اللعن بين تغيير المظهر والمخبر

دعاء بيطار

 

عندما يأتي اللعن في الأحاديث الشريفة يكون السبب من الكبائر التي يعدُّ ارتكابها ممَّا يحرف الإنسان عن دوره في الحياة، ونحن نرى تساهلًا كبيرًا بين الناس في أمر اللعن، فما شعور شخص يرتكب معصية توجب لعنة الله عليه ثم يستصغر شأنها في نفسه لأنه اعتاد أن يتم لعنه وابعاده عن رحمة الله ثم يشكو ضيق صدره وقلة رزقه وتوفيقه وانعدام أمنه وهو لا يدري أنه منع نفسه وحرمها من ذلك؟!

والأغرب من ذلك إطلاق مسميات أخرى لما يقوم به طمعًا في تخفيف وقع العقوبة على نفسه في فترة صحوة الضمير إن وجدت، فهناك من يسمي النميمة وإيقاع الفتنة بين الناس نصيحة، والحقيقة أن النمَّام لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها، وقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم: إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا 

الإيقاع بين الزوجين من أشد الأمور التي ذكر فيها اللعن والتشديد من عدة نواحٍ، فهي إلى جانب أنها نميمة هي فتنة من نوع خاص تعبث باستقرار البيوت وتنغص عيش الزوجين بذكر مساوئ الطرف الآخر ونقل الكلام عنه بشكل يدخل النفور وجحود الفضل بينهما، وما أكثر من تسبب في دمار البيوت وزرع الشكوك وإشعال نيران الفتنة بحجة أنها نصائح مجانية، وقد كان الأولى الإتيان بالشخص نفسه ونصحه بمحبة بدلًا من فضيحته وإبراز مساوئه لزوجه وتقريبها أمام عينيه حتى لا يرى حُسنًا، كالذي يركز عدسة الكاميرا للإتيان بمشهد واحد ويختصر الحياة عليه وكأنه لا بد للناظر من خلال عدسة ذلك النمام ألَّا يرى غير ما يراه، فلكم أن تتخيلوا المشاهد على كثرتها في الحياة مع عدم إغفال وجود شيطان متخصص لتدمير الأسرة وعمله وخبرته قد لا تساوي شيئًا أمام صاحب النميمة المخضرم من الإنس،  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “لعن الله من خبب امرأة على زوجها، ولعن الله من خبب رجلًا على امرأته” (صحيح مسلم(

اقرأ أيضاً:  أردوغان يهاجم أوروبا بسبب اللاجئين السوريين

لو تحقق الناظر في وجه الشبه بين لعن الله للنامصة والمتنمصة التي تغير خلقة الله وبين لعن المخبب والمخببة لوجد أن الاثنين يغيران خلق الله، فالأولى تغير المظهر والثانية تغير المخبر، فأصل خلقة الله في أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة، وهؤلاء بعملهم السيئ غيروا فطرة الله في جعل ما بين الزوجين نفورا وجحودا وعداوة ونسيان للفضل ونكران للعشير.

 

 

الحديث النبوي الشريفالرسول صلى الله عليه وسلماللعندعاء بيطارسوريا