العملية العسكرية التركية في شمال سورية

غسان الجمعة

ماتزال أنقرة تحشد قواتها بالتوازي مع تهديدات المسؤولين الأتراك حول شن هجوم قريب للقوات التركية مع قوات الجيش الوطني السوري على مناطق ميليشيا قسد الإرهابية في (منغ، وتل رفعت) وربما (منبج).

هذه الحشود والتهديدات ليست جديدة على الساحة السورية، وقد تكررت فيما مضى بالزخم نفسه دون أن تحرك تركيا ساكناً.

وغالباً ما تجد تركيا خطوطاً حمراء في مواجهتها مع اللاعبين على الساحة السورية، وقد اعتادت أنقرة على اللعب النظيف الذي يضمن لها النتائج المرجوة، كما في عمليات (نبع السلام، ودرع الفرات) وغيرها.

اليوم هل تُكرر أنقرة سلوكها في إطلاق التهديدات وممارسة سلاح التهديد بالحرب دون الانخراط بذلك فعلياً؟!
جملة من الأسباب قد تدفع بالقيادة التركية للجوء إلى ذلك مع بقاء خيار الهجوم أمراً حتمياً وضرورياً بالوقت نفسه حسب الظروف وحساسية الأهداف التي تتوخاها تركيا.

امرأة سورية حامل مقتولة مع ابنها في تركيا

الضوء الأخضر الذي تتقن أنقرة الحصول عليه من الأطراف ليس متوفراً في الوقت الحالي، وهو على درجة من الأهمية البالغة من حيث الحفاظ على توازنات القوة وقواعد الاشتباك ونوعيته مع ميليشيا قسد، فالإخلال بذلك قد يؤدي إلى تطورٍ ومنعطفٍ خطيرين بين تركيا وأي طرف آخر، منها مخاوف التسليح النوعي، أو المساندة المباشرة لهذه الميليشيا.

ورغم الليونة التي أبداها الجانب الروسي الغارق في الوحول الأوكرانية أمام الرغبة التركية، إلا أن واشنطن حتى اللحظة ما تزال تعارض هذه العملية قولاً وفعلاً، والإنزال الذي نفذته مؤخراً قرب جرابلس هو رسالة أمريكية واضحة لأنقرة بعدم عرقلة جهود الأمريكيين وشركائهم (قسد) في محاربة داعش، لا سيما أن العملية وقعت في منطقة نفوذ تركية خالصة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

ومن جانب آخر فإن إيران التي ستكون العملية على تخوم مناطق نفوذها في (نبل، والزهراء) فإنها تعارض ذلك وتدعم النظام في أول اختبار لها عقب الانسحاب الروسي من بعض المناطق في سورية.

خريطة التفاهمات الدولية حول هذه العملية ماتزال حتى اليوم معقدة وغير واضحة بسبب تداعيات وأسباب متعلقة بالشأن السوري وأخرى ترتبط بالتطورات الدولية، وهو ما يدفع بأنقرة للتريث وعدم الإقدام حتى الساعة بشن هجومها.

من جانب آخر ليس خافياً على أحد المخاوف التركية من حيث مطالبتها المستمرة بالمنطقة الآمنة وبعمق 30 كيلومترًا، وهو ما يعني أن إبعاد قسد بأي شكل عن حدودها بهذا العمق دون الحاجة للآلة العسكرية أمر ممكن، وإحدى هذه الخيارات هي ما تدفع نحوه روسيا برضا تركي وإن كان غير معلن من خلال تمكين النظام السوري من بعض المناطق ووضع قسد بين خيارات الحرب أو التسليم للنظام السوري.

 

في حين يعاني الاقتصاد التركي كما معظم دول العالم من حالة تضخم، و ما يزال نزيف الليرة أمام الدولار مستمراً في ظل بيئة داخلية سياسية و اجتماعية تعاني الكثير من الصعوبات والتحديات التي تفرض على الحزب الحاكم التركيز على الوضع الداخلي مع اقتراب المعركة الانتخابية مع أحزاب المعارضة التي تتبنى وجهة تقارب و تعامل مختلفة للملف السوري مغايرة للسياسة الخارجية الحالية، وليس مهماً اليوم المجازفة وسط أي مياه عكرة تصطاد فيها المعارضة التركية عثرات الحزب الحاكم على الرغم من حالة الاجماع السياسي على ضرورة محاربة التنظيمات الإرهابية المصنفة تركياً على لوائح الإرهاب.

تحديات كبيرة تواجه النوايا التركية في الشمال السوري، فمعركة اليوم ضرورة تحكمها التفاهمات وتحدّ طموحاتها المصالح والظروف الدولية والداخلية لأنقرة، وهو ما يجعل وقوعها في ذهن البعض قاب قوسين أو أدني، في حين يراها البعض الآخر تهديداً وحرباً إعلامية لا أكثر.

الجيش التركيالجيش الوطنيالعملية العسكرية التركيةتركياتل رفعتعملية تركيةغسان الجمعةقسدمعركةمنبجميليشيا قسد