إذا كان رمضان نفحة قادمة من عند الله، وإذا كان المطلوب منا أن نتعرض لهذه النفحات حين تهب رياحها..
فإن الواجب الآن أن نذهب إلى الجهات التي تهب منها نفحة رمضان لنضع أنفسنا في وجهها.. فما هي وأين تقع؟
تشير نصوص الوحي أن هناك ثلاث جهات: 1. الرحمة 2. التقوى 3. الحرية
…………………………..
تهب رياح الرحمة فتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، تبدأ برحمة عفو ومغفرة تغسل ذنوباً وتمحو خطايا لا يحتملها إلا رمضان (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
وتمر برحمة جود وعطاء تتضاعف معها الحسنات ويُستجاب فيها الدعاء ونحجز مواقع في الجنة لا يملك دفع تذاكرها إلا الصائمون (إن في الجنة باباً لا يدخله إلا الصائمون)
وتنتهي برحمة قرب وأنس بالله تعيشها قلوبنا المتعبة وأرواحنا المرهقة ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب)).
التعرض لرياح الرحمة يوجب أن نمارس الرحمة يومياً.. لذلك صدقة الفطر واجبة والمسامحة مهمة.
………………..
تهب رياح التقوى بقوة عاتية يوفرها الصوم بنفسه إذا تم فعله كما ينبغي ((كتب عليكم الصيام.. لعلكم تتقون))، نحن نصوم من أجل الحصول على شيء اسمه “التقوى”..
التقوى خاصية داخل النفس إذا توفرت فإنها تفتح البصيرة وتزود صاحبها بقدرة على مواجهة المخاطر وتفكيك المشاكل التي يبدو أن أبوابها أُغلقت علينا ((ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب))
كل ذلك مع ثقة وطمأنينة نفس وأمل بالمستقبل.. لأن ((العاقبة للمتقين)).
التعرض لرياح التقوى يوجب أن نمارس التقوى يومياً.. ممارسة التقوى أن يجدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك..
…………………
تهب رياح الحرية فتتحرك معها حريات الدنيا والآخرة، تتجسد حريات الآخرة في عتق وتحرر من النار (ولله عتقاء في رمضان وذلك كل ليلة)
وتتجسد حريات الدنيا في تطوير القدرة على التحكم بالنفس وتحرير الإرادة من الخضوع لأقوى الحاجات الطبيعية كالطعام والشراب والجماع.. فإن الصوم بتعريفه: “إمساك عن..”
في رمضان يستعيد المرء سيطرته على كيانه وأخلاقه ويتمكن من التحكم بالإشباع الفوري للرغبات، هذا الإشباع الفوري يتسبب بهشاشة نفسية لا تقوى على تحمل مصاعب الحياة العادية والمتوسطة فضلاً عن الثقيلة.
التعرض لرياح الحرية يوجب أن نمارس الحرية يومياً.. نتحرر من عادة سيئة ونكتسب عادة حسنة ونصنع معروفاً نحرر به الناس حولنا من قيود الحاجة والبؤس وضيق الحياة.. ابتسامة رمضان مهمة (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)