د. نذير الحكيم
عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
الغزو الفكري والثقافي والإيديولوجي كلها تعني انتهاك القيم التي تقع ضمن حيّز الخصوصية لمجتمعنا، بحجة الأسلمة أو العلمنة أو الدمقرطة؛ لتشوِّه بذلك فكرَ الشباب وتمسخ عقولَهم.
من دلالات الغزو سيطرة الثقافية الغربية على الثقافة العربية العامة نظرًا لواقع التخلف العام الذي يعيشه العرب أمام الغرب في مجالات العلم والتكنولوجيا والسياسية والاقتصاد والعسكرة، لذلك نجد اليوم بعض المثقفين والنخبويين وبمساعدة الماكينة الإعلامية المحسوبة على العولمة الغربية يحاولون جاهدين إقناع المجتمع بأنه متخلف في جوهره، متخلف في تاريخه، متخلف بصميم تكوينه، ومن ثَمَّ فلا بدَّ من الانسلاخ عن كل ما يربط المجتمع بماضيه من أجل إعادة تشكيل المجتمع على الطراز الغربي بحجة تصحيح الموروث الديني، وأن المجتمع السوري عبارة عن طوائف متناحرة!
اقرأ أيضاً: رسالة من القاع إلى الجالسين في الأعلى
إن أخطر ما في الغزو الثقافي أنه أصبح يعتمد على دافع ذاتي تلقائي يتم دون أي مجهود من الجهات الغازية، ودون أن يدرك الشباب بأنه ضحية مُعرَّض لهذا الخطر، وهنا يكمن الخطر الأكبر الذي تتعرض له الحاضنة الشعبية،
فكيف يمكن أن تواجه عدوًا لا تشعر بوجوده؟!
أو كما قال أحدهم: كيف احترس من عدوي إذا كان عدوي بين أضلاعي؟!
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
الغزو الثقافي بوجوهه المختلفة ظاهرة قديمة عرفها التاريخ عبر مختلف مراحله، واليوم وسائل التواصل الاجتماعي تساعد ذلك بشكل كبير ولافت، وما يريده الغرب هو أن يزعزع ثوابت ثورتنا وديننا وتاريخنا عن طريق النظريات والفنون التي يرعاها المستغربون ويثيرون الضجيج الإعلامي حولها، كي تصبح هوس المثقفين والفلاسفة والأدباء، ويصبح الفن والفلسفة والأدب أدوات تدور في فلك التشكيك بالثوابت العربية والإسلامية، أو كي تعمل على النيل من شخصيات تاريخيه وقامات علمية كبيرة … إلخ.
إن تحصين شبابنا ومجتمعنا من الذباب الخارجي وأذناب الداخل الذين ينسجون ما خلفه إرث ستالين وغيره لغزو المجتمع، هو المطلوب هنا من الوطنيين، وهو التحدي الأكبر الذي يتمثل في التوعية.
كيف يمكن قيادة المواجهة ضد الغزو؟ وما هي أسلحة التوعية؟
التخلف والتجهيل أخطر ما بالغزو الثقافي والفكري، والتخلف يحول سورية إلى كيان ضعيف يمكن استعماره اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وهو ما يضمن بقاء المجتمع عرضة لألاعيب تشويه الهوية وبناء الفكر المتطرف، كما هو حالنا اليوم، حيث أصبح البعض متهيئون فكريًا لقَبول أي شيءٍ يعدهم بالخلاصِ، ولو كان تطرفًا.
إذًا لا بد من حملات وطنية لإزالة هذه العوامل والتغلب عليها، تتمثل بـ:
1– إطلاق العديد من برامج التوعية والتعليم ودعمها ورعايتها، وهو ما يشكل الحصن الحصين والطريق السليم لمواجهة مختلف التحديات التي تفرض علينا.
2- الاهتمام بالإعلام ودعم حريته، فالإعلام له الدور الرئيس في مواجهة الغزو الثقافي بمختلف وسائله، وهو ليس إضافة مستحدَثة أو ضرورة تقتضيها ظروف العصر أو طبيعة التطور ليتزود بها المجتمع، بل هو الجزء الأكبر من الثورة، وأهم الأسلحة في معركة الغزو الثقافي، وعلينا أن نتعلم من إعلام العدو كيف يديرون حملاتهم.