أزمة أبو عنتر، والموتور الموقوف على ذمة صاحبه

أحمد وديع العبسي

1٬137

في مسلسل (عودة غوار) الذي قام ببطولته دريد لحام وناجي جبر(أبو عنتر) إلى جانب عدد من الشخصيات الرئيسية (حسام تحسين بيك – عصام عبجي – أحمد رافع – ميلاد يوسف … وآخرون) والذي بثته الفضائية السورية في رمضان 1998، تظهر شخصية أبو عنتر بالكاركتر المعتاد (الأبضاي، العصبي، المشكلجي) مع تعديل بسيط وهو إضافة الفلسفة لهذه الشخصية، فهو طيب القلب يفتعل المشاكل لسبب وحيد وهو أنه يفضل الدخول إلى السجن عن العيش خارجاً، لأن السجن حسب فلسفته عالم فسيح لا يخاف المرء فيه من التعبير عن نفسه وحريته، فالناس في الخارج يخافون أن يسجنوا أمّا السجين فلا يوجد ما يخاف منه، فهو حر أكثر منهم، بالإضافة إلى سبب آخر بعيد عن الفلسفة، وهو أنه فقير الحال ولا يحسن أي عمل، وبالتالي فالسجن يؤمن له المأوى والطعام والشراب على حساب الحكومة، وهنا زبدة المقالة.

لأن الأيام دول والدنيا تغيرت، دخل أبو عنتر أزمة وجودية، فلن يستطيع من الآن وصاعداً أن يهرب إلى السجن من العالم المخيف في الخارج، ففي إحدى دويلات المحرر لا يمكنك الدخول إلى السجن بالمجان سواء كنت مجرماً أو حتى متهم بريء تم الإيقاع بك عن طريق الخطأ، لأنك ستدخل السجن لعدة أيام وستهان في التحقيقات وستُحاكم ليعلن القاضي براءتك، ولن يعتذر السجان منك، ولكنه قبل أن تعتقد أنك ذاهب لبيتك لتريح نفسك من الظلم الذي وقع عليك، سيسلمك وصلاً مالياً بالمصاريف التي انفقتها (الحكومة) عليك في السجن، لكي تدفعها، كما أن وسيلة النقل التي تشي بفقرك والتي هي عبارة عن موتور (دراجة نارية) ستكون محتجزة هي الأخرى في كراج VIP ، ولن تتمكن من استعادتها إلا بعد دفع رسوم إقامتها طيلة فترة احتجازك (الكراجية)، فاليوم أنت تسجن على حسابك وليس على حساب الدولة، ولن ينفع احتجاجك بأنك لا تمتلك مالاً، لأنك ستسجن مرة أخرى لعدم قدرتك على دفع أموال الدولة ومصاريفها على ترفيهك بالسجن وتقديم الطعام والشراب لك، بدلاً من تركك تموت جوعاً، وبالتالي ستتراكم عليك وعلى موتورك الفواتير من جديد، وربما يتم قطع الطعام والشراب عنك إذا ثبت عدم قدرتك على الدفع لتموت وتأخذ الدولة نصيبها من الورثة، أو ربّما يتم الحجز نهائياً على ما تبقى من أموالك لسداد فواتير ومصاريف السجن الذي خضعت له ظلماً وأتعبت معك الجهات المختصة لأنك كنت محل شبهة بحماقتك.

هذا ما جرى حقيقة مع أحد السجناء الذين أوقعهم القدر صدفة في قبضة عناصر شرطة في أحد دويلات المحرر، ولم يجد بديلاً عن الاستدانة ودفع المصاريف قبل أن تتضاعف وتتراكم ويتم سجنه مرّة أخرى، ولا عزاء لأبو عنتر الذي سيضطر إلى هجر الحرية والأمان في السجن بسبب البعد الاقتصادي المكلف في الداخل، ليضطر لمواجهة العالم الخارجي الأقل كلفة في الدويلات الجديدة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط