أثار تعيين القاضي جهاد مصطفى مراد رئيسًا للغرفة الجنائية العسكرية في محكمة النقض بحمص جدلًا واسعًا، بسبب خلفياته السابقة المرتبطة بحزب البعث والنظام السوري السابق. وقد شغل مراد سابقًا منصب رئيس اللجنة القضائية العليا لانتخابات مجلس الشعب، كما كان رئيسًا لفرع حزب البعث في حماة خلال فترة شهدت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
تعيينات قضائية مثيرة للجدل
لم يقتصر الجدل على تعيين مراد، بل شملت التعيينات القضائية الجديدة عددًا من الشخصيات التي كانت على صلة وثيقة بالنظام السابق، من بينهم:
المستشار أحمد فهيم خليل: الذي تم تعيينه عضوًا في الغرفة المدنية السابعة الإيجارية، بعد أن كان رئيسًا لمحكمة الجنايات العسكرية بدمشق في عهد النظام المخلوع .
المستشار صايل طحان: الذي تم تكليفه بعضوية الغرفة الجنحية الثالثة، بعد أن شغل منصب قاضي التحقيق العسكري الأول في دمشق في عهد النظام المخلوع.
المستشار راشد الزعبي: الذي عُيّن عضوًا في الغرفة الجنحية الثالثة، بعد أن عمل رئيسًا للنيابة العامة في محكمة الإرهاب في عهد النظام المخلوع.
اقرأ أيضاً: صالح مسلم: مستعدون لترك السلاح إذا سُمح لنا بالعمل السياسي
وتأتي هذه التعيينات ضمن خطة لإعادة هيكلة النظام القضائي السوري، إلا أنها أثارت موجة استياء واسعة بسبب المطالبات المستمرة بضمان استقلالية القضاء، وتفعيل العدالة الانتقالية في المرحلة المقبلة.
تعيين نزار صديق صدقني يفاقم الجدل
أظهرت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة العدل في الحكومة الانتقالية السورية، وتحمل توقيع الوزير القاضي شادي محمد الويسي، تعيين القاضي نزار صديق صدقني في منصب معاون وزير العدل للشؤون القضائية.
وأثار هذا القرار غضبًا واسعًا، نظرًا لسجل صدقني المرتبط بطمس جرائم النظام السابق، حيث ورد اسمه في ذات المنصب خلال حكم النظام السوري السابق. واعتبر ناشطون أن إعادة تعيينه تأكيد على استمرار النفوذ القديم داخل القضاء، مطالبين بإبعاده عن المشهد وتقديمه للتحقيق أمام محاكم عادلة.
ومما زاد الاستياء ورود اسم صدقني في تسريبات قيصر، التي كشفت وثائق وصورًا توثق تورط شخصيات قانونية وأمنية في التلاعب بالملفات وإخفاء الأدلة المتعلقة بجرائم النظام السوري. وبحسب الوثائق، وُصف صدقني بأنه “شاهد صادق موثوق به” في تقارير أمنية، حيث ساعد في طمس الأدلة داخل المعتقلات.
قرارات تعيين مثيرة للريبة واستمرار نفوذ شخصيات مرتبطة بالنظام السابق
في وقت سابق، أصدر رأس النظام السابق بشار الأسد المرسوم رقم 47 عام 2020، الذي أنهى بموجبه إسناد وظيفة معاون وزير العدل للقاضية بثينة سليمان، ثم أصدر المرسوم رقم 48 بتعيين نزار صدقني مكانها. وكان صدقني قد شغل عدة مناصب، من بينها أستاذ محاضر في المعهد العالي للقضاء، وعضو في إدارة التشريع.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب اضغط هنا
وقد قوبل القرار بموجة استنكار واسعة، إذ رأى ناشطون أن تعيين شخصية متورطة في التستر على جرائم النظام السابق يعكس استمرار العبث بمنظومة العدالة، وتمكين شخصيات ذات سجل مشبوه من التحكم في القضاء السوري.
تورط قضاة ومسؤولين في الفساد القضائي والابتزاز
تواصل وزارة العدل في الحكومة الانتقالية إجراءات إنهاء ندب عدد من القضاة الذين عملوا سابقًا كمندوبين إلى مجلس الشعب، القضاء العسكري، القيادة القطرية لحزب البعث، وإعادتهم إلى النيابة العامة التمييزية.
ومن بين الشخصيات التي أُعلن اسمها القاضي عبود عيسى الشواخ، الذي يُعرف بأنه أحد رموز الفساد والتشبيح في القضاء السوري، حيث لُقّب بـ “سمسار المعتقلين”، نظرًا لدوره في ابتزاز عائلات المعتقلين مقابل مبالغ مالية ضخمة. وقد أثار ترفيعه إلى منصب قضائي جديد موجة استنكار حادة، مع مطالبات بمحاسبته على الجرائم التي ارتكبها.
كما تضمنت التعيينات الجديدة شخصيات بارزة في النظام السابق، من بينها:
عبد الحميد النقري
نهى محايري
ريان طحان
زياد المحمد
لبيب عليا
جمعة الحسين
علي دبرة
وكان بعض هؤلاء المندوبين قد خدموا في مواقع حساسة ضمن مجلس الشعب، القضاء العسكري، والقيادة القطرية لحزب البعث، ما أثار شكوكًا حول استمرار نفوذ النظام السابق في مفاصل الدولة و وزارة العدل.
ردود فعل غاضبة ومطالبات بالإصلاح القضائي
وسط هذه التعيينات المثيرة للجدل، دعت جهات حقوقية وناشطون إلى إبعاد الشخصيات المتورطة في انتهاكات سابقة عن السلطة القضائية، وإجراء إصلاحات حقيقية تضمن استقلالية القضاء وتطبيق العدالة الانتقالية، و العمل على الاستفادة من الكوادر والخبرات التي انشقت عن النظام السوري البائد وانحازت للشعب السوري من قضاة ومحامين و رجال قانون.
وفي خطوة اعتُبرت محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، قررت وزارة العدل في الحكومة السورية الانتقالية فرض عقوبة العزل على عدد من القضاة الذين كانوا يشغلون مناصب داخل مؤسسات النظام السابق، إلا أن قرارات التعيين الأخيرة تشير إلى استمرار نفوذ بعض الوجوه القديمة، مما يثير مخاوف من عدم تحقيق الإصلاحات الموعودة.