عبد الله علي حاج درويش |
ظهر كتاب العقد الاجتماعي مع كتاب (إميل) لمؤلفهما جان جاك روسو سنة 1762، ويسمى (مبادئ الحقوق السياسية)، وهذا العنوان توضيح لعنوان العقد الاجتماعي.
وقد ظهر الكتاب في وقت لا يستطيع كل أحد الجهر بأي رأي حر، فكان طرحه جريئًا، وقد تحققت أكاره في الثورة الفرنسية بعد ثلاثين عامًا، فكان إنجيل الثورة الفرنسية.
يتألف الكتاب من أربعة أبواب: وسيكون حديثنا حول الباب الثالث الذي يتكون من 16 فصلاً لما له من أهمية:
الفصل الأول: الحكومة على العموم
الحكومة: هيئة متوسطة قائمة بين الرعايا والسيد ليتواصلا، وموكول إليها تنفيذ القوانين وصيانة الحرية المدنية والسياسية.
الفصل الثاني: المبدأ الناظم لمختلف أشكال الحكومة
كلما زاد عدد الحكام ضعفت الحكومة، ويمكن لشرح ذلك أن نميز بشخص الحاكم ثلاث إرادات مختلفة جوهرًا، هي:
- إرادة الفرد الخاصة: التي تهدف إلى نفعه الخاص.
- إرادة الحكام المشتركة: التي تعمل في نفع الأمير فقط، ويمكن تسميتها (إرادة الهيئة)، وهي عامة نظرًا للحكومة، وخاصة نظرًا للدولة.
- إرادة الشعب: أو إرادة السيد، وهي عامة نظرًا للدولة أكثر من الحكومة.
الفصل الثالث والرابع والخامس والسادس: تقسيم الحكومات، وتوضيح كل قسم
- يمكن للسيد (الشعب) أن يفوض جميع الشعب أو إلى أكبر قسم منه، عبء الحكومة، وشكل الحكومة هنا (الديمقراطية).
- يمكن للسيد أن يحصر الحكومة في يد عدد قليل، ويطلق عليها (الأرستقراطية).
- يمكن أن يجمع جميع الحكومة في يد حاكم منفرد (الملكية).
الفصل السابع: الحكومات المركبة
لا حكومة بسيطة بحصر المعنى، فلا بد للرئيس من حكام تابعين، ولا بد للحكومة من الشعبية من رئيس، وهكذا يوجد في توزيع السلطة التنفيذية دائمًا تسلسل من العدد الأكبر إلى الأقل، ويكون التوزيع متساويا أحيانًا(إنكلترا).
والحكومة البسيطة هي الأصلح بنفسها عن كونها بسيطة فقط.
الفصل الثامن: لا يلائم كل شكل للحكومة جميع البلدان
إن الاستبداد يجعل الرعايا بائسين للحكم فيهم بدلاً من الحكم فيهم ليكونوا سعداء.
إن الشعي الكثير العدد كلما تدانى قلّت استطاعة الحكومة أن تعتدي على السيد، وعلى العكس لا تعمل قوة الشعب إلا مجتمعة، وهي تزول بتمددها، وهكذا فإن أقلّ البلدان سكاناً أصلح للطغيان.
الفصل التاسع: علامات الحكومة الصالحة
إن الحكومة التي يعمرها المواطنون، ويزيدونها أكثر من قبل، وذلك من غير عون خارجي، أو تجنيس، أو جاليات، هي أصلح الحكومات، وإن الحكومة التي يقلّ عدد رعاياها، أو يفنون هي أسوءها.
الفصل العاشر: إساءة استعمال الحكومة وتدرجها إلى الانحطاط
كما أن الإرادة الخاصة تسير بلا انقطاع معاكسة للإرادة العامة، تقوم الحكومة بجهد مستمر ضد السيادة، وكلما زاد هذا الجهد فسد النظام، ويضطهد الأمير السيد ويلغي العهد الاجتماعي.
الفصل الحادي عشر: موت الهيئة السياسية
إن للدولة المنظمة نهاية، لكن هذه النهاية تأتي متأخرة عن غيرها مالم يؤدِّ حادث مفاجئ إلى هلاكها قبل الأوان.
