أزمة توقف الدعم عن مشافي إدلب.. مشفى باب الهوى في دائرة الخطر

عبد الله عز الدين

تعاني المشافي في الشمال السوري، وعلى رأسها مشفى باب الهوى، من أزمة خطيرة تهدد استمراريتها بعد إعلان الجهات المانحة وقف دعمها المالي.

وبحسب الدكتور ياسين علوش، المدير التنفيذي للمشفى، فإن السبب الرئيسي يعود إلى تقليص المنحة المخصصة للمنظمة من قبل المانحين ، حيث تم تخفيض الدعم المقدم إلى المنظمة بسبب قرار ترمب بتخفيض المنح الخارجية ما أدى إلى إعادة توزيع التمويل على مشافٍ أخرى واستثثناء مشفى باب الهوى لأن التكاليف التشغيلية لمشفى باب الهوى وحده تصل إلى 170 ألف دولار شهريًا.

ورغم الجهود المبذولة لتأمين بدائل، فقد استمر المشفى بتغطية نفقاته حتى بداية العام الجديد من خلال منحة مؤقتة من منظمة GIZ، لكن الدعم توقف بنهاية ديسمبر. حصل المشفى لاحقًا على دعم مؤقت من منظمة الصحة العالمية (WHO) لشهر واحد فقط، ولكن مع انتهاء هذا الدعم، دخل المشفى في حالة طوارئ، مهددًا بالتوقف التام.

 تأثير توقف الدعم على المرضى والخدمات الطبية

إن توقف الدعم عن المشافي في الشمال السوري يُشكل كارثة إنسانية كبيرة، حيث يعتمد عليها آلاف النازحين الذين يعيشون في المخيمات وعلى الحدود، غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب الدمار ومخلفات الحرب. ومع تراجع الخدمات الطبية، سيواجه المرضى، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة والحالات الحرجة، خطر عدم تلقي العلاج.

اقرأ أيضاً: شام FM، السلطة والإعلام، ذراع النظام الناعمة

مشفى باب الهوى ليس مجرد مستشفى عادي، بل هو الأكبر في الشمال السوري، ويمتلك تخصصات نادرة تشمل:

جراحة الأعصاب المجهرية: وهو المركز الوحيد في سوريا الذي يجري هذا النوع من العمليات.

جراحة الأطفال المتطورة: مع طاقم طبي مدرب دوليًا.

جراحة العظام وتبديل المفاصل.

جراحة الأورام المتقدمة، مثل عمليات البنكرياس (ويبل).

وبالتالي، فإن إغلاق المشفى يعني أن المرضى لن يتمكنوا من العثور على بديل للعلاج داخل سوريا، وسيضطرون إلى السفر لمسافات طويلة أو اللجوء إلى المشافي الخاصة التي تفرض تكاليف مرتفعة تفوق قدرتهم المالية.

 البدائل المطروحة لضمان استمرار المشافي في ظل انقطاع التمويل

حتى الآن، لا توجد بدائل حقيقية تضمن استمرار عمل المشفى، رغم كونه تابعًا لوزارة الصحة. كانت هناك محاولات للحصول على دعم من الدول الخليجية، لكنها لم تنجح حتى الآن، كما أن الحكومة تحاول التفاوض مع المنظمات المانحة لكن بدون نتائج ملموسة.

في ظل هذا الوضع، يعتمد المشفى حاليًا على تقديم الخدمات الطارئة فقط، مع اتخاذ إجراءات تقشفية تشمل:

الاقتصار على الحالات الإسعافية الحرجة.

تحويل بعض الحالات إلى مشافٍ أخرى إن أمكن.

تقليل استهلاك الكهرباء، الوقود، والمستهلكات الطبية.

 تأثير الأزمة على الكادر الطبي والعاملين في المشافي

يعمل الطاقم الطبي في مشفى باب الهوى منذ 13 عامًا وسط ظروف الحرب والتهجير، لكن توقف التمويل يعني أن الكثير من الأطباء والممرضين والكوادر الإدارية والفنية قد يفقدون وظائفهم، مما يفاقم الوضع المعيشي لهم ولعائلاتهم.

الأزمة لا تؤثر فقط على الأطباء، بل تشمل:

الكادر الإداري والتقني.

العاملين في الصيانة والتشغيل.

سائقو سيارات الإسعاف وفرق الدعم اللوجستي.

إذا لم يتم تأمين تمويل مستدام، سيضطر العديد من الكوادر إلى مغادرة المجال الطبي أو الهجرة بحثًا عن فرص عمل أخرى، ما سيؤدي إلى تدهور النظام الصحي بشكل أكبر.

 دور المنظمات الإنسانية والجهات المانحة في إيجاد حلول

رغم الكارثة التي تواجه المشافي، لم تتحرك المنظمات الدولية بشكل جدي لإيجاد حلول مستدامة. بحسب الدكتور ياسين علوش، فإن بعض الجهات المانحة تتذرع بسياسات دولية جديدة، مثل قرار الإدارة الأمريكية بإيقاف التمويل ، ما أدى إلى إهمال النازحين الذين يعانون منذ أكثر من 14 عامًا.

حتى الآن، لا يوجد أي التزام واضح من قبل الجهات المانحة لإعادة دعم المشافي، ما يجعل مستقبل القطاع الصحي في الشمال السوري مجهولًا.

 هل هناك تحركات من الحكومة المحلية أو المجتمع الدولي لإيجاد حلول؟

بحسب الدكتور ياسين علوش، فإن الحكومة المحلية ووزارة الصحة تبذلان جهودًا لمحاولة تأمين التمويل، لكن نظرًا لتدمير القطاع الصحي بشكل شبه كامل، فإن المسؤولية أصبحت ضخمة على عاتق الحكومة، ما يجعل الحلول محدودة.

هناك محاولات للتفاوض مع بعض المنظمات، لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي اتفاقات تضمن استمرار تشغيل المشافي.

وتوقف الدعم عن مشفى باب الهوى والمشافي الأخرى في إدلب يهدد حياة آلاف المرضى، خاصة مع غياب بدائل تضمن استمرارية الخدمات الطبية. في ظل هذا الواقع، يعتمد المشفى حاليًا على تقديم الحد الأدنى من الخدمات الإسعافية، لكن إذا لم يتم تأمين تمويل جديد، فقد نشهد إغلاقًا تامًا للمشفى في الفترة القادمة.

أخبار سورياانقطاع الدعمباب الهوىسوريامشافي إدلب