تتناقل وسائل إعلام محلية ومراكز دراسات خطة أمريكية محتملة للسيطرة على الحدود العراقية السورية انطلاقاً من قاعدة التنف وصولاً إلى نهر الفرات في البوكمال لتشكيل حزام عشائري، ترجيحات نفتها ميليشيات قسد وقوات سورية الحرة في التنف قابلها صمت أمريكي بتوازي مع حراك عسكري لقوات التحالف شمل تدريبات وإمدادات لوجستية وتعزيزات لنقاط التماس يدعم تلك الفرضية على أجندة مهام القوات الأمريكية.
وبالرغم من عدم إمكانية التنبؤ بمراحل سير هذه العملية ولا آليات تنفيذها على الأرض في ظل تعقيدات الساحة السورية سياسياً وعسكرياً إلا أنها تمثل تهديداً مباشراً لباقي الأطراف على الأراضي السورية لما قد تُحدثه من اختلال في موازين الصراع يتعدى بأبعاده وآثاره الجغرافيا السورية لذلك فهي مهمة يعترضها العديد من العقبات.
التحدي الأخطر في مواجهة إطلاق العملية هو الميليشيات الإيرانية في تلك المنطقة وهي المستهدف الرئيس من هذه العملية وتشكل العملية تهديداً وجودياً لكيانها ومصادر ثروتها من معابرها وطُرق إمدادها لا بل إن قطع الشريان البري الوحيد لإيران سيهدد نفوذها في لبنان ويضعف من إمكانيات حليفها حزب الله ومقدرتها من اللعب بالورقة الإسرائيلية.
إضافة لذلك لن تحول الخطة الأمريكية دون منع الاستهداف المتكرر لهذه المليشيات لقواعد التحالف الدولي كونها ستنكفئ إلى الخلف دون تدميرها بينما يشكل الوجود الإيراني داخل الشريط الحدودي العراقي عامل تهديد حقيقي لإفشال العملية لوجود ميليشيات تدين بالولاء لطهران خارج منظومة السلطة العراقية.
روسيا بدورها ستجد نفسها أمام خط مواجهة أمريكي جديد في سورية ومتاخم لكعكتها السورية في آبار النفط ومناجم البادية السورية كما أن هذه العملية تشكل ضربة أمريكية لسمعتها العسكرية والسياسية في درة نفوذها الخارجي وأمام حلفائها في سوريا والمنطقة ولن يكون منطقياً حيادها المطلق لاسيما وأن قوام قوتها البرية هم من مرتزقة فاغنر المتمردة باتوا أرقاماً يمكن التضحية بها واختبار ولائها في نفس الوقت لمواجهة تحفظ ماء وجه الجيش الروسي من خلال شركة أمنية.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب اضغط هنا
لذلك فإن دواعي وأسباب الانخراط الروسي متوفرة و قائمة ولكنها قد لا تكون بالمستوى القياسي خصوصاً إن قدمت الولايات المتحدة للجانب الروسي الغارق في أوكرانيا ضمانات تحفظ مصالحه على نمط الوجود الروسي في شرق الفرات.
الخاسر الأكبر في حال شرعت الولايات المتحدة بتنفيذ هذا السيناريو العسكري هو النظام السوري وبالدرجة الأولى من الناحية السياسية من خلال تقليص نسبة سيطرته وانخراط واشنطن بشكل أكبر في الملف السوري وفتح الطريق أمام الجنوب السوري لخطة مشابهة في محافظتي درعا والسويداء اللتان تشهدان اضطرابات وتذمراً مستمراً ضد سياسات النظام فيهما وترسيخ فكرة الحزام الأمني في الشمال السوري كمطلب تركي.
من جانب آخر يشكل معبر البوكمال ومعابر التهريب مع العراق متنفساً اقتصادياً للنظام السوري وفقدان السيطرة عليها يزيد من أزمته الاقتصادية ويقطع طريق الدعم الإيراني العراقي في ظل تشديد ملف العقوبات الاقتصادية المستمر وهو ما يؤثر على الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرته على المدى المتوسط.
وبعيداً عن الأسد وحلفائه يعترض تنفيذ هذه العملية تحديات تتعلق بالموقف التركي من مشاركة تنظيم قسد في العملية ودور المعارضة السورية فيها وتبعية وآلية الإدارة للمنطقة المسيطر عليها سياسياً وعسكرياً بالإضافة لأهمية العنصر البشري لتأمين المنطقة وحمايتها مما يفتح الباب مجدداً لمشكلة تضارب المصالح بين أطياف المعارضة والدول الإقليمية والفاعلة في الملف السوري.