عبد الحميد حاج محمد |
يتساءل الكثير من السوريين حول مصير اللجنة الدستورية السورية بعد الجولة الـ 15 من مسار آستانة، التي أكدت أهمية استمرار اللجنة، في المقابل يستمر نظام الأسد بتعطيل أعمال اللجنة الدستورية.
ولبحث آخر ما وصلت إليه أعمال اللجنة الدستورية وإلى أي جانب تسير، التقت صحيفة حبر الأستاذ (هادي البحرة) الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن طرف المعارضة.
بدايةً أستاذ هادي إلى أين تسير اللجنة الدستورية بعد الجولة الأخيرة من آستانة؟
“كما يعلم الجميع اللجنة الدستورية شكلت كإسهام في العملية السياسية في سورية وفي تطبيق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥ وتقع تحت ولايته، وتجتمع في جنيف وبتيسير من الأمم المتحدة، وهي أحد المكونات الأربعة للعملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن.”
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام بالضغط هنا
ويضيف (البحرة) أنهم وضحوا في مؤتمر صحفي رسمي بعد نهاية الدورة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، أن المتسبب في إعاقة أعمال اللجنة الدستورية هو النظام.
وتابع أنهم قاموا بواجبهم الوطني وبذل أقصى الجهد لإنجاح عمل اللجنة الدستورية، لكن ذلك لا يعني أن السماح للنظام بتعطيلها ومنعها من ممارسة ولايتها، واردف البحرة بقوله: “تابعنا اجتماع مجلس الأمن الأخير بجلسته المغلقة، ومن ثم تابعنا بيان مؤتمر آستانة الأخير وما ورد فيه، ومانزال نتابع اجتماعات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية في موسكو، ولاحقًا سيزور دمشق ودولًا أخرى، وبعد انتهائه من جولاته سنستمع منه لما توصَّل إليه من نتائج، وعلى ضوئها سنحدد توجهاتنا.”
وصرحت المعارضة السورية سابقًا أن نظام الأسد استمر في تعطيل خمس جولات من مباحثات اللجنة الدستورية، وهو ما يدعو السوريين للتساؤل: ما هي الدواعي التي تدفع المعارضة للاستمرار باللجنة الدستورية التي يرفضها النظام؟
يجيب (البحرة): “إن المعركة حاليًا هي معركة سياسية، تصبُّ فيها جهودنا في المسارات الرديفة وهي المسار الدبلوماسي والمسار الاقتصادي (العقوبات)، والمسار القانوني (العدالة والمساءلة والمحاسبة)، واللجنة الدستورية هي الساحة الرئيسة فيها حاليًا، وبالتالي يجب أن نعي أهمية اللجنة وموقعها في العملية السياسية ككل.” ووضحها البحرة بالتالي:
– هي الجزء الحي حاليًا من العملية السياسية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥ التي يوجد توافق دولي بخصوصها، والنظام يهدف لتعطيل ذلك القرار وتجاوزه، وبالتالي تجاوز أهداف وتطلعات الشعب السوري السياسية والقانونية والانسانية، وتحويل المفاوضات إلى مفاوضات عسكرية وأمنية وتبادل مصالح بين النظام وباقي الدول.
– النظام لم يقبل الدخول فيها طوعيًا، إنما تم استخدام ضغوط روسية عليه للقبول بذلك بعد حدوث توافق أمريكي – روسي أولاً، ومن ثم توافق دولي وإقليمي.
اقرأ أيضاً: انتحاري يفجِّر نفسه في مجلس عزاء تابع للجيش الوطني شرق حلب
– لم يتمكن النظام وداعموه من حصاد مكاسب سياسية بنسبة مكاسبهم العسكرية في العملية السياسية، حيث كانت حصتهم ثلث اللجنة الدستورية، بينما نسبة سيطرتهم العسكرية على الأرض كانت ستين بالمئة.
– بمجرد قبول حكومة النظام بتشكيل اللجنة والاتفاق عليها وعلى اختصاصاتها ولوائح نظامها الداخلي وولايتها، فهو قبل بتجاوز دستور ٢٠١٢ في عدة مواد منه.
– إن ولاية اللجنة واختصاصاتها محددة بشكل واضح، وبالتالي حيز المراوغة عند النظام ضيق ولا يمكنه الاستمرار بالإعاقة والتعطيل لزمن طويل.
