في خطاب ألقاه خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية تمثل تأكيدًا على التزامها بتعزيز أمن واستقرار المنطقة، مشددًا على ضرورة توحيد المواقف العربية لمواجهة التحديات الراهنة، وعلى رأسها الأزمة في غزة والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
تحذير من إعادة رسم خرائط المنطقة
أوضح الرئيس الشرع أن المنطقة تواجه اليوم محاولات جديدة لفرض حلول تسعى إلى إعادة رسم خرائطها على حساب دماء الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الدعوات لتهجير الفلسطينيين لا تهدد فلسطين وحدها، بل تمثل خطرًا على الأمة العربية بأسرها.
وأضاف أن التهجير القسري ليس مجرد إجراء مؤقت، بل نواة لمشروع أوسع يهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وطمس هويتهم، مؤكدًا أن ما يجري في غزة هو جرس إنذار لجميع الدول العربية.
دعوة لتوحيد المواقف العربية
وشدد الرئيس السوري على أن الدول العربية عليها أن تتجاوز الخلافات وأن تتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا استعداد سوريا لتقديم الإغاثة اللازمة لغزة واتخاذ خطوات فاعلة لوضع حد للعدوان الإسرائيلي.
كما جدد الشرع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير مصيره، داعيًا إلى موقف عربي موحد يحمي هذا الحق من أي محاولات لتصفيته.
إدانة للانتهاكات الإسرائيلية في سوريا
وفي سياق آخر، تطرق الرئيس السوري إلى الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد سوريا، معتبرًا أنها تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة برمتها. وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تستدعي موقفًا عربيًا موحدًا للوقوف في وجه المخاطر التي تشكلها إسرائيل على الدول العربية كافة.
وأكد أن سوريا لن تبقى صامتة أمام هذه التجاوزات، وستواصل الدفاع عن سيادتها وأمنها الوطني، داعيًا الدول العربية إلى دعم جهود دمشق في هذا الإطار.
التزام سوريا بالقضية الفلسطينية
وختم الرئيس السوري خطابه بتجديد التزام سوريا الثابت بدعم الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن السوريين سيكونون إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين في كل خطوة نحو التحرير والعدالة.
لقاء السيسي
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس السوري أحمد الشرع على هامش القمة العربية غير العادية المنعقدة في العاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة تطورات الأوضاع في غزة، وملف إعادة الإعمار، إلى جانب بحث العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي أكد، في مستهل اللقاء، حرص مصر على دعم الشعب السوري، وتحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية، مع التأكيد على أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري دون إقصاء، بما يحقق الاستقرار ويعزز وحدة البلاد. كما شدد على تمسك مصر بوحدة وسلامة الأراضي السورية، ورفضها لأي تعدٍ عليها.
من جانبه، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع حرصه على بدء صفحة جديدة في العلاقات مع الدول العربية، وخاصة مصر، معربًا عن رغبته في تعزيز العمل المشترك بما يحقق مصلحة البلدين والأمة العربية. كما ثمن الدور المصري في دعم وحدة وسلامة أراضي الدول العربية، وجهودها في استعادة الاستقرار الإقليمي.
لقاءات أخرى
أجرى الرئيس السوري، أحمد الشرع، سلسلة لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى مع عدد من القادة والزعماء العرب والدوليين، وذلك على هامش مشاركته في القمة العربية الطارئة المنعقدة في العاصمة المصرية لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية.
والتقى الشرع، برفقة وزير خارجيته أسعد الشيباني، بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر إقامته بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل انطلاق أعمال القمة، التي تُعقد تحت عنوان “قمة فلسطين”، في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية والأمريكية بشأن خطط تهجير الفلسطينيين من غزة، والأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
كما أجرى الرئيس السوري لقاءً مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وعلى الصعيد الدولي، اجتمع الشرع ووزير الخارجية الشيباني برئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، في لقاء تناول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كذلك التقى الوفد السوري بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في إطار الجهود الدبلوماسية التي تشهدها القمة.
وتأتي مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية الاستثنائية بالقاهرة كأول حضور له في هذا المحفل منذ تنصيبه، وسط غياب عدد من القادة العرب عن القمة، التي تنعقد في توقيت حاسم تشهده المنطقة.
رسالة واضحة: سوريا تعود بثبات
حمل خطاب الرئيس أحمد الشرع رسالة واضحة بأن سوريا تعود إلى الساحة العربية كطرف فاعل في القضايا الإقليمية، وبعزم على لعب دور أساسي في مواجهة التحديات التي تهدد الأمن العربي المشترك، في مقدمتها القضية الفلسطينية.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، كثفت إسرائيل هجماتها الجوية مستهدفة مواقع عسكرية بأنحاء سوريا، وتوغلت قواتها في مناطق بالجنوب السوري.
كما أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح بهضبة الجولان السورية التي تحتل معظم مساحتها منذ عام 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في فبراير/شباط الماضي إن إسرائيل لن تسمح لقوات الإدارة السورية الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق، كما زعم أن الطائفة الدرزية بجنوب سوريا تتعرض لتهديدات وأن إسرائيل لن تتسامح مع ذلك، حسب تعبيره.