ارتفاع أسعار اللحوم يدفع سكان إدلب إلى الاعتماد على الدجاج

عبد الله عز الدين

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع الأسعار، باتت خيارات الغذاء في إدلب خاضعة لحسابات دقيقة من قبل السكان، حيث أصبح الدجاج البديل الأكثر شيوعًا عن اللحوم الحمراء التي أصبحت بعيدة عن متناول الكثيرين.

أسباب الغلاء وتأثيرها على أسعار اللحوم

شهدت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعًا كبيرًا في إدلب نتيجة عدة عوامل، أبرزها:

انخفاض قيمة الليرة التركية: يستخدم سكان إدلب الليرة التركية في معاملاتهم المالية، ومع تراجع قيمتها، ارتفعت أسعار السلع الغذائية، بما في ذلك اللحوم الحمراء، التي تعتمد على استيراد الأعلاف والمواشي من خارج المنطقة.

ارتفاع تكاليف النقل والاستيراد: القيود المفروضة على حركة البضائع بين مناطق النفوذ المختلفة في سوريا زادت من تكاليف نقل المواشي واللحوم، ما انعكس سلبًا على الأسعار.

زيادة أسعار الأعلاف: يعتمد مزارعو المواشي على الأعلاف المستوردة، والتي شهدت بدورها ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، ما جعل تكلفة تربية المواشي مرتفعة جدًا، وانعكس ذلك على أسعار اللحوم الحمراء.

تراجع أعداد المواشي: بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطر العديد من المربين إلى تقليل أعداد المواشي أو التوقف عن تربيتها، مما أدى إلى انخفاض المعروض في الأسواق وارتفاع الأسعار.

ضعف القدرة الشرائية للسكان: حتى مع وجود اللحوم الحمراء في الأسواق، فإن معظم الأسر غير قادرة على تحمل تكلفتها بسبب تدني الدخل العام وارتفاع أسعار السلع الأساسية الأخرى.

الدجاج.. خيار اقتصادي في ظل الغلاء

يؤكد مجد ابو العز، صاحب محل لبيع الفروج في ترمانين، أن السبب الرئيسي وراء إقبال السكان على شراء الدجاج هو الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء، حيث يصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى مستويات قياسية، بينما يبقى الدجاج أكثر ملاءمة للميزانيات المحدودة.

ويقول مجد عزالدين: “الكثير من الناس لم يعودوا قادرين على شراء اللحوم الحمراء كما في السابق، حتى في المناسبات. الدجاج هو الخيار المتاح لأنه أرخص بكثير ويكفي حاجة العائلة أكثر من اللحوم الأخرى.”

الأوضاع المعيشية تغيّر العادات الغذائية

أثرت الأزمة الاقتصادية في إدلب بشكل واضح على أنماط استهلاك الغذاء، حيث اضطر العديد من الأسر إلى تقليل عدد وجباتهم اليومية إلى وجبة أو وجبتين فقط، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

ويضيف مجد عزالدين: “الأسر أصبحت تركز على توفير الغذاء بسعر أقل، لذلك لجأ الكثيرون إلى استبدال اللحوم الحمراء بالدجاج أو حتى العدس والفاصولياء. كل شيء غالٍ، والناس تبحث عن البدائل.”

فرق الأسعار بين اللحوم الحمراء والدجاج

تتفاوت الأسعار بشكل كبير بين اللحوم الحمراء والدجاج، حيث يبلغ سعر كيلوغرام الدجاج حوالي85 ليرة تركية، بينما تتجاوز أسعار اللحوم الحمراء هذا الرقم بعدة أضعاف، ما يجعل الدجاج الخيار الأكثر منطقية للأسر ذات الدخل المحدود.

ويتابع مجد عزالدين: “بالمبلغ الذي تشتري به كيلوغرامًا واحدًا من اللحم الأحمر، يمكنك شراء عدة كيلوغرامات من الدجاج، مما يجعل الأمر أكثر توفيرًا خاصة للعائلات الكبيرة.”

توفر الدجاج وسهولة إنتاجه محليًا

من العوامل التي عززت الإقبال على الدجاج هو توفره وإمكانية إنتاجه محليًا بكميات كبيرة وبتكاليف أقل مقارنة بالمواشي.

ويشرح مجد عزالدين: “الدجاج ينمو بسرعة ويمكن تربيته في مساحات صغيرة، لذلك هناك إنتاج محلي مستمر، على عكس المواشي التي تحتاج إلى رعاية وتكاليف كبيرة، مما يجعل أسعار لحومها مرتفعة.”

الآثار الصحية للتحول نحو الدجاج

ورغم أن الدجاج يوفر البروتين الضروري للجسم، إلا أن الاعتماد الكلي عليه قد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية المهمة مثل الحديد والزنك، والتي تتوفر بكثرة في اللحوم الحمراء.

ويحذر مجد عزالدين: “الدجاج جيد، لكنه ليس بديلاً متكاملاً للحوم الحمراء. الناس بحاجة إلى تنويع غذائهم وتناول مصادر أخرى للبروتين مثل البيض والبقوليات لتعويض العناصر الغذائية المفقودة.”

تأثير انخفاض استهلاك اللحوم الحمراء على السوق والمربين

يؤثر التحول الكبير نحو استهلاك الدجاج بشكل مباشر على سوق اللحوم الحمراء، حيث يواجه مربو المواشي صعوبات في بيع منتجاتهم، مما يدفع بعضهم إلى تقليل أعداد المواشي أو التحول إلى تربية الدواجن بدلاً منها.

ويقول مجد عزالدين: “الكثير من مربي المواشي يعانون من ضعف الطلب، وبعضهم بدأوا بالفعل في تربية الدجاج بدلاً من المواشي لأنه أقل تكلفة وأسرع في الإنتاج.”

أسعار اللحوم في إدلبإدلبالاعتماد على الدجاجالغذاء في إدلبسوريا