“لسنا محرري سوريا، بل شعبها هو من حررها بنفسه”، بهذه الكلمات أكد أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الانتقالية، أن البلاد تدخل اليوم مرحلة حاسمة لإعادة البناء على كافة المستويات بعد عقود من حكم نظام الأسد، الذي انتهى بفرار بشار الأسد إلى روسيا.
في مقابلة مع قناة “العربية”، تحدث الشرع بصراحة عن أبرز تحديات المرحلة الانتقالية، والخطوات التي وضعتها الإدارة لضمان انتقال سلس نحو سوريا جديدة.
الدستور والانتخابات: مسار طويل نحو التغيير
أوضح الشرع أن إعداد دستور جديد سيستغرق نحو ثلاث سنوات، يليه تنظيم انتخابات تتطلب أربع سنوات أخرى، مبرزاً أن “أي انتخابات نزيهة تحتاج إلى إحصاء سكاني شامل”، ما يتطلب جهداً ووقتاً كبيرين. وأضاف: “اليوم نحن في مرحلة إعادة بناء القانون والمؤسسات، ومؤتمر الحوار الوطني سيكون حجر الزاوية لتحقيق هذا الهدف”.
كما أكد أن المؤتمر سيضم كل مكونات المجتمع السوري، ويُشكّل لجاناً متخصصة تشارك في التصويت على القضايا المصيرية، مشيراً إلى أن المواطن السوري سيبدأ ملامسة تغييرات جذرية في الخدمات خلال عام واحد.
قسد وحل الفصائل المسلحة
عن مستقبل الفصائل المسلحة، شدد الشرع على أن “هيئة تحرير الشام” وغيرها سيتم حلّها بالكامل ضمن إطار مؤتمر الحوار الوطني. أما بشأن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، فأكد أن المفاوضات جارية لحل الأزمة شمال شرق سوريا، مضيفاً: “الأكراد جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري، ولن يكون هناك أي تقسيم للبلاد”.
المحاسبة والتعايش
وفيما يخص الانقسامات المجتمعية التي خلفها النظام السابق، اعتبر الشرع أن حملات الانتقام كانت أقل بكثير من المتوقع بالنظر إلى حجم الأزمة. وأضاف: “كل مرتكبي الجرائم سيحاسبون، ولكننا حريصون على تعزيز التعايش بين السوريين”.
السياسة الخارجية: نحو شراكات استراتيجية
تحدث الشرع عن العلاقات الدولية، مشيداً بالدور السعودي في دعم استقرار سوريا، واصفاً التصريحات الأخيرة للمملكة بأنها “إيجابية جداً”. كما أعرب عن أمله بأن ترفع الإدارة الأميركية العقوبات عن سوريا قريباً. وأكد أن هناك فرصاً استثمارية ضخمة أمام السعودية في إعادة إعمار البلاد.
المرحلة الانتقالية: تعيينات اللون الواحد والتحديات
وفيما يتعلق بتعيينات الحكومة الانتقالية، أوضح الشرع أن المرحلة تطلبت انسجاماً داخلياً لتسيير الأمور بسرعة، نافياً أن يكون الهدف إقصاء أي طرف. وأضاف: “المحاصصة كانت ستدمر جهودنا في هذه المرحلة الحساسة”.
رسالة إلى الداخل والخارج
اختتم الشرع تصريحاته برسالة طمأنة إلى الشعب السوري: “لا خوف على الداخل السوري، فنحن متعايشون رغم الانقسامات التي خلفها النظام السابق”. كما أكد أن سوريا الجديدة ستدار بعقلية دولة حديثة، تسعى لتحقيق الاستقرار الداخلي والإقليمي، مضيفاً: “سوريا لن تكون مصدر إزعاج لأحد”.
صوت المرحلة الجديدة
أحمد الشرع، القائد الذي دخل دمشق فاتحاً بعد سقوط نظام الأسد، برز كشخصية قيادية واعية لطبيعة التحديات. استطاع بخطابه أن يطمئن الداخل، ويعزز الثقة لدى الخارج، ممثلاً وجه سوريا الجديدة التي تطمح لإعادة بناء ذاتها وإثبات مكانتها في المنطقة والعالم.