نكسة في دائرة المصالح الانتهازية بين روسيا وإسرائيل

غسان الجمعة

1٬744

 

قطع وزير الخارجيّة الإسرائيلي (إيلي كوهين) في زيارته الأخيرة للعاصمة كييف الخيط الرفيع الذي تأرجحت عليه المواقف الإسرائيليّة من الغزو الروسي لأوكرانيا، وكشف عن وقوف الكيان إلى جانب أوكرانيا واستعداد بلاده لإعادة فتح سفارتها في تطورٍ جديدٍ له تداعياته على مصالح الطرفين.

قارب الغزو الروسي لأوكرانيا الدخول في عامه الثاني اتّسم خلاله الموقف الاسرائيلي من الحرب بالرمادية وعدم الانحياز الواضح لأيٍّ من الطرفين حيث تتبادل كلٌ من موسكو وتل أبيب مصالح في أوكرانيا وسورية بحيث تعتمد إسرائيل على موسكو في كبح جماح إيران في سورية وتأمين حياد منظوماتها العسكرية عن نشاط إسرائيل فوق الأراضي السورية، بالمقابل استمرت إسرائيل في تجنبها مساندة كييف في مواجهة روسيا في إطار الدعم الغربي المقدم لها لعدم إغضاب موسكو والحفاظ على قواعد الاشتباك الحالية في سورية برعايةٍ روسيّة.

هذه العلاقة المتوازنة لم تعد كذلك بعد زيارة وزير الخارجية وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعزمهم دراسة تزويد كييف بمعداتٍ عسكرية وهو ما عكسته التصريحات الروسية الأخيرة عن هجمات الطيران الإسرائيلية على نقاط إيرانية في دمشق وما حولها حيث وصفت الخارجية الروسية إدانتها بالقوية.

بِيدِ (بوتين) اليوم العديد من أوراق الضغط ليستخدمها ضد صديقه اللدود (نتنياهو) الذي فضل اختيار حلفائه التقليديين بقيادة واشنطن على مصالحه التكتيكية المؤقّتة مع موسكو في مغامرة فرضتها إسرائيل، وتتوقف في أبعادها ونطاقها على رد موسكو القادم.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب  اضغط هنا

أكثر ما تخشاه إسرائيل هو تفعيل موسكو خمول قاعدتها حميميم أمام حركة طيرانها العسكري، وهو ما يعقد مهامها ويعرضها للفشل وليس بعيداً عن هذا الخيار سماح الروس للنظام السوري استخدام منظومات أكثر تطوراً في تعاملها مع الطيران الإسرائيلي وتقديم معلوماتٍ استخباراتية وعسكرية عن نشاط الطيران الإسرائيلي في المنطقة.

كما أن الدور الروسي في الجنوب السوري يحدُّ نوعاً ما من نفوذ طهران على حدود إسرائيل الشمالية، ورفع اليد الروسية عن المنطقة من شأنه أن يشكّل مصدر تهديد مزمنٍ لأولويات الأمن الإسرائيلي، أضف إلى ذلك إمكانية رفد موسكو لحليفتها طهران بالتقنية العسكرية التي تسعى الأخيرة خلفها وتزويدها بمقاتلات متطورة ومساعدتها في برنامجها النووي.

أيُّ الأوراق التي قد تحرقها موسكو في وجه تل أبيب يمكن أن تشكل منعطفاً خطيراً في الملفين السوري والأوكراني، وهو ما تدركه موسكو جيداً لذلك فإنها ستنحو لاتخاذ قرار يمكّنها من ترك باب العودة موارباً لصانع القرار الإسرائيلي لأنَّ الخيارات الإسرائيلية ليست عقيمة في تحقيق مصالحها بمعزلٍ عن موسكو، وهو ما شجعها لتستدير نحو حلفائها الغربيين.

اقرأ أيضاً: القانون حمار

فإسرائيل ترتبط بالمنظومة الغربية ارتباطاً عضوياً من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية لاسيما وأنها بدأت بتصدير أولى شحنات النفط من البحر المتوسط إلى أوروبا الأسبوع الماضي، وتقتضي استراتيجيتها الحفاظ على روابطها التقليدية بالدّرجة الأولى مع واشنطن لتحقيق أمنها.

وتدرك إسرائيل مدى التورط الروسي في المستنقع الأوكراني وتراجع دورها مستقبلاً أمام نفوذ طهران في سورية وهو ما يخلق لها ذريعة للفكاك من تعهداتها مع موسكو لعدم تكافؤ تلك التنازلات على أرض الواقع مع المصالح المحققة.

من جانب آخر لا تستطيع موسكو عرقلة العمليات الإسرائيلية في سورية في حال كان هناك شراكة إسرائيلية أمريكية على تنفيذ ضربات ضد إيران وهو ما لا تعارضه واشنطن بالمحصلة لأنها تنفذ غاراتها ضد ميليشيات إيران بين الفينة والأخرى.

الأيام القادمة ستكشف ردة الفعل الروسية على الخطوات الإسرائيلية ولا شك أن انزلاق العلاقات بين الطرفين إلى هوة التوتر لن يحقق لهما أيّ مكاسب، بينما يصب هذا الانهيار في مصلحة كل من الأسد و إيران تبعاً لحجمه و تطوراته.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط