كيف تم خذلان السوريين ومعاقبتهم بعد الزلزال سياسياً ومعيشياً

أحمد وديع العبسي

مرّ 12 يوماً على الزلزال المدمر الذي ضرب الشمال السوري والجنوب التركي، وحتى الآن يُعتبر ما دخل الشمال السوري من مساعدات ضئيل جداً مقارنة مع الفاقة التي خلفها الزلزال وراءه، وباستثناء ما ارسلته العشائر السورية فيما عرف (بفزعة العشائر) وقافلة دير الزور، فلم يكن هناك أي مساعدات لها قيمة حقيقية في مواجهة الكارثة التي تسبب بها زلزال السادس من شباط، وما زلنا في شمال سورية ننتظر الوعود التي اطلقتها الأمم المتحدة وبعض الدول الشقيقة التي لم تتخلى عن الشعب السورية ووقفت إلى جانبه حتى اليوم (قطر والكويت والسعودية والأردن وتركيا المنكوبة) مع عتب كبير على بعض حكومات هذه الدول التي استغلت الكارثة لتمارس شيئاً من التطبيع مع النظام المجرم في دمشق

على عكس ما هو متوقع من وقوف العالم إلى جانب المتضررين من الكارثة فقد تمت إهانة الشعب السورية وخذلانه ومحاولة الانتصار عليه سياسياً وهو في أضعف أوقاته بعد كارثة مدمرة وذلك عبر الكثير من الممارسات التي سأذكر أبرزها فيما يلي:

1- تأخرت استجابة الأمم المتحدة بحجج واهية حتى اليوم الثامن من الكارثة وما زالت الاستجابة محدودة جداً

2- قامت بعض الدول بإرسال العديد من المساعدات للنظام السوري بلغت حتى اليوم حوالي 147 طائرة مساعدات رغم أن الكارثة الكبرى في الشمال، وقد صرح رئيس وزراء حكومة النظام أن عدد المباني المدمرة لم يتجاوز 200 مبنى، مما يعني أن هناك طائرة مساعدات أرسلت لكل مبنى ونصف، بينما لم تصل المساعدات التي تم إرسالها للشمال السوري نصف هذا العدد من الشاحنات.

3- استمر إرسال المساعدات للنظام رغم التقارير المصورة والفيديوهات التي أظهرت سرقتها من قبل الأمن والجيش وبيعها في الأسواق المحلية وعدم استفادة المتضررين منها

4- منذ اليوم الأول من الكارثة أعلن الدفاع المدني في شمال سورية نقص الآليات ومعدات إزالة الأنقاض وقد طنش العالم هذا الإعلان وترك الناس تموت تحت ركام منازلهم

5- تم رفع العقوبات جزئياً عن النظام من أجل الاستجابة الإنسانية، والعمل على تعويمه من قبل الأمم المتحدة وبعض الدول!!

6- تمت إهانة الشعب السوري بانتظار موافقة النظام الذي قتل مليون سوري ليسمح باستخدام معابر لا يسيطر عليها من أجل إدخال المساعدات منها، رغم أنها تستخدم من قبل بشكل غير رسمي

7- إلى الآن لم تصل خيم أو غرف لإيواء من يبيتون في الشوارع في مدن الشمال السوري المدمرة بعد الزلزال

8- رغم اعتراف الأمم المتحدة بالتقصير، وخذلان الشعب السورية ولكنها مستمرة بالتنسيق مع نظام الأسد من أجل إدخال المساعدات التي يقبل بها فقط من المعابر الإنسانية مع تركيا أو عبر المعابر التي تربط مناطق النظام بالشمال السوري، بالإضافة لتعمّد بعض المسؤولين في الأمم المتحدة الخلط بين الدمار الذي أحدثه قصف نظام الأسد لسورية والدمار الذي أحدثه الزلزال

9- إن بعض الدول وبالتحديد الولايات المتحدة قامت بشن حروب مدمرة خارج مظلة مجلس الأمن (حرب العراق) ولم تستطع إدخال مساعدات لسورية خارج هذه المظلة رغم امتلاكها قواعد عسكرية في سورية ومهابط طائرات مروحية

10-  قام بعض موظفي الأمم المتحدة بتهديد المنظمات المحلية بوقف التعامل معهم إذا استمروا في انتقاد أدائها المسيس والتذكير بأن 90 بالمئة من المساعدات ذهبت لدعم نظام الأسد في المناطق الأقل تضرراً رغم معرفتهم بأنه يتم سرقتها باستمرار ووضعها في مخازن الجيش والمليشيات المسلحة.

هذه النقاط وغيرها الكثير انتجت خيبة أمل كبيرة عند السوريين من المجتمع الدولي وتعامله مع مأساتهم والكارثة التي تعرضوا لها وقضيتهم، حيث تحاول الأمم المتحدة ومؤسساتها منذ وقت غير قصير إعادة تأهيل نظام الأسد ودعمه مالياً وسياسياً وإظهار نظامه على أنه الدولة المعرف بها قانونياً متجاهلة جميع الجرائم التي قام بها، و تجاهل ضرورات التدخل السريع في كارثة كبيرة كالزلزال الذي حصل، واستثمار الكارثة سياسياً لإضعاف الشعب السوري وإجباره على الاستسلام لمن يقوم بقتله وقصفه وتدمير البلاد باستمرار.

 

أحمد وديع العبسيالدفاع المدني السوريالمعابر الحدوديةتسيس مساعدات الأمم المتحدةتعويم نظام الأسدزلزال سوريا وتركيا