حُماة الديار أم حُماة بشار

د. نذير الحكيم

1٬177

عند النظر إلى الجيش العربي السوري لا يحتاج الأمر إلى تدقيق أو حتى تحليل، بكل صراحة فقد تحول الجيش العربي السوري إلى جيش من المتطرفين الطائفين يقبع تحت حكم مليشيات أيدلوجية وامراء حرب على هيئة ضباط.

ومع استمرار الحرب التي أدت بدورها إلى الانهيار في السلطة وانتقال القرار إلى الجهات الأمنية والعسكرية فقد أدت إلى قلب معايير السيادة والعلاقات التي كانت سابقاً راسخة ما بين الجيش والمدنيين وتحولت الدولة إلى الدولة الفرعية التي تنقسم بها الجهات الأمنية إلى درجات متفاوتة في الولاء للقيادة فقط مع إضفاء الطابع الرسمي العسكري عليها واعتبار أن بقايا جيش سوريا هو جيش يمثل الجمهورية العربية السورية.

هولندا تسير أولى رحلاتها السياحية إلى سورية منذ العام 2011

ولا يمكن اليوم إعادة دمج الجيش بتاتاً مع أي قوى أخرى في سوريا فقد اكتسبت الخدمة الإلزامية فيها صفة المليشيات وأصبحت ثقافة راسخة ناهيك عن أنها مصدر للعيش والقتال خارج حدود الدولة بصفة ” مرتزقة “.

يتعين على المجتمع الدولي اليوم التركيز على مزودي الدولة السورية ببدائل عن السلاح والذخائر والتمويل وبدلاً من اتخاذ قناعة (التمسك بحكومة غير متماسكة وغير قادرة على ضبط ميليشياتها) إلى الوصول لمصطلح الحكم الجيد الكافي وهنا يتوقف دور الجيش عن كونه مليشيا وإعادة هيكلته إلى جيش نظامي مهمته الدفاع عن الشعب وحماية حدوده.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

فالمركزية في دمشق ضعيفة أو تكاد تكون غير موجودة واحتمال وصول قيادات من الضباط إلى مراكز السلطة مرتفع بشكل كبير وقد يؤدي إلى نشوء حروب مع دول مجاورة وذلك يندرج في سياق الطائفية والتجزئة وسوريا والعراق أنموذجاً.

كذلك الأمر لا يمكن أن نعمل بفكرة الجيوش المزدوجة (الهجينة) التي تتألف من مليشيات دفاع وحرس وطني ومليشيات مساعدة. فنحن لسنا بصدد انشاء جيش هجين أو حتى تسخير مفهومه على المدى الطويل.

فالأسد يقدم نموذجاً عسكرياً في قلب النقاش حول شكل الدولة السورية. الأول يتعلق بالمليشيات باعتبارها مؤسسة تمثل سطلة المواطن وحريته، أما الثاني هو نموذج جيش نظامي يحمل سلطة الدولة المطلقة على مواطنيها إلى حد الاستبداد في مواجهة الثورة والشعب السوري.

في هذا المقال ، بناءً على الأحداث في سوريا ، نستطيع القول ان حكومة الأسد لم تعتمد على القوات غير النظامية كقوة قتالية رئيسية ضد لثورة ، وبدلاً من ذلك، كانت تتطلع، خلال مجمل الحرب  إلى تشكيل جيش دائم من المليشيات، تعتمد على أسلوب عمليات الكر والفر وجمع المعلومات الاستخبارية ، وفي نفس الوقت قامت ببناء نظام تحصينات في الساحل السوري و مراكز السلطة في دمشق، بالاعتماد على الضباط الروس و الإيرانيين لتدريب جيشه على أساليب الحرب و نواياه هي حث دول الجوار على التركيز على عمليات الميليشيات الإرهابية التي تهدد أمنها القومي وبالتالي كسب وقت إضافي للجيش النظامي لإعادة التأهيل والتدريب و صياغته من جديد .

لم توفر الأدبيات العسكرية فيما قبل أيضًا وظيفة مستقلة للوحدات غير النظامية إلا في إطار التعاون الوثيق مع القوات المسلحة النظامية، وهذا بالضبط ما فعلته الإدارة الروسية في استراتيجيتها في سوريا.

وهكذا كان لب التفكير العسكري لجنرالات روسيا وإيران وخير دليل على ذلك فإن الحرية التي مُنحت لهم في خوض أي قتال دون تدخل من مركزية السلطة في دمشق فالقرار المتخذ بخوض اي حرب في سوريا يوقع عليه الأسد وهو صاغر والجيش العربي السوري أصبح حامياً لبشار وليس من حماة الدار.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط