تحذيرات متبادلة بين تركيا و إيران على خلفية الملف السوري

شهدت العلاقات التركية-الإيرانية تصعيدًا دبلوماسيًا جديدًا، تمثل في استدعاء السفراء وتبادل التحذيرات العلنية، مما يعكس استمرار التوتر بين البلدين حول قضايا إقليمية، وعلى رأسها الملف السوري ودعم الجماعات المسلحة الكردية. يأتي هذا التوتر بعد تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، التي انتقد فيها السياسات الإيرانية في سوريا، محذرًا طهران من دعم ميليشيات “YPG/PKK”، وهو ما اعتبرته إيران تدخلًا غير مقبول في شؤونها الإقليمية.

تحذيرات تركية: “لا تلعبوا بالنار”

في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية، وجّه هاكان فيدان انتقادات حادة لسياسات إيران في سوريا، معتبرًا أن دعمها لبعض الجماعات المسلحة، وخاصة “وحدات حماية الشعب الكردية” (YPG) المصنفة كإرهابية في تركيا، يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي التركي.

اقرأ أيضاً: جنبلاط يتهم إسرائيل بتوظيف الدروز لخدمة مخططاتها

وقال فيدان: “إذا كنتَ تسعى لإثارة الفوضى في بلدٍ ما من خلال دعم جماعات معينة، فقد تواجه ردًا مماثلًا”، ملمحًا إلى إمكانية دعم أنقرة لمجموعات معارضة داخل إيران ردًا على أي تدخل إيراني مماثل في سوريا والعراق.

كما أكد أنقرة لن تسمح لأي طرف باستخدام سوريا كقاعدة لتهديد أمنها القومي، مضيفًا أن على طهران مراجعة سياساتها في المنطقة بدلًا من السعي وراء نفوذ عسكري يعمّق حالة عدم الاستقرار.

إيران تردّ بغضب: “تصريحات غير مقبولة”

ردّت وزارة الخارجية الإيرانية سريعًا على تصريحات فيدان، معتبرة أنها “غير مسؤولة”، وأكدت أنها لن تقبل بأي تهديد تركي لمصالحها الإقليمية. وأعلنت طهران استدعاء السفير التركي، في خطوة دبلوماسية تشير إلى احتدام الأزمة بين البلدين.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب اضغط هنا

كما شددت إيران على أن سياستها في سوريا والعراق ترتكز على “محاربة الإرهاب” وليس دعم أي جماعات مسلحة، مشيرة إلى أن الاتهامات التركية مجرد مزاعم لا أساس لها.

النفوذ الإيراني يتراجع.. وتركيا تعزز مكاسبها

يأتي هذا التصعيد في ظل تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ما منح تركيا فرصة لتعزيز تواجدها هناك، خاصة عبر التعاون الأمني مع الحكومة الجديدة في دمشق.

في المقابل، لا تزال إيران تحاول تعزيز نفوذها عبر دعم الجماعات المسلحة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، خاصة على الحدود العراقية-التركية، وهو ما تعتبره تركيا تهديدًا مباشرًا يجب وضع حدٍّ له.

التوترات الدبلوماسية: استدعاء السفراء وتحذيرات متبادلة

ردًا على التصعيد التركي، قامت إيران باستدعاء السفير التركي في طهران، فيما ردّت أنقرة باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني في أنقرة، في خطوة تعكس تعمّق الأزمة بين الجانبين.

وأكدت الخارجية التركية أن هذه القضايا يجب معالجتها عبر القنوات الدبلوماسية المباشرة، وليس عبر التصريحات العلنية، داعية إيران إلى ضبط سياساتها الإقليمية بما يخدم الاستقرار المشترك.

تركيا وإيران.. صراع على النفوذ في سوريا والعراق

لا يقتصر الخلاف بين أنقرة وطهران على سوريا فقط، بل يمتد أيضًا إلى العراق، حيث تتهم تركيا إيران بتوسيع نفوذها على حساب المصالح التركية، خاصة عبر دعم بعض الفصائل المسلحة التي تتخذ مواقف عدائية تجاه أنقرة.

كما تعتقد تركيا أن إيران تسعى لإضعاف دورها في سوريا عبر تقديم الدعم لـ”قسد” في الشمال السوري، رغم عدم وجود تحالف واضح بين طهران والقوات الكردية، مما يعكس تعقيد المشهد الإقليمي والتنافس المستمر بين القوتين الإقليميتين.

هل يتحول التوتر إلى مواجهة مباشرة

رغم تبادل التصريحات الحادة، يستبعد الخبراء أن يصل التوتر بين تركيا وإيران إلى مواجهة عسكرية مباشرة، حيث يدرك الطرفان أهمية الحفاظ على التوازن في العلاقات الثنائية، خاصة مع استمرار المصالح الاقتصادية والتجارية بينهما.

لكن في الوقت نفسه، يبدو أن الصراع على النفوذ في سوريا والعراق سيظل نقطة خلاف رئيسية، قد تؤدي إلى مزيد من المواجهات غير المباشرة في الفترة المقبلة، سواء عبر حروب بالوكالة أو تعزيز النفوذ العسكري لكل طرف في المناطق التي يراها استراتيجية لأمنه القومي.

أنقرةإيرانالعراقتركياحزب PKK الإرهابيسورياقسد