ظروف الحرب دفعت أغلب الطلاب إلى التوقف عن الدراسة نتيجة النزوح المستمر وعدم الاستقرار في منطقة محددة والوضع الأمني، لكن مع من يمتلكون روح التحدي والمواصلة لا تقف أمامهم عائق.
العمل على الموهبة والتطوير والتغير من سنن الحياة، ومن لا يتجدد يتجاوزه الزمن، وقد قالوا: “إن الرسم لغة بلا كلمات، وبكاء وتجسيد للألم بلا عبرات”.
الرسم هو موهبة (أحمد) ابن مدينة كفرنبل، الذي بدأ برسوماته منذ صغره، وعدم استكماله تعليمه لم يشكل عائقًا أمام موهبته وإصراره، حيث يبدع أحمد في الرسم ويصور من خلاله معاناة الناس في الشمال المحرر، حيث تظهر بعض رسوماته القصف الهمجي، وبعضها يظهر رموزًا وشخصيات لها أثر عميق وبريق في الثورة السورية.
ويفضل أحمد ألوان الأحمر والأبيض والأسود، فهو يرى أن ألوان الدماء والظلماء تمثل كل ركن من أركان إدلب وباقي المناطق المحررة بشكل كامل.
(أحمد الأسود) 26 عامًا، من مدينة كفرنبل في ريف إدلب كان طفلاً حين بدأ بالرسم على الورق برسمه رسومات كرتونية وعلى الدفتر في المدرسة بالمرحلة الابتدائية في الصف الثالث، أعجبت رسوماته الأشخاص المحيطين به من أصدقاء وأقرباء ومعارف، مما زاد من عزيمته على المتابعة والعمل على تنمية موهبته.
يتحدث الأسود لصحيفة حبر عن موهبته وبدايتها وكيف طورها بقوله: “بدأت الرسم من المرحلة الابتدائية في صف الثالث، وكنت أرسم لأصدقائي وكلما أكبر عامًا يتطور رسمي، كنت أرسم شخصيات كرتونية رائعة وأشارك في مسابقات الرسم وأربح بكل جدارة.
وفي المرحلة الثانوية من التعليم بدأ الجميع يشجعني ويحفزني على تطوير موهبتي، واختصصت بالرسم الإيحائي بألوان الخشب على الورق والألوان الزيتية على الجداريات.
في عام 2014 دخل النظام إلى مدينتي وكنت حينها في صف الثالث الثانوي، ودرسته مرتين للحصول على الشهادة، في العام الأول كنت الثانوية في معرة النعمان، رافق ذلك أول دخول جيش النظام على المنطقة، وعند موعد الامتحانات زادت وتيرة الأحداث ولذلك نصف طلاب المنطقة لم يقدموا للامتحان، وأيضًا في العام الثاني تقدمت للحصول على الشهادة في مدينة إدلب، وكان قد سيطر النظام عليها ومُنعت من التقديم وانتهى ذلك بترك الدراسة، لكن هذا الأمر لم يجعلني من اليائسين، بل استمريت في موهبتي التي أعشقها حتى انضممت إلى حملة (عيش) منذ 6 سنوات.”
صعوبات واجهت أحمد:
يحدثنا أحمد عن صعوبات واجهته بقوله: “واجهتني صعوبات كثيرة في مدينتي كفرنبل بسبب قصف النظام الهمجي بالمدفعية والصواريخ والطيران، وأكثر من مرة حصل معنا مواقف منها أننا نرسم على الجداريات التي بالشوارع، وفجأة يبدأ الطيران بالقصف في المنطقة التي نكون بها، وأحيانًا لا تبعد عنا بضع أمتار، ممَّا يجعلنا نترك عملنا ونختبئ إلى أن يتوقف قصف الطائرات، وبقينا على هذه الحال أنا ورفاقي إلى أن نزحنا من كفرنبل بسبب حملة النظام الأخيرة العام الماضي.
ثم نزحت إلى مخيمات أطمة الحدودية مع تركيا وأصبح كل شخص من رفاقي في مكان مختلف عن الآخر، فتواصلنا عبر الإنترنيت لاستمرار عملنا بالرسم على الجداريات، وأصبحنا نخرج ثلاثة أيام من كل شهر إلى إدلب المدينة وإلى ريفها (سلقين، وحارم، وكفرتخاريم، وجسر الشغور)، وأيضًا إلى ريف حلب الشمالي مثل (الباب، وأعزاز، وعفرين) وأريافهم.