– إن لم ينساق النظام لإنجاز مهام اللجنة، سيعدُّ ذلك مؤشرًا واضحًا وإثباتًا على أنه من المحال أن ينساق لإنجاز أي اتفاق بخصوص السلال الأخرى، ولا سيما سلة “الحكم الانتقالي”.
– هذا ما سيعيد الملف إلى ساحة مجلس الأمن وإلى الدول ذات العلاقة، لأخذ الاجراءات اللازمة، لتطبيق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ بسبل إلزامية، إن وُجدت الإرادة الدولية.
– بالتالي نستطيع القول إنه في حالة إنجاز اللجنة لمهمتها، فذلك سيحدِث عملية انتقال سياسي منظَّم وعبر الدستور والقوانين المنبثقة عنه، وفي حال إفشالها بشكل واضح من قبل النظام، فذلك سيعيد الملف إلى مجلس الأمن ويؤدي إلى اتخاذ الإجراءات كما ذُكِر في البند السابق.
اقرأ أيضاً: آستانة 15.. هل تلبي تطلعات الشعب السوري أم تخدم الأسد
وحول موقفهم من الانتخابات التي يروِّج لها نظام الأسد يجيب البحرة: “أي انتخابات تجري قبل التطبيق الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥، هي انتخابات لا شرعية ولا قيمة لها.”
وأشار إلى أن “ذلك تأكيدًا من النظام لعدم وجود أي نوايا أو إرادة للانخراط الإيجابي في العملية السياسية، وهو تكرار لِما حصل في العام ٢٠١٢ حين فصَّل النظام دستورًا على مقاسه، ثم أجرى انتخابات العام ٢٠١٤، كما أجرى انتخابات ما يسمى بمجلس الشعب العام الماضي، وكل ذلك يُثبت صحة موقفنا بأن كل تلك الإجراءات ستؤدي للمزيد من المعاناة وإطالة أمد المأساة الإنسانية.”
ولفت إلى أن هذه الانتخابات إن جرت فلا شرعية لها، وتثبت أن النظام لا يهتم لمعاناة السوريين ولا لاستعادة وحدة الوطن وسيادة الشعب على كامل أراضي دولته، ولا بالقضاء على الفساد، ولا بتنفيذ قرارات مجلس الأمن.
ما سبب استمرار معاناة السوريين؟!
يقول البحرة: “إن سبب المعاناة والمأساة هو استمرار نظام الاستبداد وارتباطه الوثيق بالإرهاب المستورد والمصنع، فكلاهما يبررا استبدادهما وجرائمهما بحق المدنيين بوجود الآخر، هناك ترابط عضوي بين الاستبداد والإرهاب، فالحبل السري الذي يربط بينهما هو الفساد، الذي وصل لحد التهام كل سبل الحياة المتبقية للسوريين، حتى وصل إلى قوت يومهم.”
وحول العرض الذي قدمته روسيا للعمل مع المعارضة أجاب:
“كوننا لا نشارك في اجتماعات آستانة، وهي تختص بشكل أكبر بالمواضيع العسكرية والأمنية، وبكل صدق حتى اللحظة لا نرى أن ذلك يتحقق، كما أن فشلهم الذريع في تحقيق إنجازات ذات قيمة في ملف المعتقلين، لا يساعد على بناء الثقة بين أطراف المعارضة التي شاركت وروسيا كدولة من الدول المشاركة على الرغم من الجهود والمساعي التركية. ”
ويوضح أن أولى اهتماماتهم في ذلك المؤتمر هو استمرار تفاهمات الدول المشاركة بخصوص وقف إطلاق النار، وضمان سلامة المدنيين في شمال غرب سورية، ونتطلع إلى انتقالهم باتجاه تثبيتها باتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار، كما وضع آليات صارمة للرقابة على تنفيذه، ومن ثم وضع آليات تكفل العودة الطوعية والآمنة والكريمة للنازحين واللاجئين إلى مناطق سكنهم الأصلية، مع ضمان أمنهم وسلامتهم المستدامة وتأمين المستلزمات الأساسية لحياة كريمة، وهذا يستوجب دورًا أكبر للمؤسسات والهيئات الإغاثية والإنسانية الدولية ولاسيما تلك التابعة للأمم المتحدة، وهذه العودة يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من تطبيق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥.