوقت الحالي، وقد أصبح لديها شرعية الوجود في كثير من المسارات التفاوضية والسياسية والدولية، ولن تنفع مهاجمتها حاليًا؛ لأن انهيارها سيكون لمصلحة النظام الذي ستعود له الشرعية الكاملة، وستقبل الدول بالتطبيع معه من جديد، وهو ما يحدث حاليًا …

شركة دنماركية تشارك روسيا بقتل آلاف السوريين

لذلك فإن الاقتراب من هذه المؤسسات ومحاول الوصول إليها والضغط نحو إصلاحها هو الخيار الأفضل والأمثل، إذا أخذنا بالحسبان أن خيار تأسيس منصات معارضة جديدة تحت رعاية دول أجنبية ليس خيارًا وطنيًا، أمّا الهجوم على هذه المؤسسات ومحاولة هدمها فسيبدو كصراخ إنشائي لا طائل من ورائه في الوقت الراهن على الأقل.

المجال الثاني: هو الانتشار في أوساط المجتمع المدني، فالمجتمع المدني له الدور الأبرز حاليًا في التصاقه بالمجتمع ومعرفة حاجاته عن قرب، ويتقبل المجتمع تمثيله الحقيقي من مؤسسات المجتمع المدني الذي يقدم خدمات مباشرة له أكثر من الأجسام السياسية، كما أن له دور سياسي مباشر في الكثير من المسارات الدولية.

أخيرًا: أعتقد أن الأحزاب السياسية يجب أن تكون أكثر انفتاحًا وقابليةً للتغيير، لتكون عنصرًا فاعلاً حقيقيًا في الحراك السياسي.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط