حادثتان مهمتان تناولتهما وسائل الإعلام والناشطون السوريون الأسبوع الماضي، كان الجانب التركي فيها حاضرًا كونه طرفًا فاعلاً في هذه المسائل.
الحادثة الأولى عندما فصلت الإدارة التركية في مشفى مارع الطبيب السوري (عثمان حجاوي) لخلاف شخصي مع ممرض تركي، والثانية هي أحداث أنقرة التي كانت نتيجة اعتداء سوريين على مواطن تركي أدى إلى مقتله.
ليست المرة الأولى التي تشهد تركيا هذه الحوادث، وكذلك الأمر فإن الطبيب السوري لم يكن الشخص الأول الذي تعرض للتعسف الإداري ولن يكون الأخير.
هذه الصور السلبية في مشهد العلاقات على المستوى الاجتماعي والرسمي ناجمة عن عجز في تحديد إطار العلاقة وتوضيح قواعد الشراكة مع الجانب التركي.
ومن يتحمل مسؤولية هذه الفجوة هو من أدار العلاقة منذ بدايتها من باب النفعية المحضة على صعيد إدارة المرافق والمؤسسات في الداخل المحرر، فبعيدًا عن التنسيق العسكري والأمني الذي يقتضي انسجامًا وترابطًا أكبر هناك تداخل في المسؤوليات والمهمات بين الإداريين الأتراك والسوريين في القطاع التعليمي والخدمي والإنساني، إذ بات من الصعب التميز بين هوية هذه المؤسسات.
كما أن المنحى الذي سلكته بعض الإدارات السورية في التعامل مع الدعم والمساعدات التركية من مبدأ (ولي النعمة) شكَّل بيئة فاسدة في بعض المواطن في توزيع المراكز الإدارية وتوجيه الموارد المالية والعينية.
إن تبرير وزارة الصحة بعدم تبعية مشفى مارع لوزارتها هو عذر أقبح من ذنب في عدم إخضاع مشفى على الأراضي السورية ولو شكليًا لسلطتها في مظهر مُخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية، ولابد من الإشارة هنا إلى أن فكرة الاستقلال الإداري بحد ذاتها موجودة داخل تركيا وتتمتع بها بعض المؤسسات السورية، لكنها تخضع للقوانيين التركية العامة في التدقيق المالي والإداري.
إن التعامل الرسمي مع الجانب التركي بسياق العواطف التي هي سمة الترابط بين الشعوب لا يمكن قبولها عمليًا على أرض الواقع مع المؤسسات التركية، وربما تشكل هذه السياسية خيبة أمل حقيقية للدولة التركية ذاتها باتجاه المأمول من الجانب السوري الرسمي رغم كل التحديات والمصاعب التي يكابدها.
الجولاني: الناس في درع الفرات وغصن الزيتون يطالبوننا بدخول مناطقهم
من جهة أخرى تبقى حوادث أنقرة الأخيرة هاجس كل سوري كون تركيا الدولة الأكبر احتضانًا للاجئين السوريين، وفيها يقع عبء كبير على وعي السوريين في تركيا أولاً وعلى النخب السياسية ثانيًا، فالمعارضة التركية الحالية تريد الوصول للسلطة على رقاب السوريين ونكاية بسياسة حزب التنمية والعدالة الحاكم لا تمل واجهتها السياسية من تحريض الشارع التركي على السوريين، وغالبًا ما ينزلق بعض الجهلة السوريين لاستفزازات الشارع التركي المعارض.
هذا الوضع يتحمل مسؤوليته الإعلام السوري في تركيا والنخب التجارية والصناعية والثقافية ودورها في تعزيز روابط الثقة والألفة بين الشعبين، فحتى اليوم رغم الثقل الذي تشكله الجالية السورية في تركيا لا يوجد لها لوبي إعلامي واجتماعي مؤثر وفاعل، وهذا المشهد للأسف يعكسه التشرذم السياسي والحزبي للكتل السورية الغائبة كليًا عن سياسة البحث عن مصلحة التيار، والكتل في قناة المصلحة الوطنية إلى البحث عن الفرص والمصالح في أجندات الدول.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
من الحنكة أن تقوم النخب السياسية السورية بحوارات مع كل الأطراف في تركيا لتحييد اللاجئ السوري عن المعركة الانتخابية التركية، فمعركتنا ليست في أنقرة، إنما في دمشق، والمنتصر هو من يخرج بأقل الخسائر من حربه، فكيف بمن يخسر كل شيء في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل؟!