في تطور علمي مثير قد يغير شكل الطاقة المتجددة، كشف فريق من الباحثين في جامعة صري البريطانية عن تقنية نانوية جديدة قد تتيح تحويل الحركة اليومية مثل الجري أو المشي إلى طاقة كهربائية كافية لتشغيل الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء. هذا الإنجاز تم بفضل مولدات نانوية مرنة عالية الكفاءة طوّرها معهد التكنولوجيا المتقدمة في صري (ATI)، والتي تفوق كفاءتها المولدات التقليدية بزيادة في كثافة الطاقة تصل إلى 140 ضعفًا.
وفقًا لتقرير نشره موقع “techxplore” يُتوقع أن تمهّد هذه التقنية الطريق لمولدات طاقة نانوية فعّالة مشابهة لكفاءة الخلايا الشمسية اليوم. وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة “Nano Energy”، حيث أظهرت الأجهزة النانوية التي طورتها جامعة صري قدرتها على تحويل الطاقة الميكانيكية اليومية، مثل الحركة والاهتزاز، إلى طاقة كهربائية أكبر بكثير، بفضل تقنية تسمى “تجديد الشحنة”.
كيف تعمل التقنية الجديدة؟
يعمل المولد النانوي الجديد على مبدأ مشابه لنظام فريق العدو التتابعي؛ فبدلاً من أن يقوم قطب كهربائي واحد بجمع الطاقة، يجمع عدد من الأقطاب شحنات متتالية ثم يمررونها بشكل تتابعي، مما يزيد الطاقة الكلية التي يتم جمعها. على سبيل المثال، إذا كان المولد التقليدي ينتج 10 ملي واط فقط، فإن هذه التقنية الجديدة قادرة على إنتاج أكثر من 1000 ملي واط، ما يجعلها مثالية لحصاد الطاقة لتطبيقات متعددة.
اقرأ أيضاً: توقف منصة التداول ERSPCE في الشمال السوري ودول أخرى
آفاق واعدة للتطبيقات المستقبلية
قال الدكتور محمد ديلوار حسين، المؤلف الرئيسي للدراسة: “إن حلم المولدات النانوية هو الاستفادة من الطاقة الناتجة عن الحركات اليومية، مثل الجري الصباحي أو اهتزاز الأبواب، لتوليد طاقة كهربائية. وقد تمكنا من ضبط التكنولوجيا بدقة باستخدام 34 مجمعًا للطاقة، مستفيدين من تقنية الليزر، ما يعزز كفاءة تحويل الطاقة”.
وأضاف ديلوار أن هذه التقنية قد تنافس يومًا ما قوة الألواح الشمسية، حيث يمكن استخدامها لتشغيل مجموعة واسعة من الأجهزة مثل أجهزة الاستشعار الذاتية التشغيل وأنظمة المنزل الذكي، دون الحاجة لتغيير البطاريات بشكل دوري.
مولد نانوي كهربائي احتكاكي
التقنية الجديدة تعتمد على مولد نانوي كهربائي احتكاكي (TENG)، وهو جهاز يستخدم موادًا تتولد فيها شحنة كهربائية عند الاحتكاك والانفصال، مشابهة لتجربة فرك بالون على الشعر وتوليد الكهرباء الساكنة. يُمكن لهذه التقنية تحويل الحركات البسيطة في الحياة اليومية إلى طاقة كهربائية، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستفادة من الطاقة الخضراء.
التطبيقات الصحية والتوسع الصناعي
أشار الدكتور بهسكار دوديم، المؤلف المشارك في الدراسة، إلى أن الفريق يعتزم إطلاق شركة جديدة تركز على تطوير أجهزة استشعار صحية غير جراحية تعمل بالطاقة الذاتية، استنادًا إلى هذه التقنية. وأكد أن هذه الابتكارات قد تساعد في تطوير التكنولوجيا الصحية المستدامة، وتحسين حساسية الأجهزة الطبية، فضلًا عن إمكانيات التوسع الصناعي.
حلول الطاقة لإنترنت الأشياء
البروفيسور رافي سيلفا، مدير معهد التكنولوجيا المتقدمة، أشار إلى أن هذه التقنية تأتي في وقت حرج مع التزايد المستمر في الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء (IoT)، والتي من المتوقع أن تصل إلى أكثر من 50 مليار جهاز خلال السنوات القادمة. وأكد أن إيجاد حلول طاقة مستدامة هو أمر حتمي لتشغيل هذه الأجهزة، وقد تكون المولدات النانوية هي الحل الأمثل.
“نحن نحتاج إلى حلول طاقة خضراء محلية، وهذا الابتكار يمكن أن يكون بمثابة تقنية لاسلكية ملائمة تستفيد من الحركات الميكانيكية لتوليد الطاقة للأجهزة الصغيرة. إنها فرصة جديدة لتطوير تقنيات مستدامة تدعم المجتمع العلمي في مواجهة التحديات العالمية”.
نحو مستقبل مستدام
يؤكد الباحثون في جامعة صري أن هذه التقنية قد تغير طريقة تفكيرنا في كيفية توليد واستخدام الطاقة، حيث يمكن تخيل استخدامها في أنظمة ذكية ذاتية التشغيل تعتمد على إنترنت الأشياء، بالإضافة إلى تطبيقات طبية لدعم مرضى الخرف وتحسين جودة الحياة.