هل تعمل النسوية حقًا من أجل تحرير المرأة؟! هل تُؤمِن النسوية بالحرية أصلاً، أم أنها تتبنى مفاهيم ونظريات عن النساء وتحاول فرضها بكل عنف واستبداد؟!
بشكل عام لا تُؤمِن النظريات بالحرية؛ لأنها تنشأ من أجل إثبات قضايا معينة تُؤمِن بها وتنحاز لها تمامًا، والحرية الحقيقية هنا هذا الانحياز للمعتقد، لكنه يخرج من إطار كونه حرًا عندما يصبح تسلطيًا لا يقوم على الدعوة، إنما على الإجبار وعلى التنميط وعلى السخرية من الآخرين، الذي لا يؤمنون بمبادئ وقضية النظرية التي هي محل الانحياز الحر.
وتضيق مساحة الحرية عندما تصبح هذه النظرية مفهومًا محدد المعالم، ويتحول المفهوم إلى تيار متماسك يلتزم بمعايير معينة، طبعًا للناس حرية الانتماء إليه، لكن ليس لهذا المفهوم حرية تنميط الناس بمعاييره، وإجبارهم عليها بوسائل عنيفة المضمون وإن كانت براقة شكليًا، كالمال مثلاً، والمكانة الاجتماعية، والتمثيل السياسي، الذي يُحرم منه النساء اللواتي لا ينتمين للنسويات، أو يعاملنَ بطريقة غير لائقة ومستهجنة.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
النسوية تحاول تحرير المرأة من سلطة الرجل، كما تقول عن نفسها، لكنها تضع المرأة تحت استبداد وسلطة امرأة أخرى تحدد لها مفهوم هذه الحرية، وكيف يجب أن تتصرف لتكون حرة.
النسوية لا تحترم حق المرأة وحريتها في أن تكون سيدة منزل، ولا تعامل ربات البيوت كنساء راقيات مؤثرات في المجتمع، وتستهجن حياة الأمومة وخدمة العائلة وتعدها نوعًا من أنواع الظلم الذي يستدعي الشفقة، بينما يقول التاريخ والسنن الكونية بأن دور المرأة في بيتها يكاد يكون الأعظم تأثيرًا في تاريخ البشرية، والحل ليس بإلغائه إنما بتسليط الضوء عليه، وإعادة الأم إلى مكانتها العظيمة في رأس الهرم الاجتماعي كما حددتها الديانات السماوية.
النسوية تحمل المرأة لتكون جارية امرأة أخرى لاهثة وراء المال عبر بيع جسدها عندما تقرر أنها حرة بالتصرف به بشكل كامل ضمن مجتمع استهلاكي لم تتغير فيه النظرة للنساء أبدًا، ولا حتى في أرقى المجتمعات الغربية التي لازالت تستخدم المرأة للترويج للسلع الاستهلاكية.
اقرأ أيضاً: من يهادن طالبان لن يواجه طهران
النسوية عندما تستخدم المال واللذة والرفاه والسلطة والدعم الدولي من أجل الترويج لما تؤمن به، وتعامل الآخرين باحتقار ودونية وشفقة أحيانًا بالاستناد لتلك القوة، فهي تمارس استبدادًا عنيفًا وقاسيًا، وتغييرًا اجتماعيًا خطيرًا ومدمرًا في مجتمعات لم تتعرف بعد على النظرية بشكل كامل وهي مختلف في طبيعتها عن المجتمعات التي انتجت النظرية وما زالت فاشلة في مجتمعاتها الأصلية إلى حد كبير.
إن النسوية في النهاية ليست دعوة للتحرر، بل هي دعوة لنظام استعباد جديد للنساء قائم على جعل المرأة سلعة استهلاكية ضمن قيم تدعي الحرية ومدعومة اجتماعيًا، بدلاً من النظام القديم الذي كان يستهلكها ضمن قيم العبودية المباشرة.
خلاصة الأمر أن الجارية كانت تباع وتشترى كسلعة يُشار إليها بدونية، أمّا نسوية اليوم فهي تباع وتشترى بطريقة جديدة ويشار إليها نفاقًا بالإعجاب والإطراء والإشادة.