في إدلب وريفها، تعيش النساء تحديات يومية في سبيل تأمين لقمة العيش لعائلاتهن. الحرب والفقر دفعا العديد منهن إلى سوق العمل، حتى وإن كانت الظروف صعبة والأجور متدنية. النساء العاملات هنا غالبًا ما يقبلن بأقل الأجور نتيجة لعدم توفر بدائل أخرى.
أجور متفاوتة وظروف قاسية
“أم أيهم”، نازحة من معرة النعمان وتعيش الآن في بلدة معرة مصرين، تعمل في مهنة الخياطة منذ ثلاث سنوات. رغم خبرتها واحتياجها المادي، إلا أن قدرتها على تقديم أجور مجزية للعاملات في ورشتها محدودة للغاية. تدفع للعاملات ما يقارب 75 ليرة تركية يوميًا (2.23$)مقابل 6 ساعات من العمل، وهي نفسها تواجه صعوبات في تغطية تكاليف الإيجار والكهرباء والإنترنت، مما يجعل من الصعب تحسين أجور العاملات.
اقرأ ايضاً: فصل قيادي في حزب البعث بدرعا بعد اتهامات باستغلال جنسي للنساء
“أم أسماعيل” (45 عامًا) من جانبها، تدير “بيت المونة”، حيث تعمل معها نساء كثيرات في تحضير الأطعمة التقليدية. تعمل العاملات بجهد، ولكن دون أن يتمكن من تحقيق دخل يكفي لتلبية احتياجاتهن الأساسية. ورغم أنهن يتقاضين 50 ليرة تركية يوميًا (1.5$)، إلا أن التكاليف الأخرى تجعل من الصعب تحسين هذه الأجور.
المجال الزراعي
في القطاع الزراعي، يواجه النساء أيضًا تحديات كبيرة. “خديجة” (60 عامًا) وبناتها يعملن في الزراعة بريف إدلب، حيث تتطلب المهنة ساعات طويلة من العمل في ظروف مناخية صعبة، ولكنها واحدة من الخيارات القليلة المتاحة لهن. ورغم العمل الشاق، إلا أن الدخل الذي يجنينه بالكاد يكفي لتغطية نفقاتهم.
الإحصائيات والأبحاث
وفقًا لدراسة ميدانية أجرتها فرق الدفاع المدني في الشمال السوري المحرر في عام 2023، بلغت نسبة النساء العاملات في المنطقة 29%، بينما لا تزال 71% منهن غير عاملات. ومن بين النساء غير العاملات، تتحمل 6% منهن مسؤولية إعالة أسرهن، معظمهن أرامل. وتعتمد الغالبية منهن على المساعدات الإنسانية ومساعدات الأقارب كمصدر رئيسي للدخل.
الدراسة أشارت أيضًا إلى أن 45% من النساء العاملات تعرضن لمضايقات في أماكن العمل، بينما أظهرت 32% منهن مشاعر عدم الثقة بقدراتهن من قبل الزملاء وأصحاب العمل.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب اضغط هنا
المعوقات والتحديات
التقاليد والعادات في المنطقة تفرض قيودًا على النساء في مجالات معينة، مثل العمل في الورش الزراعية، وتمنعهن من متابعة التعليم أو الحصول على وظائف أفضل، هذا يضعف فرصهن في الحصول على وظائف ذات أجور جيدة وحماية قانونية.
إضافة إلى ذلك، تعاني النساء العاملات من قلة فرص العمل المتاحة، وصعوبة الموازنة بين العمل ورعاية الأسرة، ناهيك عن نقص وسائل النقل إلى أماكن العمل، حيث تعاني العاملات في القطاع الصحي مثلاً من معوقات تتعلق بالتغيب الطويل عن أسرهن بسبب جداول المناوبات التي تقتضي منهن الإقامة لأيام في المستشفيات عدا عن المسافات الطويلة للوصول لمكان العمل، بالإضافة إلى عدم وجود تأمين صحي حقيقي من الأمراض المعدية وغيرها والتي يمكن أن يتعرضن لها بسبب طبيعة عملهن وتعاملهن اليومي مع المرضى.
العمل حاجة أكثر من رغبة
بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، أصبح عمل المرأة في إدلب ضرورة ملحة، لكن الأجور المتدنية وقلة البدائل تجعل الوضع أكثر تعقيدًا. تلك النساء العاملات يمثلن قصة كفاح وصمود يومي، وفي ظل تلك الظروف، فإن دعم هذه النساء وتمكينهن أمر حيوي لتحسين أوضاعهن المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية.