ملخص
ذكر البروفيسور لاهر وآخرون في مقال بحثي لهم إن السمنة والأمراض المتعلقة بها والتي غالبًا ما تنتج من التحضر والتغيرات السلوكية تعد محط اهتمام عالمي في الوقت الحالي. على أية حال، يؤدي تقييد استهلاك السعرات الحرارية إلى تحسّن في الصحة وإطالة للعمر (بمشيئة الله). نستعرض في هذه المقالة بعض الآليات المهمة المتعلقة بالحد من تناول السعرات الحرارية بهدف التحكم بالأمراض الأيضية، وعلى وجه الخصوص مرض السكري.
إن الحد من استهلاك السعرات الحرارية يطلق سلسلة مركبة من ردود الأفعال المعقدة وتشمل: تنشيط عناصر الاستجابة لإجهاد الخلايا، الالتهام الذاتي المحسن، تعديل موت الخلايا المبرمج، وتعديل التوازن الهرموني. إن الصيام المتقطع لا يعدّ أمرًا أكثر قبولًا للمرضى فقط، ولكنه يمنع أيضًا بعض الآثار العكسية لتقييد السعرات الحرارية المزمن، خصوصًا سوء التغذية.
إن للصيام أو تقييد السعرات الحرارية المتقطع فوائد جسدية عديدة، فضلًا عن الفوائد النفسية المحتملة. على أية حال، بعض التعديل السلوكي المتعلّق بالامتناع عن الإفراط بالطعام بعد فترة صيام، يؤدي إلى الحصول على أفضل النتائج المرغوبة.
مقدمة
إن من الجلي أن آثار وباء السمنة ظهرت في أغلب بلدان الشرق الأوسط بشكل كارثي. كما أنه من المقلق استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة والإصابة بالصنف الثاني من مرض السكري، بالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في سبيل التوعية بأهمية الصحة – يجدر بالذكر أن تحذيرات العديد من المؤتمرات والمقالات العلمية والمبادرات الشعبية حظيت بتأثير صغير فيما يتعلق بتغيير أنماط الحياة. يمكن أيضًا سلوك نهج آخر، ألا وهو تسخير الفوائد الصحية والروحية للصيام الديني الإلزامي والطوعي – والذي تتم ممارسته بشكل روتيني في الشرق الأوسط – كوسيلة إضافية للوصول إلى تغيير دائم في نمط الحياة والذي سيقود في نهاية المطاف إلى فوائد صحية جمّة. إن الصيام شعيرة قديمة أُمر بها في العديد من الديانات، وهي شعيرة تتطلب الحد من تناول السعرات الحرارية لمدد مختلفة وبطرق مختلفة (في الجدول أدناه، تم توضيح أمثلة لبعض أنظمة الصيام في ديانات مختلفة). نستعرض في هذه المقالة أنشطة تقييد استهلاك السعرات الحرارية التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج صحية محمودة، سواء كان ذلك التقييد اختياريًا أو إلزاميًا.
الديانة | وقت الصيام | آداب الصيام |
البهائية | 19 يوم ( 2-10 / آذار) | لا طعام أو شراب من الشروق حتى الغروب |
البوذية | عادة خلال أيام اكتمال القمر وأيام العطل الأخرى | لا أطعمة صلبة؛ بعض السوائل مشروعة |
الكاثوليكية | أربعاء الرماد والجمعة العظيمة | لا لحوم (ولا لحوم في أيام الجمعة خلال الصيام الكبير). الوجبات الصغيرة مشروعة |
الأرثوذوكسية الشرقية | تشمل فترات الصيام: الصوم الكبير، وصوم الرسل، وصوم الرقود، وصوم الميلاد. كما تشمل أيضًا أيام الأربعاء والجمعة | لا لحوم أو منتجات حليب أو بيض. السمك غير مشروع في بعض أيام الصيام |
الهندوسية | اليوم الأول من كل شهر قمري وبعض أيام الاحتفالات | يمكن أن يتضمن 24 ساعة بغير طعام أو شراب؛ غالبًا ما يؤدى بالامتناع عن بعض الأطعمة الصلبة |
الإسلام | خلال شهر رمضان (إلزامي) وبعض الأيام الأخرى كالإثنين والخميس وعاشوراء إلخ (تطوعي) | لا طعام أو شراب من الشروق حتى الغروب |
اليهودية | يوم كيبور (يوم التكفير) وست أيام أخرى من الصيام الأصغر | لا طعام أو شراب منذ غروب شمس يوم التكفير وحتى غروب اليوم الذي يليه (ومنذ شروق الشمس حتى غروبها في الصيام الأصغر) |
المورمون | أول يوم أحد من كل شهر | لا طعام أو شراب لوجبتين متتاليتين |
الصيام المتقطع وفوائده على الجسم
يرافق تقييد تناول السعرات الحرارية تحسن صحي، حيث يحسن حالة القلب والأوعية الدموية، يقلل الوزن، يحسن حساسية الأنسولين والتحكم بسكر الدم، يحسن الوظائف المعرفية، ويمنع – بحول الله – حدوث السرطانات. على أية حال، من الصعب تطبيق تقييد السعرات الحرارية، كما أنه يرفع من خطر الإصابة بسوء التغذية. يقلل الصيام المتقطع من احتمالية حدوث سوء التغذية كما أنه أسهل من ناحية التطبيق ويحظى بشعبية بين خبراء الصحة.
يحفز الصيام المتقطع الالتهام الذاتي للخلايا، حيث يتم التخلص من الجزيئات المشوهة والعُضيّات الضعيفة، كما أنه يحد من آثار الشيخوخة ويحافظ على التجدد الخلوي. يرفع الصيام المتقطع أيضًا مستويات بروتين الأديبونيكتين، والذي تربطه علاقة عكسية بوزن الجسم والسمنة ومقاومة الأنسولين. كما أنه يقلل من مستويات الأنسولين في الدم ويعالج خلايا بيتا المسؤولة عن إفرازه.
الخاتمة
تلخص هذه المراجعة الموجزة العمليات التي يتم تفعيلها من خلال ممارسة الصيام المتقطع. بالرغم من الجهود الكثيرة المبذولة للتوعية حيال السمنة والسكري، اللذين يظهر أثرهما أكبر ظهور في الشرق الأوسط، إلا أن انتشار الأمراض الأيض – قلبية لا يزال مستمرًا بلا هوادة. يمكن إيجاد حل، وإن كان جزئيًا، في الشعائر الدينية، حيث يؤدي أناس من مذاهب مختلفة في الشرق الأوسط شعيرة الصيام. يستمر انتشار السمنة بالتصاعد بالرغم من الفوائد المعروفة للصيام المتقطع، مع جهود ضئيلة – على ما يبدو – للحد من تناول السعرات الحرارية. يمنع الصيام أو تقييد استهلاك السعرات الحرارية المتقطع أيضًا الآثار السيئة لتقييد تناول السعرات الحرارية المزمن، كسوء التغذية. إن إيجاد طرق مثلى للصيام، من حيث شدة تقييد تناول السعرات الحرارية ومدتها، يُعتبر وسيلةً للتخفيف من العديد من الأمراض الأيضية. لا يمثل الصيام في العديد من مذاهب الشرق الأوسط الدينية – سواءً كان إجباريًا أو اختياريًا – أداء فرض ديني فحسب، بل إنه يحد أيضًا من انتشار السمنة في المنطقة.
يمكنكم الوصول للمقال الأصلي من هنا