الفصل الثاني عشر: كيف تدوم السلطة صاحبة السيادة؟
وفي حال كانت الدولة مشتملة على مدن كثيرة، فهل تقسم السلطة صاحبة السيادة؟ أم تحشر في مدينة واحدة وتسخر لها المدن الأخرى؟
الجواب: لا هذا ولا ذاك وذلك لسببين:
- أن السلطة صاحبة السيادة بسيطة وواحدة، فلا يمكن أن تقسم من غير أن تقوّض.
- أن المدينة كالأمة، لا يمكن أن تسخر شرعيًا لأخرى، لأن جوهر الهيئة السياسية هو في توافق الطاعة والحرية، ولأن كلمتي (التابع والحرية) صلتان متحدتان ذاتًا ومعنىً، فتجتمع فكرتهما في كلمة المواطن الواحدة.
إذا ما اجتمع الشعب اجتماعًا شرعيًا كهيئة ذات سيادة انقطع كل قضاء للحكومة، ووقفت السلطة التنفيذية، فشخص آخر مواطن هو من التقديس والحرمة كأول حاكم.
الفصل الثالث عشر: نوّاب أو ممثلون
عندما تنقطع الخدمة العامة عن كونها عمل المواطنين الرئيس، ويفضل هؤلاء قيام ما لهم مقام أشخاصهم، تكون الدولة قريبة من سقوطها.
وكلما كان نظام الدولة صالحا فُضّلت الأعمال العامة على الأعمال الخاصة في نفوس المواطنين، ولا أحد في الحكومة السيئة يود أن يتقدم خطوة إليها.
الفصل الرابع عشر: كون نظام الحكومة ليس عقدًا مطلقًا
إذا أقيمت السلطة الاشتراعية جيدًا، فتقام السلطة التنفيذية المنفصلة عن الاشتراعية بحكم الطبيعة، وإذا كان من الممكن كون السيد صاحب السلطة التنفيذية فإن الحق والواقع هما من الاختلاط ما لا يعرف معه ما هو قانون وما ليس بقانون، فلا تلبث الهيئة السياسية المحرفة أن تصبح فريسة العنف التي أقيمت ضده.
الفصل الخامس عشر: نظام الحكومة
تحت أي مبدأ يجب تصور العمل الذي قامت به الحكومة؟
يلاحظ روسو هنا أن هذا العمل مركب من عملين، هما: وضع القانون، وتنفيذ القانون.
ففي العمل الأول (وضع القانون): يقرر السيد وجود هيئة للحكومة قائمة تحت هذا أو ذلك الشكل، ومن الواضح كون هذا العمل قانونًا.
وبالعمل الثاني (تنفيذ القانون): يعين الشعب الرؤساء الذين يقومون بالحكومة القائمة، وهذا التعيين ليس قانونًا آخر لكونه عملاً خاصاً، إنما هو تابع للأول ووظيفة للحكومة، أي نظام الحكومة ليس عقدًا، بل قانونًا، والقائمين على السلطة التنفيذية ليسوا أولياء الشعب بل موظفوه.
الفصل السادس عشر: وسيلة منع اغتصاب الحكومات
إن منع إقامة المجالس الشعب الدورية تؤدي إلى اغتصاب الحكومات ذات السيادة عاجلاً أم آجلاً.
والمجالس الدورية صالحة لتلافي هذه المصيبة أو لتأخيرها، ولا سيما عند عدم احتياجها إلى دعوة رسمية، وذلك لأن الأمير لا يستطيع منعها عند ذلك إلا إذا جاهر بأنه ناقض للقانون وعدوّ للدولة.
ويجب في كل وقت افتتاح هذه المجالس التي تهدف إلى حفظ الميثاق الاجتماعي وفق مطلبين:
- هل يود السيد أن يحافظ على شكل الحكومة الحاضر؟
- هل يود الشعب أن يترك إدارته لمن يقومون بها حاضرًا؟
ولا يوجد قانون أساسي في الدولة لا يمكن إلغاؤه ولو كان الميثاق الاجتماعي.