القفز من سفينة الأسد

غسان الجمعة

في تصريح للخارجية الأمريكية يعكس استمرار سياستها البراغماتية في التعامل مع الملف السوي بالنفس الطويل، أكدت أنها لا تحاول هندسة تغيير للنظام السوري ولكنها تطالب بالعدالة للشعب السوري من جرائم بشار الأسد، وهو ما يعني استمرار المشهد الحالي تحت تأثير اللاعبين الإقليميين والدوليين دون نية حقيقية لمساعدة السوريين في نيل مطالبهم وتحقيق انتقال سياسي.

التصريح الأمريكي جاء كرد غير مباشر تعقيبًا على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي لافروف تحذِّر ممَّا أسماه “انهيار الدولة السورية ” وبتالي فإن كلا الطرفين مهتم بالحفاظ على هيكلية الدولة، غير أن منطلق الفصل بين الدولة والنظام لديهما يختلف، وجذره هو بقاء الأسد في السلطة، فهل تستجيب موسكو لضغوط واشنطن بعد أن باتت سورية بلد الطوابير؟

اقرأ أيضاً:    الكوميديا السوداء وترسيخ المطاوعة

الموقف الروسي تزداد خياراته تعقيدًا في موازنة مصالحه مع بقاء الأسد في السلطة أو دونه، فالانهيار الذي تحدث عنه لافروف يضيِّق على موسكو حلقتها في تعاملها مع سلطة الأسد والمطالبة بمحاسبته لم تعد تورط ضباط سوريين فقط، بل قد تشتمل اليوم ضباط روس في ظل انخراط موسكو في كل العمليات الأخيرة جويًا وبريًا.

ومن جهة أخرى تعلم موسكو مدى تورطها في مسألة بناء النظام السوري لنفسه على مقومات الدولة وشرعية وجودها، وبالتالي فإن فقدان الأسد من يدها يعني فقدانها لمفتاح الشرعية الذي تتجاذبه اليوم كل الأطراف السورية، وهذا قد يعرضها لخسارة مكاسبها التي حققتها بمرحلة ما.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

بين الدولة والنظام تنسج موسكو حلولها على أرضية هشة من الداخل وضغوط من الخارج ستخرجها بالنهاية من دوامة الحفاظ على سورية الأسد وزيارة لافروف لقطر وتأكيده لقاء رؤساء لجان الدستورية بشكل مباشر عند اجتماع اللجنة هي خطوات روسية لفتح قنوات من شأنها أن تبعد شبح الانهيار من قاموسها في سورية.

إن الصراع اليوم بين الأمريكيين والروس ليس حول سورية فقط، بل إن توترًا يحتدم في أوكرانيا بعد حشود روسية ضد أوكرانيا التي يدعمها المحور الغربي، ولا تزال الولايات المتحدة تحاول إظهار الفشل الروسي في سورية على غرار ما حصل معها بعد تدخلها في كل من العراق وأفغانستان وغيرها، بينما قد نجد موسكو تقترب يومًا بعد يوم من مقاربة الحفاظ على الدولة السورية لتقفز في النهاية من سفينة الأسد الغارقة كنظام سياسي منبوذ دوليًا ومحارب شعبيًا.

يبقى أن نعلم أن دعم روسيا لترشح الأسد مجددًا واستمرارها بالدفاع عنه ليس إلا فصلاً من فصولها في ابتزاز بعض اللاعبين أو الأطراف على الساحة السورية، إلا أنها باتت تعي جيدًا عجز النظام وإفلاسه.

 

أردوغانالأسدالنظام السوريبشار الأسدبوتينتركياروسياغسان الجمعة