أقام مركز حرمون للدراسات والبحوث المعاصرة ندوة بعنوان: “أثر النزوح والدمار المجتمعي”، وذلك ظهر يوم أمس السبت في مدينة الدانا شمال محافظة إدلب، بحضور سيدات من المجتمع المحلي وإعلاميين من عدة جهات.
وحضرت الندوة شريحة من النساء عاصرنَ معاناة النزوح بتجاربهنَّ الخاصة أو شاهدتهنَّ للواقع من حولهنَّ، وشاركنَ بآرائهنَّ لإعطاء صورة عامة عن واقع النزوح السوري وما خلفه من آثار على كافة الصعد.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
التقت صحيفة حبر (مروة خطاب) وهي محاضِرة في الندوة و مختصة في الإرشاد النفسي، لتحدثنا عن المحاور التي تم تسليط الضوء عليها، وأهمية مشاركة فئة النساء بها.
(مروة) حدثتنا عن ضرورة طرح مواضيع حساسة كأثر النزوح على فئات المجتمع التي تخص أكثر من مليون نازح في الشمال السوري من رجال ونساء وأطفال بشكل خاص والعوامل التي ساعدت على هجرتهم.
وأشارت خلال الجلسة إلى تبعات النزوح الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، كتفكك الأسرة، وتفرق العائلة، وزيادة حالات الطلاق، وزواج القاصرات، وتسرب الأطفال من المدارس، و البطالة، وعدم الاندماج مع أقرانهم، وتعلقهم بالأجهزة المحمولة ومقاطع اليوتيوب، وماتركته من مشكلات لدى النازحين من جراء واقع ممتلئ بالمأساة وسط الأوضاع القاسية التي عاناها سكان المحرر ومازالوا يعانون منها، والتحولات المفاجئة التي طرأت عليهم قبل النزوح وبعده.
اقرأ أيضاً: مشافي دمشق مكتظة بمصابي كورونا ولا حلول متوفرة
وفي لقاء مع إحدى الحاضرات ( فاطمة الخطاب)، وهي عاملة في إدارة الحالة تقول : “دُعينا إلى هذه الندوة تحت رعاية مركز حرمون للمشاركة الحية بتجاربنا الشخصية أو تجارب لأشخاص من حولنا عاشوا المعاناة النفسية التي عاصرها غالبية النازحين في الشمال السوري التي كانت موجودة سابقًا، لكن بنسب قليلة جدًا، حيث كانت توصف بالجنون أو فقدان العقل، أما اليوم و بعد اهتمام المنظمات بالجانب النفسي بدأت الناس تهتم بموضوع الصحة النفسية؛ لأننا نعيش في وقت حرب وأزمات تتيح الفرصة لتلك الحالات بالطفو على السطح.”
وتتابع قولها:” من آثار النزوح أيضًا التعرض لخسارة المكانة الاجتماعية بعد النزوح، حيث ولّد الكثير من الآثار النفسية، فنرى في كثير من الأحيان معلمًا كبيرًا في السن فقد مكانته الاجتماعية نتيجة نزوحه بعد أن كان له قيمته الفكرية والاجتماعية بين الناس، واليوم أصبح عاطلاً عن العمل وينتظر السلة الغذائية بسبب توقفه عن العمل وتدمير النظام للبنى التحتية.”
( منار محمد) صيدلانية من بين النسوة الحاضرات تحدثنا عن تجربتها خلال النزوح بقولها :” نزحت قبل مايقارب عامين مع زوجي من مدينة كفرنبل في طروف صعبة جدًا، ولم نستطع إخراج أي شيء من ممتلكاتنا حينها، رغم أنني كنت أملك صيدلية تحتوي أكثر من ٩ آلاف دولار ثمن أدوية، وبعد أيام قليلة فكر زوجي بالعودة لترحيلها مع القليل من الأمتعة التي نحتاجها، وبعد ذهابه لم أره منذ ذلك الحين ولا أعرف إن كان حيًا أو مخطوفًا أو ميتًا.”
اقرأ أيضاً: الكوميديا السوداء وترسيخ المطاوعة
الجدير بالذكر أن الأهالي لم تقتصر خساراتهم بعد النزوح على الأمور المادية فحسب، بل تعدى ذلك لفقدان الأروح، وهناك سلسلة أيضًا من المشكلات الاجتماعية التي تواجههم أبرزها انتشار العصابات الإجرامية واستفحال القتل، مما أدى بدوره إلى خلل كبير في بنية الأسرة السورية ووظائفها.
وانعكس التدمير الكلي على الواقع الاجتماعي بحدّة فحرف شرائح بشرية عن تأمين متطلبات الحياة الرئيسية أو الحصول على مدخول كافي لأمنها الغذائي أو الصحي.
وأحدث النزوح السوري ضررًا كبيرًا في حياة المدنيين وزاد مدة النزوح معاناتهم، ولايوجد أي حل يلوح بالأفق للتخفيف من معاناتهم في المخيمات خصوصًا، ومايزال المستقبل مجهولاً، إذ يوجد أكثر من ١١ مليون سوري بحاجة مساعدات إنسانية بحسب الوكالات الأممية والمنظمات الإنسانية العاملة في الشأن السوري.