رغم خلاف مديريات التربية في المحرر على كل شيء يخص الجانب التربوي والتعليمي في المناطق المحررة إلا أنهم اتفقوا على إغلاق الباب في وجه الصحافة وعدم الرد على أسئلة الطلاب التي نود طرحها في صورة تعكس حجم اللامبالاة والتعالي والتعجرف على الناس، وتصرف مخزي ومليء بالتسلط والفوقية والاستبداد بمستقبل عشرات الآلاف من طلبة الشهادة الثانوية وشهادة التعليم الأساسي.
وهذا إن دلّ على شيء فربما يدل على أنّ سلطات الأمر الواقع (الإنقاذ والمؤقتة والمجالس والمديريات المحلية) لا تعبر إطلاقاً عن الناس ولا تمثلهم ولا تسعى لأن تكتسب الشرعية من خلالهم، ولا تحاول الوقوف عند أبسط همومهم كما في قضية توحيد التعليم، وإنما فقط هم أكوام من المرتزقة الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الضيقة.
لمن لا يعلم يوجد في المحرر -هذا العام- ثلاثة امتحانات للشهادة الثانوية وشهادة التعليم الأساسي رغم أن المنطقة الجغرافية واحدة والمنهاج واحد إلا أن الحكومات تختلف ولا بد لهذا الاختلاف من أن يعبث بمستقبل طلاب (المناطق المحررة).
وزير جديد للتربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة
وقد أصدرت حكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة برنامجين مختلفين لامتحانات الشهادة الثانوية مما يعني إقامة امتحانات مختلفة وهذا ترك الطلاب في حيرة من أمرهم وسط كم هائل من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة حاولنا طرحها إلا أن حكومة الإنقاذ اعتذرت والمؤقتة لم ترد.
فهل ستعترف الحكومة المؤقتة بشهادات الطلاب الذين سيتقدمون لامتحانات حكومة الإنقاذ وتسمح لهم بدخول الجامعات التي تديرها؟ وماذا عن حكومة الإنقاذ هل ستعترف هي أيضاً بشهادات الحكومة المؤقتة؟
الطلاب الذين سجلوا في إدلب ويودون الدراسة في جامعة حلب في المناطق المحررة هل سيتوجب عليهم نقل أوراقهم إلى المؤسسات التابعة للحكومة المؤقتة لتقديم امتحان الثانوية هناك؟ بالمقابل هل سيسمح لحملة شهادة المؤقتة بالدراسة في جامعة إدلب أم سيتم إدخالهم في دوامة تعديل الشهادة والامتحان المعياري؟
وفي حال تقّدم طلاب التعليم الأساسي بعد ثلاثة سنوات لامتحان الشهادة الثانوية هل ستسمح لهم حكومة الإنقاذ بالتقديم في حال كانوا يحملون شهادة التعليم الأساسي من الحكومة المؤقتة؟
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ
كما لم توضح أي من الحكومتين المطلوب والمحذوف من المناهج إذ أُصدرت المحذوفات هذا العام ثلاث مرات مما أدخل الطلاب في حيرة كبيرة وجعلهم يفقدون الثقة في هذه المؤسسات التي تتصدر المشهد التعليمي في المحرر.
أما امتحان المجالس المحلية في شمال وشرق حلب فقصة أخرى من الفوضى وعدم التنسيق ففي كل مدينة وبلدة امتحان مختلف، ناهيك عما يشوب هذه الامتحانات من تزوير كما حصل العام الماضي عندما قُدمت أوراق امتحان مادة الفلسفة محلولة للطلاب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه المجالس تابعة للمؤقتة التي من المفترض أن تكون مسؤولة على كل المجالس في مناطق سيطرتها؟ إذا كان الجواب نعم فلماذا تقوم بامتحانات مستقلة وتعطي شهادات غير معترف فيها بالمحرر إلا بعد معادلتها؟ وإذا كان الجواب لا، (ليست تابعة للحكومة المؤقتة) فماذا بقي للحكومة المؤقتة كي تكون مسؤولة عنه؟
هذه التساؤلات وغيرها موجودة وبكثرة في كل مواقع التواصل الاجتماعي وهي على مرأى أصحاب القرار والنفوذ إلا أنها لا تجد سوى التجاهل واللامبالاة والتفكير بمنطق المنافسة وكأن الطلاب سلع تنتظر من سيدفع فيها الثمن الذي يكون مناسباً أكثر من حيث المنهاج والتوقيت وغير ذلك.
الجدير بالذكر أن شهادة الحكومة المؤقتة وشهادة حكومة الإنقاذ لم تحصل على اعتراف إلا في الجامعات التابعة لهما بل وحتى الجامعات التركية الموجودة في المناطق المحررة كغازي عينتاب طلبت من طلابها تقديم امتحان الشهادة الثانوية مرة أخرى لأنهم يحملون شهادة غير معترف بها وعند سؤالك عن أسباب تأخر الاعتراف بالشهادات الصادرة عن الحكومتين يكفي أن تعيد قراءة المقال مرة أخرى، فالأسباب تبدو واضحة!!
يبدو أن حال التعليم لا يختلف عن أحوال المناطق المحررة الأخرى سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وإذا بقي على ذلك فلن ينتج أجيالاً أفضل، فالمؤسسات الاستبدادية لا تستطيع ان تنتج مجتمعاً حراًّ، وإنما مجتمع ربما يستعيد الأسد في بلد الحرية بدلاً من أن يحارب أمثاله!